خبراء: مؤتمر بروكسل محطة حاسمة لمستقبل سوريا

خبراء: مؤتمر بروكسل محطة حاسمة لمستقبل سوريا


يرى خبراء أن مؤتمر سوريا التاسع في بروكسل  يضع العملية الانتقالية على مفترق طرق، بين تحقيق تحول سياسي مدعوم دوليا أو استمرار الأزمة ضمن إطار سياسي أحادي اللون. ويشيرون إلى أن مشاركة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، رغم الإشاعات حول إلغاء الدعوة، تعكس تغيرا في مواقف بعض الأطراف الدولية، لكنها في الوقت ذاته تثير تساؤلات حول مدى جدية المجتمع الدولي في فرض عملية انتقالية حقيقية.
ويؤكد الخبراء أن العقوبات الأوروبية على سوريا، رغم تخفيفها التدريجي، لا تزال تمثل عقبة أمام إعادة بناء العلاقات مع الحكومة الجديدة، التي تواجه شكوكا بشأن التزامها بالإصلاح السياسي.
وبينما يسلط البعض الضوء على الضغوط الأوروبية نتيجة الأحداث الأخيرة في الساحل السوري، يرى آخرون أن الضغوط الأمريكية تلعب دورا في توجيه مخرجات المؤتمر، ويبقى التساؤل الرئيس المطروح: هل سيشكل المؤتمر خطوة نحو تغيير شامل في المشهد السياسي السوري، أم سيظل محصورا في توازنات القوى والمصالح الدولية؟
في هذا السياق، قال أمين عام التحالف السوري الديمقراطي، حسان الأسود، إنه بعد انتشار شائعات عن إلغاء الدعوة، تم التأكيد على توجيهها لوزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، لحضور مؤتمر سوريا التاسع في بروكسل. لكن ذلك ترافق مع إشاعات حول تجميد عملية رفع العقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي، على خلفية الانتهاكات الأخيرة في الساحل السوري.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "المؤتمر، بطبيعته، يجب أن يعقد بمشاركة سوريا كدولة في الاجتماعات التي تخصها، لكن في المرحلة السابقة، كانت العقوبات مفروضة على النظام السوري السابق، وليس على الدولة السورية. ومع إزاحة ذلك النظام، يفترض أن يتم التعامل مع الحكومة الجديدة".
وأشار إلى أن "التصرف المنطقي من قبل الدول المانحة يجب أن يكون عبر التعاون مع الحكومة السورية الجديدة، لكن المشكلة تكمن في أن هذه الحكومة لا تبعث برسائل تطمينية للدول المانحة، ولا للمجتمع الدولي، بشأن جدية التغيير والانتقال السياسي".
وأوضح أن هناك إجراءات كان ينبغي اتخاذها، لكن مؤتمر إعلان النصر، الذي عقدته الفصائل المسلحة، لم يكن كافيا، ثم تبعه مؤتمر الحوار الوطني، الذي جاء بسرعة كبيرة، ومن دون تحضيرات أو تمثيل حقيقي، ما أدى إلى تفويت فرصة تاريخية لعقد مؤتمر تأسيسي شامل. وبعد ذلك، صدر الإعلان الدستوري الذي ركز السلطات في يد الرئيس الشرع، إضافة إلى قضايا إشكالية أخرى.
وبيّن أن من بين تلك القضايا "اسم الدولة، ودين رئيس الجمهورية". وأكد أنه "بغض النظر عن أي شيء، فإن سوريا يجب أن تكون حاضرة في المؤتمر، على اعتبار أن ملكية الدولة عادت إلى الشعب السوري. لكن الحكومة والإدارة الجديدة لا تساعد المجتمع الدولي على مساعدتها".
وخلص إلى أن "الإدارة السورية الجديدة هي التي تضع العقبات أمام التحول السياسي والانتقال الديمقراطي الحقيقي، ما يمنع المجتمع الدولي من الانخراط في عملية سياسية فعلية لإعادة الإعمار".

الموقف الأوروبي والضغوط الدولية
من جهته، يرى الناشط السياسي، إبراهيم سافان، أنه بعد الأحداث الأخيرة في الساحل السوري ، تصاعدت ردود الفعل في أوروبا. فقد أعلن أحد أعضاء البرلمان الأوروبي، وهو يوناني زار دمشق، عن أرقام ضخمة لعدد الضحايا، وطالب النيابة العامة الأوروبية باعتقال المنفذين ومرتكبي الجرائم.
كما شهدت مدينة كولونيا الألمانية احتجاجا شارك فيه 30,000 متظاهر، وكان من بين المتحدثين عدد من أعضاء البرلمان الأوروبي، مما زاد الضغط على الاتحاد الأوروبي. وأضاف لـ"إرم نيوز" أنه "بسبب ذلك، كان من الصعب على الاتحاد الأوروبي توجيه دعوة للمسؤولين السوريين، ومع ذلك، فإن وجود لوبي جهادي - بيئي قوي في أوروبا، بالإضافة إلى سعي الاتحاد الأوروبي لإعادة ترتيب علاقاته مع تركيا، جعلا توجيه الدعوة أمرا محتملا. وبالفعل، تمت دعوة وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، لحضور المؤتمر". وأشار إلى أن هذا الموقف "يتناقض مع خطاب الاتحاد الأوروبي حول حقوق الإنسان والديمقراطية، ما قد يضعف موقفه على المدى الطويل". وأوضح أن "تصريحات كل من تولسي غابارد وجي دي فانس تشير إلى أن الضغوط الأمريكية على الاتحاد الأوروبي آخذة في التزايد"، مبينا أن "توجيه الدعوة للمسؤولين السوريين سيخلق ضغوطا على المجتمع الأوروبي، خاصة في ظل المظاهرات التي شهدتها عشرات العواصم العالمية على خلفية الانتهاكات الأخيرة في سوريا".
وختم بقوله: "بصفتي مواطنا ألمانيا، كنت آمل أن يكون موقف أوروبا منسجما مع القيم التي تنادي بها من حقوق الإنسان وغيرها، لمنع حدوث قضايا خلافية لا تخدم التوجهات السائدة. كان يمكن لأوروبا أن تتجنب هذا الجدل".