بكين وموسكو قد تفسران التزاماتهما بشكلٍ مختلف
تحرُّك بوتين النووي في بيلاروسيا يتعارض مع تعهداته للصين
من المستبعد أن تغير خطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لنشر أسلحة نووية في جارته بيلاروسيا التوازن الاستراتيجيّ في أوروبا، إلا أنها جعلته يناقض تعهُّداً قطعه على نفسه لنظيره الصيني شي جين بينغ قبل أيام قليلة.
وأعلنت روسيا والصين أنّ “جميع الدول التي تملك أسلحة نووية يجب أن تمتنع عن نشر تلك الأسلحة خارج حدودها” في بيانٍ مشترك في نهاية زيارة شي لموسكو الأسبوع الماضي.
وبعد ذلك، أعلن بوتين على التلفزيون الحكوميّ في وقتٍ متأخر من يوم السبت الماضي أنّ روسيا ستضع أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا لأول مرة منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، مُصراً رغم ذلك على أن هذه الخطوة لن تنتهك التزامات موسكو بعدم الانتشار النووي.
اجتماع بوتين وشي
ونقلت “بلومبرغ” عن طارق رؤوف، خبير سابق في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قوله إن “بيان بوتين يلقي بظلالٍ من الشك على نتيجة اجتماعه مع شي. فمن الواضح أنه يشير بإشارات نووية إلى جارته، في محاولة منه لتطمين جمهوره بأن روسيا على ما يرام، وأنّ الحرب في أوكرانيا تسير على ما يرام».
ويقول محللو منع الانتشار النووي إنه لا توجد أي عوائق تقنية تمنع روسيا من نشر أسلحة لتأمين المخابئ البيلاروسيَّة بحلول يوليو (تموز) المقبل. وقال بوتين إن منشآت التخزين ستكون جاهزةً بحلول غُرّة يوليو دون أن يشير إلى موعد إرسال روسيا لأسلحة نووية إلى أراضي حليفتها.
واستجابت واشنطن وحلفاء كييف في دول أوروبا الشرقية المتاخمة لبيلاروسيا ببرودة لمحاولة بوتين تصعيد المواجهة مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي. وانتقد مسؤولون في بولندا ودول البلطيق أحدث هجوم نووي لموسكو، بينما أصروا على أنّ نشر الأسلحة، إذا حدثَ حقاً، سيكون ذا أهمية رمزية إلى حدٍ كبير من الناحية الأمنية.
كالينينغراد
إن الأسلحة النووية الروسية متمركزة بالفعل في كالينينغراد، وهي منطقة معزولة تقع بين بولندا وليتوانيا، وأقرب جغرافيّاً إلى الأهداف العسكرية في بحر البلطيق وأوروبا الغربية مما لو كانت متمركزة في بيلاروسيا.
ومع تعثُّر القوات الروسية في شرق أوكرانيا، كانت زيارة شي لموسكو التي استغرقت ثلاثة أيام هي الأبرز منذ بدأ بوتين غزوه قبل أكثر من 13 شهراً، وأسفرت عن باقة من الاتفاقات الاقتصادية والنووية.
نوايا بوتين
وتشير نيَّة بوتين لإعادة الأسلحة النووية إلى بيلاروسيا إلى أنّ بكين وموسكو قد تفسران التزاماتهما بشكلٍ مختلف، إذ قال السفير الأمريكيّ السابق مايكل ماكفول إن في هذه الخطوة عدم احترام لشي واستخفافاً به.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ يوم الاثنين: “في ظل الظروف الحالية، تحتاج جميع الأطراف إلى التركيز على بذل جهود دبلوماسية نحو تسوية سلمية للأزمة الأوكرانية والتعاون لأجل تهدئة الأوضاع».
وقال بوتين إنه تم تجهيز عشر طائرات لحمل أسلحة نووية في بيلاروسيا. وصرَّح للتلفزيون الحكومي بأنه أمَرَ أيضاً بإرسال صواريخ “إسكندر” الروسية قصيرة المدى القادرة على حمل رؤوس حربية نووية إلى بيلاروسيا.
تخزين رؤوس نووية
لمَّا كانت بيلاروسيا جزءاً من الاتحاد السوفيتي، خزنت عشرات الرؤوس الحربية المتنقلة والأسلحة النووية التكتيكية في قواعد مختلفة خلال الحرب الباردة. والعوائق التقنية أمام تجديد تلك البنية التحتية محدودة، وفقاً لروبرت كيلي، الخبير الأمريكي السابق بالأسلحة النووية.
وسمح الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو لبوتين باستخدام أراضي بلده لشن الغزو الروسي على أوكرانيا في فبراير (شباط) من العام الماضي، ودعمَ باستمرار تصرفات الزعيم الروسي، غير أنه امتنع عن السماح لجيشه بالمشاركة في الحرب. ودافعَ بوتين عن قراره نقل أسلحة نووية إلى بيلاروسيا زاعماً أنّ الولايات المتحدة نشرتها منذ فترة طويلة في دول حلف شمال الأطلسي. فألمانيا وهولندا من بين الدول الحليفة للولايات المتحدة التي تستضيف أسلحة نووية على أراضيها.
رسالة تضامن
وغرَّدَ وزير الخارجية الليتواني غابرييليوس لاندسبيرجيس على تويتر قائلاً إن “روسيا تُبدي وهناً لا قوةً بتصرفها هذا. فالعقوبات الخطيرة المفروضة عليها ونشر قواتها في دول البلطيق والمزيد من أنظمة الدفاع الجوي والبحري على الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي ستبثُّ رسالة تضامن وتصميم لا خوفاً ومماطلة».