ظهر الأبيض بشكل مشرف وقارع فتيته ضيفهم الايراني المتمرس كراً وفراً وعاندت التفاصيل الصغيرة الأبيض الذي توهج ولعب مباراة جيدة كلما أفلت زمامها استعاده اللاعبون وأحكموا به الخناق على ضيفهم الذي لم يجد سبيلاً إلا باللعب على الهجمات المرتدة، استراتيجية يؤدي بها من لم يمتلك الحلول التكتيكية التي تمكنه من مواجهة الأبيض.
لم يكن اختبار استاد هزاع بن زايد سهلاً على المنتخب الايراني عشية الثلاثاء بأداء جيد لأصحاب الأرض وبجماهير الأبيض الذين تفوقوا على نفسها بالتشجيع والمؤازرة، وجاء الهدف من كرة سهلة وجدها مهدي قائدي في الثواني الأخيرة للشوط الأول ليعلن تقدم الضيوف، هدف قلب موازين المعادلة ولكنه أطلق عنان أبطال الأبيض الذين تحللوا من شبح الخوف من النتيجة.
رغم نتيجة الخسارة بهدف المخيبة، إلا أن الجميع أشاد بالمستوى الذي قدمه الأبيض حتى أن مدرب ايران أمير غالوني أطنب بالثناء على مستوى الأبيض بل وصفه بأنه أفضل نسخة رآها  لمنتخب الامارات.

أكتوبر الأبيض
انطوت صفحة الجولة الثانية وتصدرت أوزبكستان ترتيب المجموعة الأولى برصيد 6 نقاط من مباراتين، بفارق الأهداف من إيران، مقابل 3 نقاط للإمارات، ونقطة لكل من كوريا الديمقراطية الشعبية وقطر، في حين بقي رصيد قرغيزستان بلا نقاط.
وتقام الجولة الثالثة للمجموعة الأولى في 10أكتوبر، حيث يستضيف منتخب الامارات ضيفه منتخب جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية في استاد هزاع بن زايد، ومواجهة قوية تجمع ثنائي الصدارة أوزبكستان و إيران في طشقند، وقطر مع قرغيزستان في الدوحة.
ويُذكر أن 18 منتخباً يتنافسون في تصفيات المرحلة الثالثة الحالية بواقع 6 فرق لكل مجموعة، حيث يتأهل أول فريقين من كل مجموعة مباشرة إلى نهائيات كأس العالم 2026 في أمريكا وكندا والمكسيك، بينما تخوض المنتخبات الحاصلة على المركزين الثالث والرابع دوراً رابعاً للتنافس على بطاقتين أخريين للتأهل إلى المونديال، ثم بطاقة أخيرة تبقى للملحق العالمي.

حجر الاصرار
44 عاماً لم يفز الأبيض على ايران، تلك حقيقة تسندها الأرقام ولا تزال هناك 8 جولات في مشوار التصفيات في مرحلتها الثالثة الحاسمة، بينها جولة الإياب في طهران، فهلا حللنا ودرسنا وتعمقنا وخرجنا بالنتائج التي تُلقم أرقام التاريخ  حجر الإصرار والعزيمة واللا مستحيل في بلاد الممكن والممكن فقط ، والاستمرار في التحليل والمعالجة حتى العودة إلى مونديال العالم بعد عقود عجاف منذ 1990. 
ورسالتنا إلى المدرب باولو بينتو : الدوري بين يديك اقترب أكثر فأكثر شاهد المباريات في كل ملعب وأضف وأحذف حتى يأتيك اليقين. 

الثنائي الذهبي 
رغم الوقت القصير نسبياً الذي لعبه الفتى الذهبي علي صالح في المباراة نحو 31 دقيقة، إلا أنه رد عملياً على المدرب بينتو الذي اعتاد أن يضع أفضل لاعب في الامارات حالياً على دكة البدلاء ليدفع به في الخواتيم، ولكن صالح سدد 4 تسديدات لم تخلو من خطورة على مرمى ايران وكانت مراوغاته فعالة كشفت مشكلات فعلية في دفاع المنتخب الإيراني.
وتبقى حصيلة علي صالح في المباراتين أمام قطر وايران استثنائية بعدد تسديدات كبير واحرازه لهدف رغم أنه لعب نحو 45 دقيقة في المباراتين. 
ولم يكن حارب عبدالله بأقل توهجاً من زميله علي صالح ، حيث كان حارب الأكثر مراوغات في الجولة الثانية من التصفيات على مستوى قارة آسيا بعدد 7 مراوغات.

جمهور الأبيض 
شكل الحضور الجماهيري لأكثر من 17 ألف مشجع لوحة رائعة في استاد هزاع بن زايد، وبطبيعة الحال كانت جماهير الأبيض صاحبة الصوت الأعلى، لم يتوقف تشجعها في كل وقت المباراة وأسهموا كثيراً في شحذ همة اللاعبين على أرضية الملعب فقدم فتية الأبيض أداءاً مشرفاً ومبشراً، وجزم كل من استطلعته "الفجر" من جماهير منتخب الامارات بعد المباراة بأن القادم أجمل مع الأبيض في نسخته الحالية.

غراب 
من جانبه ثمن المحلل الفني محمد مطر غراب الثقة العالية التي أدى بها منتخب الامارات مباراته أمام ايران الذي يمتلك الخبرة والتمرس في غمار السباق المونديالي اكتسبها من كثرة تأهله ومشاركته في بطولة كأس العالم. 
وأشار غراب إلى أن الأبيض تميز في المباراة ولكن كان بالإمكان أفضل مما كان اذا توفر الإعداد النفسي والذهني والتكتيكي للاعبين للتعامل مع مختلف السيناريوهات المتوقعة في المباراة، وأن المنتخب كان يحتاج لعمل جماعي أكثر في الانتقال دفاعاً وهجوماً بالسرعة المطلوبة.
وأضاف :" لعبت ايران بنفس أسلوبنا بتطبيق استراتيجية الهجمات المرتدة السريعة، وأعطوا الكرة لمنتخبنا ولكنهم وقفوا سداً منيعاً مانعاً لكل شارد ووارد هجماتنا ولو لا التحركات الفردية الجيدة لبعض اللاعبين خاصة بعد دخول علي صالح وليما لما تمكن المنتخب من الوصول الى مرمى ايران، وهنا لابد من التحليل والدراسة وزيادة جرعة تدريبات الانسجام والعمل الجماعي الذي يوفر حلولاً ميدانية جيدة". وأكمل :" مباراتينا أمام كوريا وأوزبكستان أكتوبر المقبل فرصة جيدة للتعويض، ومنتخبنا قادر على شق طريقه رغم تشعب أدغال القارة الآسيوية وتطور المستويات حيث لم يعد من فريق ضعيف في آسيا، فقط علينا أن نكون جاهزين بنفس معدل الثقة الحالي بل وتعزيزه واستثمار أجواء التفاف الجماهير حول الأبيض، والجاهزية تعني العمل الفني المدروس والمحكم والدقيق في اختيار العناصر واعدادها وتجانسها".

عبدالوهاب 
شدد المدرب عبدالوهاب عبدالقادر أن المنتخب الإيراني لم يكن بعبعاً مخيفاً وأن تحركاته على أرضية الملعب كانت بطيئة للغاية، وكان بالإمكان مفاجأتهم بأسلوب لعب هجومي قاهر باستثمار سرعات لاعبي الأبيض الفائقة.
وأكد الخبير الكروي أن ثمة إيجابيات لا تُحصى ظهرت في أداء الأبيض أمام ايران منها الثقة التي أدى بها الفريق والتشكيلة الثابتة، وبعد مرور مباراتي قطر وايران تكشفت للمدرب بعض الحقائق حول مستويات اللاعبين وإعادة النظر في بعض العناصر واستمرارهم ضمن القائمة ومن أهم ما يجب التركيز عليه الروح القتالية والرغبة وعدم اليأس من تكرار المحاولات، فمشوار التصفيات طويل يحتاج لمتابعة الدوري والاحلال والابدال المستمر هذا الأمر يعزز التنافسية بين اللاعبين لتقديم الأفضل للظفر بالاختيار في قائمة المنتخب الوطني الذي يتشرف كل لاعب بأن يقع الاختيار عليه.
وأضاف عبدالقادر :"مباراتي كوريا الشمالية وأوزبكستان في أكتوبر يحتاج المدرب باولو بنتو لمتابعة الدوري بعين الباحث عن أفضل الموجود، ويمكنه وضع مجهره على بعض اللاعبين الذين درج على وضعهم في دكة البدلاء أمثال ليما وعلي صالح ومراقبة أداءهم في مباريات الدوري، ويمكن أن يكون لديه هدف أو فكرة جعلته يضعهما على الدكة وهذه أيضاً يمكن أن تتغير، حتى أفكار المدرب يمكنها أن تتغير في كرة القدم".
وتابع :" اختبار المزايا الفردية للاعب مهم للغاية، فمثلاً لاعب مثل ليما مؤثر للغاية، يجيد التحكم في الكرة بوسط الملعب، وارسال البينيات و التسديد من خارج الصندوق، لاعب مثله لا يجلس في الدكة خصوصاً أمام فريق مثل ايران، حتى وإن لم يكن دفاعياً بالقدر الذي يريده المدرب، وكذلك الحال في علي صالح أفضل لاعب في الامارات حالياً". 
وشدد المحلل الكروي على أهمية الاستعداد جيداً لتجنب أي مفاجآت وعدم الاستهانة بالمنتخب الكوري الذي حصد نقطة من المنتخب القطري بالتعادل معه بهدفين لمثلهما في استاد لاوس الوطني.