تحت رعاية رئيس الدولة.. خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل تخريج جامعة خليفة لعام 2025
ترامب قبل التنصيب.. انقسامات تهدد تحالفاته بسبب الهجرة
يعيش التحالف المؤيد للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب حالة من الانقسام المبكر بسبب اختلاف الرؤى حول موضوع الهجرة.
هذا الانقسام يعكس بشكل واضح التباين في المصالح والمواقف بين مختلف الأطراف الموالية له، وتظهر هذه الخلافات بشكل جلي في النقاشات حول كيفية التعامل مع قضايا الهجرة في المستقبل، وهو ما يعكس تناقضات عميقة في الحسابات السياسية والاقتصادية بين حلفاء ترامب.
انفجر هذا الخلاف في لحظة مفصلية، عندما أعلن رجل الأعمال فيفيك راماسوامي، المعين في الإدارة الجديدة لترامب، إلى جانب رجل الأعمال الشهير إيلون ماسك، عبر منصة «إكس»، أن الولايات المتحدة بحاجة إلى إعادة النظر في نوعية التأشيرات التي تمنحها للقادمين إليها.
وقد شدد راماسوامي على أن التركيز يجب أن ينصب على استقطاب اليد العاملة النوعية، المحترفة والقادرة على تقديم الإضافة النوعية للاقتصاد الأمريكي، وأكد أن معالجة الحالات الإنسانية يجب أن تكون أولوية أقل؛ لأن تلك الحالات تشكل عبئًا إضافيًّا على دافعي الضرائب الأمريكيين.
ويطابق هذا التصريح تمامًا ما تسرب من تصريحات سابقة لأصحاب الشركات الكبرى في قطاع التكنولوجيا، خاصة في وادي السيليكون، هؤلاء كانوا قد دعوا في وقت سابق إلى إعادة النظر في مسألة تحويل تأشيرات الدراسة للطلبة الأجانب، خاصة المتفوقون منهم، إلى إقامات دائمة، هذا التعديل، كما يرى بعضهم، يمكن أن يوفر لهم أيدٍ عاملة ماهرة داخل مؤسساتهم الخاصة، ويقدم حلولًا جاهزة لسوق العمل دون الحاجة إلى البحث عنها في الخارج.
حسابات الحملة الانتخابية
هذا الرأي، الذي طرحه راماسوامي، كان قد أشار إليه الرئيس المنتخب دونالد ترامب في مناسبة واحدة في أثناء الحملة الانتخابية، حينما استضافه في برنامج إذاعي في بداية حملته، لكن في تلك المرحلة، فضل ترامب عدم التركيز على هذه النقطة لضمان وحدة الصف داخل تحالفه السياسي وعدم تعميق الخلافات حول هذا الملف، ولذلك فقد قرر عدم إثارته مجددًا، مع أن القضية كانت قد تحولت إلى مسألة ذات أهمية متزايدة في النقاشات السياسية.
حتى الآن، لم يظهر ترامب أي موقف علني حاسم بشأن هذا الجدل الداخلي داخل تحالفه، لكن من الواضح أن دعوة راماسوامي تتلقى دعمًا من شريكه ماسك، الذي يعد أحد المستفيدين المحتملين من تعديل قوانين الهجرة في حال اعتمدها ترامب في السنوات الأربعة القادمة.
انقسامات
من جهة أخرى، هناك رفض قوي وصريح من قبل أحد كبار مؤيدي ترامب، وهو كبير مستشاريه السابق، ستيف بانون، الذي يعارض بشدة التعديلات المقترحة بشأن الهجرة، بانون يرفض هذا التوجه، مستندًا إلى فكرة أن المواقف تجاه قضايا الهجرة يجب أن تكون ثابتة وواضحة، ولا تقبل التجزئة في تفاصيلها، كما يؤكد أن المسألة تحتاج إلى إعادة نظر شاملة، وليس إلى تعديلات انتقائية لصالح فئة معينة.
بانون يعبر بهذا الموقف عن القاعدة العريضة من أنصار ترامب، الذين جعلوا من خطابه المعارض للهجرة جزءًا أساسيًّا من حملته الانتخابية لإعادة انتخابه، هؤلاء الأنصار يعدُّون الهجرة، وبالأخص تدفق المهاجرين عبر الحدود الجنوبية، تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الأمريكي، بسبب ارتفاع معدلات الجرائم التي يرتكبها بعض هؤلاء المهاجرين، فضلًا عن استغلال عصابات المخدرات للمعابر الحدودية في تهريب المواد المدمرة مثل الفنتانيل، التي تؤدي إلى وفاة أكثر من مئة ألف أمريكي سنويًّا، وفقًا للإحصاءات الرسمية.
طوال السنوات الأربع التي قضاها ترامب خارج البيت الأبيض، كان قد جعل من معارضة سياسات الإدارة الحالية للرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس قضية أساسية.
واتهم الإدارة الحالية بتدهور الوضع الأمني على الحدود الجنوبية، وكذلك بتوفير تسهيلات للمهاجرين غير النظاميين الذين دخلوا البلاد نتيجة للإجراءات المتساهلة على بوابات الحدود، هذه الخطابات أصبحت جزءًا من برنامجه السياسي، حيث ربط بين قضية الهجرة وأمن الولايات المتحدة بشكل مستمر.
من الناحية العملية، كان هناك حاجة ماسة ليد عاملة في الاقتصاد الأمريكي، خاصة في بعض القطاعات التي تعاني نقصًا في العمالة مثل القطاع الزراعي، حاولت إدارة بايدن إيجاد حلول تشريعية لهذه المشكلة عبر التعاون مع الكونغرس، إلا أن هذا الموقف قد فتح المجال لاتهام ترامب بأنه المسؤول عن تعطيل التشريع الذي كان من شأنه تقديم حلول لهذه المشكلة.
في هذا السياق، يتهم الديمقراطيون ترامب بتحمل المسؤولية المباشرة في تقسيم الصفوف داخل الكونغرس، كان الشيوخ الديمقراطيون والجمهوريون قد توصلوا إلى اتفاق بشأن تشريع للهجرة، لكن ترامب تدخل ودعا النواب المؤيدين له إلى رفض المصادقة على هذا المشروع، بحجة أنه لا يخدم مصلحته الانتخابية في تلك المرحلة، هذا التحرك كان هدفه حرمان إدارة بايدن من تحقيق إنجاز سياسي في تلك الفترة الحساسة من عمر السباق الرئاسي.
في الوقت الحالي، يواجه ترامب تحديًا دقيقًا بين تأييد اثنين من كبار حلفائه، ماسك وراماسوامي، الذين يمثلون مصالح شركات التكنولوجيا الكبرى، وبين القاعدة الشعبية الواسعة التي تدعمه، هذه القاعدة تفضل سياسات أكثر تشددًا فيما يتعلق بالهجرة، بما في ذلك فرض إجراءات متشددة على الحدود الجنوبية وتشديد فرص الحصول على تأشيرات دخول للولايات المتحدة، هذه المجموعة الغاضبة ترى أن تصريحات بعض مقربي ترامب ومساعيهم لتقديم مصالح شركاتهم في المقـــــــــام الأول تعكس مواقف بعيدة عن مصالح الشعب الأمريكي.
الديمقراطيون يترقبون
من الناحية الزمنية، يثير موقف ترامب قلقًا كبيرًا بين كبار مستشاريه، فالرئيس المنتخب لم يستلم السلطة بعد، ما يمنح الديمقراطيين فرصة هائلة للهجوم عليه، يمكنهم اتهامه بتغيير مواقفه التي عارض فيها سياسات الهجرة لسنوات، وذلك من أجل إرضاء جناح مقرب منه، على حساب رغبات الناخبين الذين أعادوه إلى البيت الأبيض لولاية ثانية، إذا ما حصل هذا التغيير في المواقف، فسيعزز الاتهامات ضد ترامب بتراجع عن وعوده الانتخابية.
الديمقراطيون يرون في هذه الخلافات الداخلية بين مؤيدي ترامب فرصة لتسليط الضوء على الانقسام السياسي داخل معسكره، ويستغلون الوضع لإظهار أن القضية الرئيسة، وهي الهجرة، لم تكن مرتبطة بالأمن القومي والمصالح العامة للأمريكيين بقدر ما كانت مجرد صراع بين الأجنحة السياسية المقربة من ترامب، وهذه الأجنحة تسعى كل واحدة منها لتقديم صيغة سياسية تعزز مصالحها الخاصة، حتى إن كانت على حساب المبادئ التي كان ترامب يروج لها في حملاته السابقة.
ترامب في منطقة صمت
حتى هذه اللحظة، لم يتخذ الرئيس ترامب موقفًا علنيًّا حاسمًا من الصراع القائم بين مؤيديه حول مسألة الهجرة، وهو بذلك يظل في منطقة الصمت، حيث لم يظهر أي اعتراض على مواقف حليفه إيلون ماسك أو التصريحات التي دعت إلى تعديل السياسات، يقول الديمقراطيون إن هذا الصمت قد يعكس ميلًا لدى ترامب لتبني مواقف ماسك، وهو ما قد يعمق الانقسام داخل تحالفه. في حال حدث هذا، فإن ذلك سيؤكد وجود انقسام كبير بين مختلف الأطراف التي أعادت ترامب إلى البيت الأبيض، ويرى الديمقراطيون أن هذا يثبت أن ترامب لا يزال يعتمد أساليبه القديمة نفسها، التي تتضمن تقديم وعود انتخابية كبيرة، ثم التراجع عنها بعد الوصول إلى السلطة، ما يضيف مزيدًا من الشكوك حول قدرة الإدارة الجديدة على تنفيذ ما وعدت به.