رغم تقدمهم في الاستطلاعات.. بنسلفانيا تحرم الديموقراطيين من النوم
نقلت صحيفة “واشنطن بوست” الأجواء السلبية التي تسود أجواء الديموقراطيين في بنسلفانيا قبل ساعات من الانتخابات الرئاسية.
توجه المرشح الديموقراطي جو بايدن في اللحظات الأخيرة إلى بنسلفانيا في عطلة نهاية الأسبوع لحشد الناخبين، بالتزامن مع قلق من تحول متأخر في المزاج الشعبي قد يهدد تقدمه الضئيل هناك، ويعيد تكرار مشهد 2016 وانتصار ترامب في تلك الولاية.
أسباب متنوعة للقلق
لا تزال غالبية الديموقراطيين تعتقد أن بايدن سيفوز ببنسلفانيا، وأنه يتمتع بتقدم مقبول في استطلاعات الرأي، لكن ثقتهم تآكلت في الأسابيع الأخيرة مع ظهور مؤشرات على اشتداد المنافسة وفقاً لمسؤولين منتخبين، واستراتيجيين، وناشطين حزبيين.
ويعتقد الطرفان أن النتيجة في بنسلفانيا ستكون محورية في تحديد الفائز بالبيت الأبيض، أما أسباب قلق الديموقراطيين فمتعددة، من مشاكل التصويت عبر البريد، إلى احتمال ارتفاع الناخبين البيض في المناطق الريفية وهم مؤيدون لترامب، وظهور مؤشرات على نسبة اقتراع ديموقراطي أقل من المتوقع.
والديموقراطيون متوترون من جهود الجمهوريين لوضع قيود على التصويت، بينما يتذمرون من العنف والنهب الأخير الذي ظهر في مدينة فيلادلفيا والذي استغله ترامب ليصف منافسه بضعيف في مواجهة الجرائم وعدواني مع الشرطة.
كما أن للديمقراطيين مخاوف مستمرة من خطاب بايدن الضبابي حول الغاز والنفط، الأمر الذي أطلق انتقادات غير دقيقة عن نية بايدن إنهاء التكسير الهيدريوليكي لاستخراج النفط.
عجز عن النوم
يقول الخبير الاستراتيجي الديموقراطي المخضرم نيل أوكسمان إنه “قلق من بنسلفانيا”، لأن قاعدة ترامب الشعبية ستكون “أقوى بقليل من قاعدتنا».
يعتقد ديموقراطيون أن مخاوفهم قد تكون مضخمة بسبب ما حدث في 2016، عندما صدم ترامب المحللين بالفوز ببنسلفانيا بهامش ضيق، وهو فوز لم يستطع الديموقراطيون الشفاء منه عاطفياً. ووجد هؤلاء العديد من الأسباب التي جعلتهم عاجزين عن النوم.
وتظهر معدلات استطلاعات الرأي أن تفوق بايدن في بنسلفانيا تقلص ليتراوح اليوم بين 4 و 7 نقاط.
ورغم أن هذا المعدل أفضل بقليل من الذي حققته كلينتون في استطلاعات الرأي في الفترة نفسها منذ أربعة أعوام، إلا أنه غير كافٍ ليشعر الديموقراطيون بالأمان. وأقام ترامب السبت أربعة تجمعات في الولاية، وعرض في مدينة ريدينغ شريط فيديو يظهر تعليقات بايدن عن التكسير الهيدروليكي والوقود الأحفوري. وذكّر مناصريه بأنهم انتخبوا في 2016 رجلاً من خارج النخب السياسية يضع أمريكا في المقدمة.
قاعدة قوية ومتينة
فاز ترامب سنة 2016 بالولاية بأقل من نقطة مئوية، وعزز تقدمه دعم الناخبين البيض الذين لا يحملون شهادات جامعية. ويراهن الديموقراطيون على إمكانية تضييق بايدن الفارق وسط تلك الفئة وبناء تحالف مع ناخبين من الضواحي والأقليات العرقية في المناطق الحضرية.
وحسب الصحيفة، هنالك مؤشرات على أن هذا الأمر نافع بما أن استطلاع رأي جمهورياً أظهر بايدن متقدماً بشكل ضئيل على ترامب في دائرة حصدها الرئيس بعشر نقاط مئوية في 2016. ومع ذلك، يراقب الديموقراطيون اندفاعة ترامب الأخيرة ببعض الخوف.
وقال حاكم ولاية بنسلفانيا الديموقراطي جون فيترمان، إن “الرئيس يتمتع هنا بقاعدة قوية ومتينة للغاية، وما يفعله هو زيادة الإقبال على التصويت في تلك المقاطعات».
ويوم السبت، خاض بايدن والرئيس السابق باراك أوباما حملتهما في ميشيغان، وهي ولاية أخرى فاز بها ترامب في 2016 بفارق ضئيل.
وأرسلت حملة ترامب جيشاً متنوعاً من المقربين لخوض الحملة في بنسلفانيا مثل المرشح الديموقراطي الرئاسي السابق بيت بوتيتيج، والنائب حكيم جيفريز. بعدها وجه انتباهه إلى فيلادلفيا في بنسلفانيا، أين يضع نصب عينيه تعبئة الناخبين السود.
تشجيع ثم تراجع
ترشح بايدن بناءً على برنامج الرعاية الصحية، وسوء تعامل ترامب مع الوباء، وخطة اقتصادية لتوسيع الاستثمارات في التصنيع.
لكن إذا تحسنت الرسالة منذ أربعة أعوام، فإن الجائحة غيرت المسار الانتخابي وقد يستغرق فرز الأصوات في الولاية أياماً كما يقول الديموقراطيون.
في البداية، شجع هؤلاء قسماً كبيراً من ناخبيهم على الاقتراع عبر البريد. لكن احتمال وقوع أخطاء في التصويت البريدي، وعدم استخدام مغلف إلزامي لضمان السرية أقلق الديموقراطيين على احتساب بعض الأصوات.
وحقق الديموقراطيون فوزاً قانونياً في الأسبوع الماضي حين سمحت المحكمة العليا للمسؤولين في الولاية بفرز أصوات يوم الانتخابات إذا وصلت بعد ثلاثة أيام. لكن المسألة قد لا تعرف تسوية نهائية وبدأ الديموقراطيون يشجعون ناخبيهم على الاقتراع شخصياً.
أصبح التصويت بالبريد دون عذر، خياراً جديداً في بنسلفانيا حسب الصحيفة. لذلك، شهدت الولاية تصويتاً مبكراً أقل من ولايات أخرى، 37% من تصويت 2016 الإجمالي، ثلثا المقترعين من ديموقراطيون، لكنّ تغيراً في الآراء في الآونة الأخيرة يمكن أن يترك أثراً بارزاً. لم تُدخل هذه الأرقام الهدوء إلى قلوب الديموقراطيين، سواءً كانوا مسؤولين أو مناصرين.
متوتر حتى الدرجة العاشرة
مع اقتراب يوم الانتخابات، كانت مجموعات مؤيدة لبايدن على فايسبوك من بنسلفانيا تعرب عن قلقها. سأل أحدهم يوم الجمعة متابعيه: “مع بقاء أربعة أيام فقط على الانتخابات، كيف يشعر الجميع؟” خلال ساعات، أتت الأجوبة مليئة بالأمل لكن أيضاً بالقلق. أجاب ناشط: “متوتر حتى الدرجة العاشرة”، وأعلن آخر أنه “خائف خائف جداً”، بينما كتب آخر أنه “متوتر” بالأحرف الكبيرة.
ويشعر البعض بأنه يعاني من اضطرابات ما بعد الصدمة بسبب ما حصل في 2016.
ومن الديموقراطيين المتوترين منسقة زراعة الكلى في فيلادلفيا كريستينا راموس، التي قالت إن الأحداث العنيفة التي شهدتها المدينة بعد قتل الشرطة للأمريكي الأسود وولتر ستايس، قد تمنع بعض الناخبين من دعم بايدن. وأضافت أن العديد من الليبيراليين الديموقراطيين يدعون إلى وقف تمويل الشرطة، معتقدة أن هذا الأمر ينعكس سلباً على بايدن.
وتشير الصحيفة إلى أن بايدن لا يؤيد وقف تمويل الشرطة وأعلن مراراً رفضه العنف والنهب، حتى أصبح نفيه عدوانياً جداً إلى درجة أن ديموقراطيين انزعجوا لأنه لا يتحدث عن العدالة العرقية.
وشعر القس مارك تايلور الذي شارك في تظاهرات فيلادلفيا بأن العنف قد يعزز سردية ترامب. وقال تايلور المؤيد لبايدن: “لقد ضاعت قصة وولتر والاس».