تقرير: على بايدن أن يكون صبوراً في الملفّ الأفغانيّ
دعا الجنرال الأمريكي المتقاعد جون ألان والباحث مايكل أوهانلون الرئيس المنتخب جو بايدن إلى التمهّل في الانسحاب من أفغانستان إن لم يكن إلى قلب بعض خطوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويقول البعض إن اتفاق الولايات المتحدة وحركة طالبان الموقّع في 29 فبراير -شباط الماضي يتطلب انسحاب القوات الأمريكية بحلول مايو -أيار المقبل. لكن الكاتبين أكدا في صحيفة “يو أس أي توداي” ضرورة الصبر.
أسباب الإحباط
يتفهم ألان وأوهانلون إحباط البعض من الحروب التي لا تنتهي في الشرق الأوسط. فمنذ 19 عاماً، لم تجد واشنطن المعادلة التي تبني دولة أفغانية مستقرة ومعتمدة على نفسها. قُتل أكثر من ألفي أمريكي وأنفقت الولايات المتحدة حوالي 1.5 تريليون دولار من أموال دافعي الضرائب على تلك الحرب. والأفغان أنفسهم كانوا في حرب منذ أكثر من أربعة عقود، بعد اجتياح القوات السوفياتية بلادهم في نهاية الحرب الباردة. لكنْ ثمة نقاط أخرى يجب النظر إليها أيضاً.
تم تحقيق بعض النجاحات في أفغانستان. لم تشكّل البلاد مسرحاً لشن اعتداء كبير ضد الولايات المتحدة أو المصالح الغربية منذ سنة 2001. بديهية هذا الإنجاز لا تُسقط أهميته. وحتى من دون خطوات ترامب الأخيرة القاضية بسحب القوات الأمريكية والتي قد يحتاج ترامب إلى أن يعكسها جزئياً، قلصت الولايات المتحدة وجودها في أفغانستان بنسبة 95% عما كان عليه الأمر خلال الذروة سنة 2011، حين كان الجنرال ألان نفسه يقود القوات الأمريكية والأطلسية هناك.
ماذا عن خسائر القوات الأمريكية؟
انخفضت الخسائر البشرية في أفغانستان وبشكل أكثر حدة على مستوى النسب المئوية حتى قبل اتفاق فبراير. إن خسارة أي روح أمريكية هي خسارة هائلة، لكن بالمقارنة مع ما يمكن أن يحصل للولايات المتحدة إذا كسب تنظيم القاعدة أو داعش موطئ قدم صلباً في أفغانستان مستفيدَين من الفوضى أو من حكم طالبان، سيكون الاحتفاظ بوجود عسكري صغير مستدام في تلك البلاد الخيار الأقل سوءاً بالنسبة إلى واشنطن.
تراوحت كلفة العمليات الأمريكية الأخيرة في أفغانستان بين 10 و20 مليار دولار. ليست كلفة زهيدة لكنها أفضل بكثير من مئات المليارات التي كانت واشنطن تتكبدها في الفترة الأولى من الحرب وهي تمثّل أقل من 3% من موازنة الدفاع الأمريكية. ويرى الكاتبان أنّ بايدن محق في إعادة بناء التحالفات ومقاربة الملف من زاوية التعددية الدوليّة بما أن الدور الأمريكي جزء من جهد أطلسي أوسع. وأضافا أنّ مكافحة الإرهاب تتطلب شراكة مع قوى محلية وردود فعل سريعة للعمليات التكتيكية. لا تحتاج القوات الأمريكية لكي تكون كبيرة في أفغانستان، لكن يجب أن تكون حاضرة في المستقبل المنظور.
تحذير طالبان
مسار السلام الأفغاني-الأفغاني بطيء جداً. قد يدعو البعض إلى تسريع عملية الانسحاب بناء على هذا الواقع. لكن سيكون من الغريب تسليم البلاد لمرتكبي العنف الأساسيين في أفغانستان كمكافأة على عنادهم خلال المحادثات وعلى عدم نيتهم تخفيض العنف خلال مسار السلام. علاوة على ذلك، إنّ استمرار علاقات طالبان مع عناصر من القاعدة يعني أن الحركة غير ممتثلة لاتفاق فبراير. وعلى فريق بايدن تسليط الضوء على هذه النقطة في وقت مبكر حتى ولو كان يلتزم مراجعة سياسية واسعة وصبورة.
كانت حركة طالبان غير راغبة باقتراح أي أفكار جدية حول كيفية تقاسم السلطة مع حكومة الرئيس أشرف غني والرئيس التنفيذي عبدالله عبدالله. على سبيل المثال،
لم تتحدث الحركة عن دعوة قوة أممية صغيرة لمراقبة وقف إطلاق النار وخلق آلية لقيادة تنسيقية من أجل دمج القوات بمرور الوقت.
ستبرهن هذه الأفكار أنها جدية، لكنها لم تطرحها بعد.
وسوف تحتاج واشنطن، كما المجتمع الدولي، لمساعدة مسار السلام مع وسيط أممي. ويجب إيجاد آليات للحفاظ على المكاسب في تعليم الفتيات، وبشكل أوسع، دور النساء في المجتمع المدني والحكومة، كما في حماية الأقليات.
ما الحل المثالي؟
لن يكون هنالك حل مثالي لأفغانستان بحسب كاتبي المقال. حتى العثور على حلول غير مثالية قد يستغرق سنوات. لكن بإمكان واشنطن أن تكون صبورة بما أن الملف الأفغاني انخفض إلى الدرجة الثانية بالنسبة إلى الأمن القومي الأمريكي.
لقد أصبح الوجود والجهد الأمريكي في أفغانستان مستدامين. من هنا، يرى ألان وأوهانلون أن بايدن لا يحتاج لإعطاء الأولوية إلى هذه المسألة في الأيام المئة الأولى من رئاسته على صعيد أي طرح مستعجل للانسحاب من تلك البلاد.