روسيا في الشرق الأوسط.. سياسة جديدة أم إعادة تموضع؟

روسيا في الشرق الأوسط.. سياسة جديدة أم إعادة تموضع؟


في تصريح أثار الكثير من الجدل والتكهنات حول مستقبل النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط، أكد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن بلاده «لم ولن تغادر الشرق الأوسط»، معلنا عن نهج جديد للتعامل مع الواقع المتغير في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد. 
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده لافروف لاستعراض نتائج الدبلوماسية الروسية لعام 2024، حيث بدا مصمما على تأكيد التزام موسكو بمصالحها الاستراتيجية في المنطقة.

روسيا وسوريا: 
إعادة بناء النفوذ
لافروف كشف أن روسيا على تواصل يومي مع القيادة السورية الجديدة، مشددا على استعداد بلاده للمساهمة في تحسين الوضع هناك، وسط أجواء سياسية غير مستقرة عقب تغيير النظام. 
وعبّر الوزير عن رغبة بلاده في تسهيل حوار شامل يضم جميع القوى القومية والدينية والطائفية، إلى جانب الأطراف الخارجية المؤثرة؛ ما يعكس توجه روسيا نحو دور دبلوماسي أوسع في المرحلة المقبلة.
تصريحات روسيا العلنية عن البقاء في الشرق الأوسط تعكس إدراكها لأهمية المنطقة في معادلات القوى الدولية. 
ومع تبدل الديناميكيات في سوريا، سيعتمد دور موسكو المقبل على قدرتها على إعادة بناء تحالفاتها وتقديم نفسها كوسيط موثوق، في وقت تشتد فيه التوترات الإقليمية والعالمية.
 صيغة أستانا..
 هل تعود للواجهة؟
على صعيد التحالفات الإقليمية، أشار لافروف إلى أن موسكو مستعدة للتعاون مع تركيا وإيران ضمن إطار «صيغة أستانا»، إلى جانب العراق ولبنان. 
هذه الخطوة قد تشير إلى محاولات لإحياء مسار أستانا، الذي كان منصة رئيسة لإدارة الصراع السوري بين القوى الفاعلة.
ورغم سقوط نظام الأسد، فإن الوجود العسكري الروسي في سوريا لم يتغير، حيث لا تزال موسكو تدير عملياتها من قاعدتي حميميم وطرطوس؛ ما يبرز تمسكها بدورها العسكري والسياسي في البلاد.

العلاقة مع إيران
العلاقة بين موسكو وطهران، التي لعبت دورا محوريا في دعم الأسد خلال السنوات الماضية، تشهد أيضا تطورا جديدا. 
لافروف أكد أن اتفاق الشراكة الاستراتيجية المرتقب توقيعه بين روسيا وإيران «لن يستهدف أي دولة أخرى»، في إشارة ربما تهدف إلى تهدئة مخاوف دول المنطقة من تعزيز هذا التحالف.
الكرملين أعلن أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيستقبل نظيره الإيراني، مسعود بزشكيان، في موسكو يوم 17 يناير الجاري، لتوقيع اتفاقية «شراكة استراتيجية شاملة». 
هذه الاتفاقية قد تعزز التعاون الاقتصادي والعسكري بين الجانبين؛ ما سيضيف بعدا جديدا للعلاقات الثنائية التي تمتد على ملفات متعددة في الشرق الأوسط.

رسائل موسكو إلى العالم
تصريحات لافروف تأتي في ظل تساؤلات دولية حول كيفية إعادة تموضع روسيا في منطقة شهدت تغيرات جذرية، بعد عقد من التدخل الروسي المباشر لدعم نظام الأسد. 
ورغم التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها موسكو، تسعى إلى ترسيخ نفسها كلاعب أساسي في صياغة مستقبل الشرق الأوسط، عبر أدوات تجمع بين الدبلوماسية والتحالفات العسكرية.