بلومبرغ: تعامل تركيا مع إقبال أشبه بجمهورية موز

بلومبرغ: تعامل تركيا مع إقبال أشبه بجمهورية موز


رأى الكاتب في الشؤون الاقتصادية الآسيوية في شبكة بلومبيرغ دانيال موس أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يستطع تحمل أكثر من أربعة أشهر من الاستقامة في السياسة النقدية، فأقال حاكم البنك المركزي ناجي إقبال. وعين أردوغان مناصراً للفوائد المنخفضة شهاب كاوجي أوغلو في مباركة لوقف بعض الدواء القاسي الذي وصفه إقبال خلال ولايته القصيرة لمواجهة التضخم. والحاكم الجديد كان منتقداً للمسار الذي سلكه سلفه. ويبدو أن أردوغان مستعد لتقويض الاستقرار النسبي الذي شهدته الليرة التركية، بفعل رفع إقبال أسعار الفائدة بطريقة متدرجة لكن قوية.

لم يعطِ التضخم الجامح الحاكم السابق الكثير من الخيارات. ولن يتوقف التضخم فقط لأن هنالك حاكماً جديداً للبنك المركزي بحسب موس.
قيل الكثير عن رفع إقبال لأسعار الفائدة بمئتي نقطة أساس الأسبوع الماضي، وهو رقم بلغ ضعفي ما توقعه الاقتصاديون. والواضح، أنه خاطر باستفزاز أردوغان الذي يملك نظرة غير مستقيمة إلى أسعار الفائدة المرتفعة، فهو يظن أنها تسبب التضخم عوض لجمه.
مع ذلك، قلة من القيادات أمكنها أن تكون مرتاحة لرفع أسعار الفائدة بـ 875 نقطة أساس منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ويصبح هذا الأمر أكثر واقعية مع أردوغان الذي يتعامل اليوم مع الحاكم الرابع للبنك المركزي التركي في أقل من عامين.

يضيف موس أن معدل الفائدة الأساسي في تركيا هو عند 19% وهي نسبة مرتفعة ليمتصها أي اقتصاد أونظام سياسي.
بالنسبة إلى تركيا، كسب إقبال الأسواق دون الحاجة إلى تخطي التوقعات في 18 مارس (أذار). وتحت حاكميته، تحولت الليرة من أسوأ عملة أداءً في الأسواق الناشئة خلال الربع الثالث إلى واحدة من أفضلها في الأشهر الثلاثة الماضية.

ورجح أن تكون الزيادة الأخيرة في الفائدة أبعد من مجرد احتواء للارتفاع في الأسعار، كان القصد منها طعن قلب التضخم، الذي وصل إلى 15.6% في فبراير (شباط) الماضي. حتى أن زيادة متواضعة في أسعار الفائدة أمكنها الحفاظ على ثقة المستثمرين بالنظر إلى مدى مجهرية أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة وبعض الاقتصادات الناشئة.
يؤكد موس أنه بغض النظر عن مبالغة إقبال في قراره من عدمها، فإن لا شيئاً يبرر الطريقة غير المحنكة التي استُخدمت لإقالته بعد فترة قصيرة من تعيينه.

ووصف الكاتب وظيفة حاكم البنك المركزي التركي بأنها واحدة من أكثر الوظائف خطورة في الاقتصادات الدولية، مضيفاً “هذه هي الطريقة التي قد تتصرف بها جمهورية موز، لا عضو في مجموعة الاقتصادات العشرين الكبرى، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية».
وكان توقيت إقالة إقبال في الساعات الأولى من صباح السبت يعني أن أردوغان توقع اضطراب السوق بسبب ذلك، وانخفضت الليرة بشكل كبير يوم الاثنين.
وفي محاولة لتخفيف مخاوف المستثمرين من احتمال السيطرة على رأس المال أو الليرة، قال وزير الخزانة لطفي إلفان إن تركيا ستظل ملتزمة بالأسواق الحرة، وبنظام الصرف الأجنبي الليبيرالي.

مكمن المأساة
إن مأساة رحيل إقبال حسب موس تكمن في أن آفاق الاقتصاد التركي لم تكن غير مؤاتية بالكامل. توسع الناتج المحلي الإجمالي 5.9% في الربع الرابع بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق، وبشكل أسرع من جميع اقتصادات دول مجموعة العشرين باستثناء الصين.
وحين حدثت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية توقعاتها للنمو العالمي هذا الشهر، كانت تركيا واحدة من أكبر الفائزين. سيرتفع الناتج القومي التركي إلى 5.9% هذه السنة، وهو رقم يقارب ضعفي التقدير السابق. وبذلك، تتقدم تركيا بشكل بارز على دول تمثل أيقونات في الأسواق الناشئة مثل إندونيسيا، والمكسيك، والبرازيل، رغم أن هذا الثلاثي لا يعاني من التضخم نفسه الذي يضرب تركيا.

بين الليرة وأردوغان
لا يعتقد موس أن الحاكم الجديد للبنك المركزي التركي سيعكس الاتجاه الحالي بالكامل ويعيد البلاد إلى ما كانت عليه حين تسلم إقبال مهامه.
كانت السياسة النقدية حينها في فوضى كاملة. وقد يبدأ كاوجي أوغلو  بالتراجع عن قرار الأسبوع الماضي الذي قضى برفع أسعار الفائدة، ربما قبل انعقاد لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي المتوقع في أبريل (نيسان) المقبل، ولن يكون ذلك دون كلفة.
ويستشهد موس بما كتبه زميله في بلومبيرغ زياد داود يوم السبت، الذي قال إن أي شخص في ذلك المنصب يواجه خيار خسارة إما الليرة وإما دعم أردوغان. وحسب موس، على الأقل يدرك كاوجي أوغلو من الذي يتحتم عليه إرضاؤه.