سباق تسلح وتحالفات جديدة

توسيع ترسانة روسيا النووية يثير الجدل

توسيع ترسانة روسيا النووية يثير الجدل

يرى خبراء أن المطالبات الروسية بتوسيع وتحديث ترسانتها النووية تمثل تحولا استراتيجيا ذا أبعاد خطيرة على النظام الدولي وتوازن القوى، كما أنها وسيلة موسكو لردع الغرب وفرض النفوذ.
وعلى وقع التنبؤات الغربية باقتراب اندلاع حرب عالمية ثالثة، إثر التهديدات الأمريكية المتزايدة للكرملين بضرورة إنهاء الصراع الروسي الأوكراني، تشهد روسيا مُطالبات بالتوسع في ترسانتها النووية.

قيود الترسانة النووية
وجدد السفير الروسي المتجول جريجوري ماشكوف المخاوف الغربية بتصريحات مفاجئة، قال فيها إن بلاده قد تلغي القيود على ترسانتها النووية في حال استمرار تطوير أنظمة الدفاع الصاروخية الأمريكية.
وأكد ماشكوف أن المواجهة الحالية مع الغرب وسياسته المعلنة لإلحاق هزيمة أو ضرر استراتيجي بروسيا قد تؤدي إلى اتخاذ الكرملين قرارا بضرورة الابتعاد عن قيود الترسانات النووية والصواريخ لصالح زيادة كمية ونوعية هذه الأسلحة.

سباق تسلح جديد
وتعليقا على المطالبات الروسية بتوسيع ترسانتها النووية، أكد الخبراء، أن توسع الترسانة النووية الروسية يعزز من احتمال ظهور تحالفات جديدة قد تُضعف الهيمنة الأمريكية، وتدفع بالنظام العالمي نحو مزيد من الاستقطاب العسكري.
وأوضح الخبراء في تصريحات لـ»إرم نيوز» أن التحركات الغربية وتحديدا بين أعضاء حلف «الناتو» لا تُغير جوهريا من طبيعة النزاع الحالي، إلا أنها قد تفتح الباب أمام سباق تسلح جديد، خاصة مع مؤشرات على احتمالية تعاون عسكري نووي بين روسيا والصين».

القوة النووية أداة للردع
ويقول ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، إن هذه المطالبات الروسية بتوسيع وتحديث ترسانتها النووية تمثل تحولا استراتيجيا ذا أبعاد خطيرة على النظام الدولي وتوازن القوى.
وأشار بريجع في حديثه لـ»إرم نيوز» إلى أن هذه الخطوة ليست مجرد استجابة تكتيكية للضغوط الغربية، بل تعكس رؤية موسكو لعالم متعدد الأقطاب تُستخدم فيه القوة النووية كأداة رئيسة للردع وفرض النفوذ. 
وأضاف بريجع، أنه في ظل التصعيد المتزايد بين روسيا وحلف الناتو، يُنظر إلى هذا التطوير النووي كتحذير مباشر للدول الغربية، خصوصًا الولايات المتحدة التي لا تزال تلتزم بسياسة الاحتواء والتوازن دون تصعيد المواجهة إلى مستوى استراتيجي غير محسوب.

نظام «اليد الميتة»
ومن جانبه، قال كارزان حميد، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأوروبية، إن موسكو بعد 2014 بدأت تفكر بجدية في تطوير قدراتها العسكرية والنووية؛ لأنها تعلم جيدا إن دخلت في حرب مباشرة مع حلف شمال الأطلسي لا ينقذها من الفناء سوى قدراتها النووية، وفق تعبيره.
وأضاف حميد في تصريح لـ»إرم نيوز» أن روسيا إلى الآن قامت بتغيير عقيدتها العسكرية عدة مرات حتى وصلت إلى نظام «اليد الميتة» لردع اي عدوان مستقبلي من قِبل دولة نووية أخرى.
وأوضح حميد أن كل المؤشرات تشير إلى أن هناك صداما مباشرا قادما بين موسكو والغرب، ولكن متى وأين تشتعل شرارة هذا الحرب، لايزال الأمر  طي الكتمان. واعتبر حميد أن الغرب وروسيا وكثيرا من دول العالم بحاجة إلى حرب مدمرة، لإعادة برمجة العالم من جديد، لافتا إلى أن موسكو عندما بدأت هجومها على كييف في عام 2022 كانت قد جهزت نفسها وقواتها العسكرية لهذه الحرب منذ 2018، ولهذا نری بقاء روسيا على قدميها اقتصاديا وعسكريا، بالرغم من بعض الفشل في خططتها الاستراتيجية، لكن مقارنة بالدول الداعمة لأوكرانيا هي في أفضل حالاتها العسكرية والاقتصادية، وفق تقديره.
وتابع أنه «في المقابل تعمل الدول الغربية والأوروبية وعلى رأسها الولايات المتحدة على تطوير وتوسيع قدراتها النووية لمواجهة تهديدات روسيا والصين أيضا، لاعتقادها أن القدرة النووية يمكنها ردع أي تهديد مباشر على بلدانها».