سياساته قد تجعل تركيا تنكفيء على ذاتها

تسلّط أردوغان يفاقم تحديات فيروس كورونا

تسلّط أردوغان يفاقم تحديات فيروس كورونا


بلغ عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا في تركيا نحو 130 ألفاً، ما يضع البلاد ضمن الدول الثماني الأولى التي تصارع هذا المرض القاتل – حتى أصبحت في مرتبة الصين وإيران.
 ووفق كمال كيرسيجي، زميل بارز غير مقيم لدى مشروع تركيا التابع لمركز السياسة الخارجية حول الولايات المتحدة وتركيا، لم تزد نسبة الوفيات عن 2.7% بين المصابين الأتراك، وهي منخفضة نسبياً بالمقارنة مع المعدل السنوي الذي وصل إلى 7%.

أولويات سياسية
ولكن كيرسيجي لفت ضمن موقع “بروكينغز” للأبحاث، إلى أن استجابة تركيا للوباء اتسمت بتوتر بين نهج يستند للعلم يعتمده وزير الصحة فخر الدين كوجه، وآخر تدريجي صاغته أولويات أردوغان السياسية: استدامة حكم الرجل الأوحد عبر إنقاذ الاقتصاد وإرضاء قاعدته الدينية المحافظة. وفيما بدأت البلاد تستعيد نشاطها العادي، توحي سياسات أردوغان وحديثه أنه يفترض بتركيا توقع المزيد من السياسات الاستبدادية. ويشكك في أن هذا سوف يساعد على حل مشاكل تركيا الاقتصادية والسياسية المستمرة التي فاقمها الوباء.
ويلفت كاتب المقال إلى أنه عندما تفشى الفيروس في الصين، ظن عدد كبير من الأتراك أن البلاد لن تتأثر بانتشار الفيروس. ووصل الأمر إلى درجة أنه لغاية منتصف مارس( آذار) توقع الرئيس التركي أن تعود الأزمة بمكاسب اقتصادية على تركيا. وأهدر وقت ثمين إلى أن أعلنت منظمة الصحة العالمية رسمياً أن الوباء عالمي، وتصادف ذلك في نفس اليوم الذي أعلن عن أول إصابة في تركيا، وتم الاعتراف بضعف البلاد. وبعد أسبوعين، لم يكن الرئيس قد أدرك تماماً شدة الوضع عندما توقع، في خطاب وجهه إلى الشعب التركي، أن البلاد سوف تتخلص من الأزمة خلال أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.

تناقض حاد
وعلى نقيض ذلك، تبنى كوجه نهجاً علمياً وأكثر واقعية. وشكل مجلساً استشارياً مكوناً من خبراء طبيين وعلماء. واختار أن يكون شفافاً بشكل نسبي عبر عقد مؤتمرات صحفية يومية، وتبادل البيانات حول مسار العدوى. وفي تناقض حاد لنهج أردوغان، اكتسب أسلوبه الأقل انقساماً الكثير من الثناء. وقد ساعده ذلك على كسب ثقة احتاج إليها لإقناع الشعب التركي بالامتثال لمجموعة من الإجراءات الحكومية بدءاً من التباعد الاجتماعي وصولاً إلى إغلاق الأماكن العامة وحظر السفر، وحظر التجول. وظهر من خلال استطلاع حديث للرأي أن الثقة بكوجه وصلت إلى 75%، وهو مستوى استثنائي، ولكن يبقى كوجه خاضعاً بشكل لا لبس فيه لأردوغان وأولوياته السياسية. وشكلت الأزمة معضلة لأردوغان بين إنقاذ حياة مواطنيه وإنقاذ الاقتصاد. ووفق الكاتب، أصبح التناقض بين أسلوب أردوغان ووزير صحته مصدراً آخر لتدابير غير متناسقة وتدريجية. فقد امتازت استجابته الأولية للوباء في 18 مارس( آذار) بتناقض شديد لأنه فيما دعا الناس للبقاء في بيوتهم وتجنب السفر، أعلن، في الوقت نفسه، تخفيضاً كبيراً في الضرائب على السفر الجوي وقطاع الفنادق من أجل تحفيز الاقتصاد. كما شملت الاستجابة وضع برنامج تحفيز اقتصادي بكلفة 15 مليار دولار بما يعادل 2% فقط من الناتج الإجمالي المحلي، وهو مبلغ ضئيل مقارنة مع رزم تحفيز اعتمدتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ويكشف مدى ضعف الموارد الخاصة بالحكومة، وبالتالي الضغط من أجل إبقاء الاقتصاد مفتوحاً.

تحديات مستقبلية
ويلفت الكاتب إلى مقال نشرته مؤخراً مجلة “إيكونوميست” البريطانية يشير إلى سعي مستبدين للاستفادة من فيروس كورونا لانتزاع السلطة. ولكن بالنسبة لأردوغان، يبدو أن الأهم هو منع الفيروس من تقويض حكم الرجل الواحد، واستباق تحديات مستقبلية. ولذلك، يبدو أن تلك الأهداف هي ما جعلت نهج أردوغان يستند لخطوات تدريجية ومتزايدة مقارنة مع ما اعتمدته دول أخرى كألمانيا وكوريا الجنوبية وتايوان.
 ومن الصعب، وفقاً للكاتب، معرفة كيف ستتمكن تركيا من التعافي من الخسائر الفادحة التي يسببها فيروس كورونا على البلاد، وما يرافقها من مشاكل اقتصادية. ولكن إذا واصل أردوغان فرض مزيد من سياساته التسلطية، حكم الرجل الأوحد، سيكون الانتعاش الاقتصادي صعباً على نحو مضاعف، وقد ينتج عنه انكفاء تركيا على ذاتها، وغرقها في المشاكل، وتصبح عاجزة عن لعب دور بناء في إعادة تشكيل نظام عالمي لما بعد كورونا يثمن الديمقراطية وحكم القانون وتنمية اقتصادية مستدامة.



 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot