تسريبات وصحافة فاسدة تفاقم أزمة مداهمة منزل ترامب
أكد المدعي العام ميريك غارلاند في مؤتمره الصحفي الأخير على تحري وزارة العدل أعلى معايير المهنيّة إذ قال: “... اسمحوا لي بأن أتناول الهجمات الأخيرة التي ليس لها أساس ونالت من مستوى مهنية عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي وعملاء وزارة العدل والمدعين العامّين. لن أقف مكتوف اليدين لا أحرك ساكنًا عندما تتعرض نزاهتهم إلى هجوم مُجحف».
وفي هذا الإطار، قال موقع “تيبانسايتز” الأمريكي في افتتاحيته: “الأحداث الأخيرة والتسريبات التي وقعت قبل وبعد بيانه بخصوص مُداهمة مكتب التحقيقات الفدرالي لا تزيد ثقتنا بوزارة العدل. ولنتأمل ما صرَّحَ به مصدر في وزارة العدل لمجلة نيوزويك إذ قال: أُبلِغ الأمريكيون بأنّ المدعي العام لم يكن على دراية بالمُداهمة، ولم يُطلب منه اعتمادها والموافقة عليها.»
في 10 أغسطس (آب)، أي بعد يومين من المداهمة، جاء في تقرير لمجلة نيوزويك أنّ المدعي العام ميريك غارلاند لم يكن المسؤول الذي وافقَ على المداهمة. وجاء في تقرير المجلة أنّ “المصدر البارز في وزارة العدل قال إن غارلاند كان يطَّلع بانتظام على التحقيق المُستند إلى قانون السجلات الرئاسية، وأنه كان على علم بهيئة المحلفين الكبرى والمواد التي كان المدعون الفدراليون يبحثون عنها. ومع ذلك، فقد أصرَّ على أن غارلاند لم يكن لديه علم مُسبق بتاريخ المُداهمة وتوقيتها، ولم يُطلب منه الموافقة عليها.»
غير أن تصريحات غارلاند في مؤتمره الصحافي الذي انعقد بتاريخ 11 أغسطس تتعارض مع هذا التقرير. فقد قال تعليقًا على ذلك: “صادقت بنفسي على قرار طلب مذكرة تفتيش في هذا الصدد.»
وقد صحَّحت مجلة “نيوزويك” اقتباسه بتاريخ 11 أغسطس في الساعة السادسة والنصف مساء إذ جاء فيها: حُذِف اقتباس أساءَ وصف دور غارلاند. وتأسف مجلة نيوزويك لهذا الخطأ.
وأضافت افتتاحية الموقع الأمريكي المتخصص في استطلاعات الرأي والمسوحات: “وما برحت أسئلة عديدة أُثيرت حول هذه الواقعة تدور في رؤوسنا. هل ضلَّلَ مصدر مجلة نيورويك المراسل الصحافي؟ أم هل أساء المراسل الصحافي استيعاب ما قيل له؟ أم هل تعرَّض المدعي العام غارلاند إلى ضغوط ألزمته بقبول المسؤولية؟».
وتابعت الافتتاحية: “لقد كانت مجلة نيوزويك تفتقر إلى الصراحة والمصداقية، وكان تراجعها عن تصريحاتها محض إجراء روتيني ليس إلا. وهذه ليست بالمسألة هيّنة، والمجلة تدين لقرائها بتراجع أطول يُسلِّط الضوء على أحداث ذاك اليوم.»
في 12 أغسطس، أي بعد يومٍ واحد من المؤتمر الصحافي، أصدرت صحيفة “واشنطن بوست” أخطر التسريبات أو التخمينات.
فقد جاء في خبرها أنّ مكتب التحقيقات الفدرالي بحث في مقر إقامة ترامب في فلوريدا عن سجلات سريّة تتعلق بالأسلحة النووية: “لقد كانت الوثائق السريَّة المُتعلقة بالأسلحة النووية من بين العناصر التي بحثَ عنها عملاء مكتب المباحث الفدرالي في سياق تفتيشهم لمقر إقامة دونالد ترامب في فلوريدا الإثنين الماضي، وفقًا لمصادر مُطلعة على التحقيق.»
وعليه، قالت “مصادر مطلعة على التحقيق” كانت تعرف بما لا يدع مجالاً للشك ما يسعى إليه مكتب التحقيقات الفدرالي إن العملاء بحثوا عن وثائق سريّة تتعلق بالأسلحة النووية تحديداً. ولم تُشِر مذكرة مكتب التحقيقات الفدرالي التي صدرت لاحقًا إلى الأسلحة النووية تحديداً. وضخّمت مقالة “واشنطن بوست “الغرض من المُداهمة الذي لم يَرِد في مذكرة التفتيش. والواقع أن صحيفة “واشنطن بوست” كان يمكن أن تكون مُحقّة أو قد يكون الغرض منها تشتيت الرأي العام لتبرير البحث المُوسَّع. وتتساءل الافتتاحية عمّا إذا هناك شخص ما أضافه ليضفي طابعَ الصدمة على المداهمة الذي يصب في مصلحة وزارة العدل.
وحذّرت صحيفة “واشنطن بوست” من أنّ (خبراء في المعلومات السريّة قالوا إن التفتيش غير التقليدي يؤكِّد القلق العميق السائد بين المسؤولين الحكوميين بشأن أنواع المعلومات التي يعتقدون أنها قد تكون موجودة في نادي مارالاغو، وعرضة لخطر الوقوع بين يدي أشخاص غير مناسبين).
وهذه الفرضية أيضاً لا جدوى منها، بحسب الافتتاحية، وتثير الكثير من الأسئلة. فمَن الذي اعتمدت عليه صحيفة واشنطن بوست؟ هل هم خبراء من وزارة العدل؟ أم خبراء خارجيون؟ إن النص عام جدًا لدرجة أنه قد يعول على خبير كمدير وكالة المخابرات المركزية مايكل هايدن الذي أيَّد علنًا إعدام مُسرِّبي الأسرار النووية بعد مُداهمة ترامب.
واستمرت التصريحات التي تفتقر للانسجام والاتساق إذ جاء فيها إن “الذين وصفوا بعض المواد التي كان العملاء يبحثون عنها وتحدثوا شريطة عدم الإفصاح عن هوياتهم ناقشوا التحقيق الجاري.
ولم يقدموا أي تفاصيل إضافية عن نوع المعلومات التي كان العملاء يبحثون عنها، بما في ذلك ما إذا كانت تنطوي على أسلحة مملوكة للولايات المتحدة أو دولة أخرى. فضلاً عن ذلك، فهم لم يُصرحوا بما إذا كانت هذه الوثائق قد استُعيدت كجزءٍ من عملية التفتيش. ولم يستجِب مُتحدث رسمي باسم ترامب لطلب التعليق على هذه الأحداث. ورفضت وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي التعليق.»
ورأت الافتتاحية أن الفقرة الواردة أعلاه تعد بمنزلة إخلاء مسؤولية ووسيلة إرباك. فهي تضيف مزيداً من الغموض على الأحداث. والنص الضمني هنا مفاده أنّ وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفدرالي وفريق ترامب ليسوا مصادر الخبر.
وما يثير الاهتمام حيال هذا الخبر مصادر تقاريره الفاسدة، والكلام للافتتاحية، فقد أربكت صحيفة “واشنطن بوست” عن عمد القارئ بخصوص مصدرها، ولو أنها تُؤكِّد النية من المداهمة. وهذا ليس بالخبر الذي يُقدِّم معلومات دقيقة للعالم، والغرض منه ليس التزام معايير الصحافة المهنية النزيهة. ولا عجب أن 36% من الأمريكيين فقط هم الذين يثقون بوسائل الإعلام.
واختتم الموقع افتتاحيته بالقول: “فضلاً عن التعامل مع تبعات تصرف غير مسبوق من مسؤولي إنفاذ القانون، على الأمريكان أن يتحملوا فساد وسائل الإعلام والدولة العميقة.حفظ الرب السلطة الرابعة!».