صفقة الجمارك والسلاح تربك موازين القوة

ترامب ينتزع «الاتفاق الكبير» مع الاتحاد الأوروبي

ترامب ينتزع «الاتفاق الكبير» مع الاتحاد الأوروبي


تمكن المسؤولون في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من تجاوز العراقيل التي كانت تهدد إبرام الاتفاق التجاري الأكبر، والذي نجح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التوصل إليه مع الأوروبيين، ليكون في صدارة إنجازاته المتعلقة بالرسوم الجمركية التي يراهن عليها ساكن البيت الأبيض.
وبحسب خبراء في تصريحات لموقع «إرم نيوز»، فإن أبرز تلك العراقيل تمثلت في تمسك ترامب بالعديد من اللوائح الحاكمة في مجالات الذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية، والتي كان الأوروبيون يرون أنها لا توفر الحماية الكافية للأطراف كافة، فضلًا عن رغبته في حماية المنصات الرقمية، خاصة في ظل وجود لوائح عقوبات وتدابير تتخذ عند وجود خدمات غير منضبطة، تتضمن فرض غرامات كبرى على تلك المنصات التي يعتبر جزء كبير منها أمريكيًّا. وقد جرى تجاوز هذه الخلافات من خلال التوصل إلى تفاهمات بين الجانبين، والاستقرار على تطبيق المعايير المعمول بها في هذه المجالات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ومن بين الأزمات الأخرى التي تم تجاوزها، وفقًا للخبراء، مسألة المنصات الرقمية التي تخضع لملاحقات قضائية من دول أوروبية، والمطالبة بدفع غرامات ضخمة. إذ أصرّ الأوروبيون على فصل هذه الغرامات المرتبطة بأحكام قضائية عن الاتفاق التجاري، لتبقى قائمة ومنفصلة عنه. جاء ذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي مؤخرًا أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة توصّلا إلى اتفاق تجاري هو «الأكبر على الإطلاق»، يشمل فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على التكتل.
وأكد ترامب، في تصريحات صحفية عقب الاتفاق، أن الاتحاد الأوروبي سيشتري عتادًا عسكريًا من الولايات المتحدة.
والتقى ترامب مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في تورنبري، باسكتلندا، يوم الأحد، لإبرام اتفاق ثنائي بشأن الرسوم الجمركية.
وقال أستاذ العلاقات الدولية الدكتور خالد شيات إن الاتفاق تم في ظل حاجة الطرفين التجارية، مع إصرار ترامب على الاستمرار في نهجه المتمثل في الاستفادة من كل دولة على حدة، كما حدث مؤخرًا في الاتفاق مع اليابان بقيمة 550 مليار دولار، وفرض رسوم على دول أخرى، والدخول في مفاوضات معها بشكل منفرد.
وأوضح شيات لـ»إرم نيوز» أن المنظومة المقابلة للولايات المتحدة اليوم لا تزال غير متماسكة بما يكفي للضغط على واشنطن تجاريًا، لذلك تمكنت الأخيرة من فرض رسومها البالغة 15%.
وأضاف أن المفاوضات التي سبقتها محادثات بين خبراء ووزراء من الجانبين، أسفرت عن استقرار في المعاملات التجارية وفق شروط أمريكية، تركّز على مستوى المداخيل ومحاربة العجز التجاري الأمريكي، وهو ما يتصدر التصور الاقتصادي لترامب، الذي يسعى لإعادة الولايات المتحدة إلى موقع الهيمنة التجارية العالمية.
وأشار شيات إلى أن هذا الاتفاق سيساهم في كبح جماح الصين، وسيكون من الاتفاقيات المهمة للولايات المتحدة، بينما لا يحمل القدر ذاته من الأهمية للأوروبيين، الذين سيتعين عليهم، بدءًا من أغسطس، التعامل مع الشروط الجمركية الأمريكية الجديدة.
من جانبه، يرى الخبير في الاقتصاد السياسي، علي شاهين، أن الاتفاق بين واشنطن وبروكسل كان متوقعًا قبل الأول من أغسطس، لأن كلا الطرفين بحاجة ماسة إلى بعضهما البعض، وكان لا بد من التوصل إلى توافق.
وأضاف شاهين لـ»إرم نيوز» أن حجم التبادل التجاري بين أوروبا وأمريكا يبلغ 1500 مليار دولار عند احتساب تجارة الخدمات، ويهدف الاتفاق إلى رفع هذا الرقم بنسبة 30% خلال الأشهر الستة الأولى، وأن تستحوذ الولايات المتحدة على 65% منه، ما يراه ترامب نقلة محورية تؤكد نجاح سياساته الاقتصادية ورسومه الجمركية، التي واجهت انتقادات داخلية كبيرة.
وأشار شاهين إلى أن الاتفاق سيمهّد الطريق أمام اتفاقيات تجارية جديدة مع دول كبرى أخرى، ما سيفتح أسواقًا جديدة للبضائع الأمريكية.
ولفت إلى أن اختلاف مستويات القيمة والإنتاج بين دول الاتحاد الأوروبي دفع بعضها إلى تقديم تنازلات لتسهيل التوصل إلى اتفاق جيد مع أمريكا، ما يمنح المنتجات الأوروبية حضورًا في السوق الأمريكية، ويمكّن المنتجات الأمريكية من دخول أسواق أخرى بشكل غير مباشر، وهو ما يُعد مكسبًا للطرفين.
واختتم بالقول إن بعض النقاط كانت تهدد الاتفاق في اللحظات الأخيرة، ولكن تم التوافق بشأنها من خلال تنازلات متبادلة، وعلى رأسها اللوائح المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والخدمات الرقمية، والغرامات المفروضة على المنصات الرقمية الأمريكية في أوروبا، والتي تم الاتفاق على فصلها عن مضمون الاتفاق التجاري.