رئيس الدولة يعين محمد المنصوري وكيلاً لوزارة الطاقة والبنية التحتية لشؤون البنية التحتية والنقل
روسيا وصمتها تجاه فنزويلا.. قراءة في الموقف الإستراتيجي
تناولت الباحثة والكاتبة الروسية إيكاترينا زولوتوفا موقف موسكو من التطورات الأخيرة في فنزويلا، حيث تتصاعد التوترات بعد تحركات عسكرية أمريكية في الكاريبي، مقابل صمت روسي يثير تساؤلات حول حدود الدعم الروسي لحليفتها اللاتينية.
وقالت الكاتبة في مقالها بموقع «جيوبولتيكال فيوتشرز» البحثي الأمريكي، إن هذا الصمت لا يعكس بالضرورة تخلي موسكو عن كاراكاس، بل يكشف عن حسابات جيوسياسية أعقد ترتبط بالحرب في أوكرانيا، والعلاقة المتوترة مع الغرب.
التوتر الأمريكي الفنزويلي وتصعيد مادورو
أشارت الكاتبة إلى أن الولايات المتحدة نشرت في أواخر أغسطس -آب قوات بحرية قبالة السواحل الفنزويلية بدعوى مكافحة تهريب المخدرات والجريمة المنظمة، ثم أتبعتها في سبتمبر -أيلول بنشر 5 مقاتلات F-35 في قاعدة بورتوريكو.
وردّ الرئيس نيكولاس مادورو باعتبار الخطوة «عدواناً مباشراً»، معلناً تعبئة عسكرية واسعة وحشد 25 ألف جندي على الحدود مع كولومبيا وعلى السواحل الكاريبية والأطلسية.
وأضافت الكاتبة أن هذه التطورات دفعت أصواتاً في الداخل الفنزويلي وخارجه إلى مطالبة روسيا وحلفاء «البريكس» بالتحرك لمواجهة ما وصفوه بالتهديد الأميركي المباشر.
فنزويلا: ورقة ضغط روسية
تابعت الكاتبة أن فنزويلا تمثل لموسكو موقعاً إستراتيجياً بالغ الأهمية. فهي تقع في «خاصرة أميركا الجنوبية» وتطل على الكاريبي، ما يمنح روسيا قدرة على إزعاج واشنطن في مجالها الحيوي.
وأشارت الكاتبة إلى أن البحرية الروسية سبق أن أرسلت مجموعة ضاربة من أسطول الشمال إلى ميناء «لا غوايرا» عام 2024 في رسالة واضحة لواشنطن بأن موسكو قادرة على الوصول إلى «حديقتها الخلفية». وأضافت الباحثة أن العلاقة بين البلدين تأسست منذ 2005 على تعاون عسكري واسع، جعل من فنزويلا أكبر شريك تقني عسكري لروسيا في أميركا اللاتينية، إضافة إلى استثمارات نفطية وطاقوية مهمة.
تعاون عسكري واقتصادي
وقالت الكاتبة إن موسكو ساهمت في إنشاء مصنع لإنتاج ذخيرة الكلاشينكوف بقدرة إنتاجية تصل إلى 70 مليون طلقة سنوياً. كما أن فنزويلا قدمت دعماً سياسياً لروسيا باعترافها باستقلال أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية ونتائج استفتاء القرم.
وأوضحت الكاتبة أن روسيا تستفيد أيضاً من نفط فنزويلا، خاصة في تزويد حليفتها كوبا، كما فعل الاتحاد السوفييتي خلال الحرب الباردة. ورغم العقوبات الأميركية التي شددت الخناق على قطاع النفط الفنزويلي منذ 2019، إلا أن موسكو حافظت على وجودها عبر شركات حكومية مثل «روسزاروبيجنفت» التي تدير عملياً أصول «روسنفت» في البلاد.
الحسابات في ملف النفط
أضافت الكاتبة أن الغرب يناقش حالياً فرض عقوبات جديدة ووضع سق لأسعار النفط الروسي. وفي حال تطبيقها، قد تجد واشنطن في نفط فنزويلا بديلاً جزئياً لإمدادات موسكو، وهو ما بدأت بعض الشركات الأوروبية مثل الإيطالية والإسبانية في استكشافه. وأشارت الكاتبة إلى أن هذه الاحتمالات تجعل من مصلحة روسيا الحيلولة دون تحول كاراكاس إلى ورقة ضغط غربية، لذلك تفضّل موسكو تقديم دعم سياسي وتقني بدلاً من مواجهة عسكرية مباشرة.
صمت موسكو
وأوضحت الكاتبة أن روسيا تواجه مأزقاً مزدوجاً؛ فمن جهة تحتاج إلى إظهار دعمها لحلفائها كي لا تبدو ضعيفة أمام الغرب، ومن جهة أخرى تستنزف الحرب في أوكرانيا قدراتها المالية والعسكرية.
وأضافت الكاتبة أن آخر لقاء رسمي بين بوتين ومادورو كان في 7 مايو -آيار 2025 حيث وقّعا اتفاق شراكة إستراتيجية شملت ملفات الأمن والطاقة ومحاربة الإرهاب. لكن غياب خطوات عملية عسكرية يوضح أن الكرملين لا يتوقع تدخلاً أميركياً مباشراً في فنزويلا.
الرسائل الروسية في مسرح آخر
وتابعت الكاتبة أن صمت موسكو تجاه فنزويلا يتزامن مع تركيزها الإعلامي والعسكري على حدودها الغربية، حيث صعّدت لهجتها ضد انضمام فنلندا إلى الناتو عام 2023. ونقلت عن ديمتري ميدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، أن أي هجوم فنلندي محتمل قد يعني «نهاية الدولة الفنلندية». ورغم مبالغات ميدفيديف، فإن أوامر بوتين ببناء تحصينات ونشر قوات إضافية على الحدود تظهر أن موسكو تأخذ وجود الناتو في فنلندا بجدية. وخلصت الكاتبة إيكاترينا زولوتوفا إلى أن روسيا لا تتخلى عن فنزويلا لكنها توازن بين أولوياتها. فبدلاً من التصعيد العسكري في الكاريبي، تكتفي موسكو بدعم سياسي واقتصادي للحفاظ على حليف إستراتيجي وموارد طاقة مهمة، مع تركيزها الأكبر على الحرب في أوكرانيا وجبهتها الغربية ضد الناتو. وأوضحت أن الهدف الروسي هو توسيع جغرافية التفاوض مع واشنطن لتشمل فنزويلا وفنلندا والقطب الشمالي والبلطيق، في محاولة لتعزيز أوراق الضغط في أي تسوية مقبلة. وبحسب الكاتبة، فإن الكرملين يلعب لعبة طويلة المدى، حيث الصمت في بعض الملفات قد يكون أبلغ من التصعيد.