رئيس الدولة يبحث مع وزير الداخلية الأفغاني علاقات التعاون بين البلدين
خبراء: خروج فرنسا من أفريقيا يؤجج «معركة نفوذ» شرسة
ذهب خبراء في الشأن الأفريقي إلى أن انسحاب القوات الفرنسبة من دول غرب القارة بما في ذلك تشاد ، يثير تساؤلات حول من سيملأ الفراغ الأمني الذي خلّفه هذا الانسحاب، والذي قد تستغلّه الجماعات المسلحة لشن هجماتها، مما يفتح الباب أمام تصاعد الإرهاب في المنطقة.
ويُحذر الخبراء من أن هذا الفراغ قد يتيح للجماعات المسلحة فرصة لتعزيز وجودها وتنفيذ هجمات إرهابية تهدد استقرار المنطقة بأكملها. في ظل هذا المشهد، تتسابق قوى دولية، من بينها الصين وتركيا، لتعزيز نفوذها العسكري والاقتصادي في المنطقة التي أصبحت محورًا لصراعات جيوسياسية جديدة.
صراع النفوذ في منطقة الساحل
وفي هذا السياق، يشير المحلل السياسي الفرنسي، جان بيير فيليو، في تصريح لـ»إرم نيوز» إلى أن تراجع النفوذ الفرنسي في أفريقيا، خاصة بعد الانسحاب العسكري من دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، يفسح المجال أمام قوى دولية أخرى مثل روسيا وتركيا والصين لتعزيز وجودها في المنطقة.
وأوضح أنه في ظل تراجع النفوذ الفرنسي في القارة الأفريقية وفقدان باريس موقعها تمامًا في منطقة الساحل، خاصة بعد انتهاء وجودها العسكري في تشاد، بدأت قوى دولية غير إقليمية في التدفق لتعزيز مواقعها وتوسيع مناطق نفوذها، خاصة في منطقة الساحل التي أصبحت خالية من الوجود الفرنسي.
الخروج من تشاد والسنغال
وأضاف فيليو أنه بعد سلسلة من الانتكاسات التي تعرض لها النفوذ الفرنسي في دول الساحل الثلاث، وهي مالي والنيجر وبوركينا فاسو، خلال الأشهر الأخيرة، أعلنت تشاد والسنغال أيضًا نهاية تعاونهما العسكري مع باريس في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
وتابع فيليو: «بدأت الخطوات الأولى لسحب القوات الفرنسية من تشاد في 10 ديسمبر- كانون الأول، حيث تم تسليم قاعدتين عسكريتين إلى القوات التشادية، هما: قاعدة «فيا» وقاعدة «أبشي»، ومن المتوقع تسليم القاعدة الأخيرة، «أدجي كوسي» في نجامينا، بحلول نهاية هذا الشهر».
ولفت المحلل إلى أنه «في الوقت الذي تنشغل فيه باريس بإنهاء إجراءات الانسحاب من تشاد، عززت أنقرة شراكتها الدفاعية مع نجامينا من خلال توقيع اتفاقية دفاع جديدة في نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي».
ورأى أن الاتفاقية تهدف إلى تعزيز القدرات العسكرية للجيش التشادي في مجال مكافحة الإرهاب، حيث سيتولى مدربون عسكريون أتراك تدريب الجيش التشادي على أحدث التقنيات العسكرية.
كجـزء من هذه الشــــراكة، ســـــــتقدم تركيــــــــا دعمًا كامـــــــلًا لتشـــــــــاد في مكافحة الإرهاب، بما في ذلك توفيـــــــر أســــلحة حديثــــة وتعزيــــز القــــــدرات العسكرية.
فراغ أمني
من جانبه، يوضح الباحث الفرنسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، أنطوان غلاسر، أن باريس لم تتمكن من التكيف مع السياق الجيوسياسي الجديد في أفريقيا، مما أدى إلى تراجع تأثيرها وترك فراغ أمني قد تستغله الجماعات المسلحة.
وأشار إلى أنه في ظل هذا الفراغ، تسعى دول مثل روسيا إلى تعزيز نفوذها من خلال توقيع اتفاقيات دفاعية مع دول المنطقة، كما حدث مع النيجر في ديسمبر- كانون الأول 2023.
ووفقاً للخبير السياسي الفرنسي فإن تركيا أيضاً تعمل على تعزيز شراكاتها الدفاعية، كما هو الحال مع تشاد، حيث تم توقيع اتفاقية لتعزيز القدرات العسكرية للجيش التشادي في مكافحة الإرهاب.
تنويع الشراكات
ورأى غلاسر أنه في الوقت نفسه، تسعى الصين إلى تعزيز وجودها من خلال الاستثمارات الاقتصادية وتقديم الدعم العسكري، مما يضفي بُعدًا جديدًا للتنافس الدولي في المنطقة.
في ظل هذه التحولات، يؤكد المحللون ضرورة أن تتبنى الدول الأفريقية استراتيجيات أمنية شاملة وتنويع شراكاتها الدولية لضمان الاستقرار ومواجهة التهديدات الإرهابية المتزايدة.
تنامي الصادرات التركية إلى تشاد
وذكر موقع «أفريكا إنتليجنس» الاستخباراتي الفرنسي، في تقرير، أن النقاش حول الاستعانة بخبراء أتراك لتدريب الجيش التشادي في مجال الدفاع الجوي تم في نوفمبر-تشرين الثاني الماضي، خلال لقاء الرئيس التشادي محمد إدريس ديبي مع قادة جيشه عند إطلاق عملية «حسكانية»، التي جاءت ردًا على هجوم نفذته جماعة «بوكو حرام» الإرهابية ضد الجيش التشادي في أواخر أكتوبر- تشرين الأول، وأسفر عن مقتل 40 جنديًا.
وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، عملت تركيا على تعزيز نفوذها في تشاد بشكل غير مسبوق، حيث شهدت العلاقات بين البلدين تطورًا سريعًا وملحوظًا، تجسد في تبادل الزيارات بين ممثلي البلدين وتوقيع اتفاقيات وشراكات في مختلف المجالات الحيوية.
وفي عام 2023، بلغت الصادرات التركية إلى تشاد 155.4 مليون دولار، وفقًا لقاعدة بيانات «كومتريد» التابعة للأمم المتحدة للتجارة الدولية، وتركزت معظم هذه الصادرات على النقل المدني والمعدات العسكرية.
الصين تدخل ساحة المنافسة
ورغم التقدم الذي أحرزته أنقرة في تعزيز نفوذها في تشاد، إلا أن وجود منافس قوي مثل الصين قد يعرقل الجهود التركية لترسيخ وجودها بشكل أكبر.
ومع استعداد باريس لسحب قواتها المتبقية من تشاد، أرسل الرئيس الصيني شي جين بينغ وزير خارجيته إلى البلاد في 8 يناير- كانون الثاني لنقل رسالة إلى نظيره التشادي تفيد باستعداد الصين لتعزيز تعاونها مع تشاد ودعم الحكومة التشادية في جهودها لمواجهة جميع التحديات، بما في ذلك مكافحة الإرهاب.