سلطان القاسمي يفتتح المقر الإقليمي لـ «إيسيسكو» في الشارقة
افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، صباح أمس، بحضور سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة، المقر الإقليمي لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، في المدينة الجامعية بإمارة الشارقة.
وأزاح سموه الستار عن اللوح التذكاري إيذاناً بالافتتاح الرسمي للمبنى، الذي بُني وفقاً لتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة، لتوفير مستلزمات عمل منظمة الإيسيسكو وتمكينها من أداء مهامها في محيط عملها، من خلال عقد الأنشطة التربوية والعلمية والثقافية، وتقديم أفضل الخدمات الفنية والعلمية والعملية والدعم المؤسسي للدول الأعضاء.
وتم اختيار الشارقة لمكانتها الثقافية المتميزة، واحتضانها لمؤسسات بارزة مثل المتاحف والمراكز البحثية، إضافة إلى موقعها الجغرافي الذي يسهل الوصول إلى دول الخليج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وخط سموه في سجل الزوار كلمات بمناسبة الافتتاح، قال فيها ": سعدنا هذا الصباح بلقاء شركائنا في العلم والمعرفة، وامتدت الأيادي وقررت العقول لعمل صادق نزيه، يمتد أولاً إلى الإنسانية ومن ثم إلى العقول التي حباها الله الإيمان الصادق والعمل لرفعة الإسلام لنكن معاً دائماً ونكون في عطائنا صادقين ".
واستمع صاحب السمو حاكم الشارقة إلى شرح حول مواصفات مبنى "الإيسيسكو" الذي تم تشييده بطابق أرضي يضم مجموعة متكاملة من الأقسام الإدارية والفنية والخدمية، وتفوق مساحته 3 آلاف متر مربع ضمن مساحة أرض إجمالية تزيد عن 42 ألف متر مربع، وتعرف سموه على المبنى الذي يتسع لـ 95 موظفاً، وهو مجهز لاستقبال 245 زائراً في مرافقه المختلفة مثل المسرح، وقاعة التدريب، والمجلس، ليبلغ العدد الإجمالي للموظفين والزوار 340 شخصاً.
واطلع سموه على مخطط المبنى الذي يحتوي على أقسام متعددة مثل الاتصال، والخدمات، والثقافة، والقطاع المشترك، ويضم كل منها 16 مكتباً وقسم الدعم الفني بـ 14 مكتباً، وقسمي المالية والموارد البشرية بعدد 6 مكاتب لكل منهما.
وشاهد سموه مرافق المبنى مثل قاعات الاجتماعات والفعاليات إلى جانب مسرح بسعة 150 شخصاً، وقاعة تدريب تتسع لـ 70 شخصا، وغرفة ترجمة تخدم المسرح وقاعة التدريب.
كان حفل الافتتاح قد استهل بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، ألقى بعده سالم عمر سالم المدير الإقليمي لمنظمة الإيسيسكو بالشارقة كلمة رحب فيها بصاحب السمو حاكم الشارقة والحضور، معبراً عن شكره وتقديره لتشريف سموه ورعايته لهذا الصرح الثقافي الذي أوضح أنه يجسد رؤية سموه بأن الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في الإنسان، وأن الثقافة ليست ترفاً، بل مسؤولية ورسالة وأمانة.
وخاطب سالم عمر سالم صاحب السمو حاكم الشارقة، قائلاً :" لقد كنتم وما زلتم الراعي الأول للكلمة والسند الأوفى للكتاب، والدرع الحامي للهوية والفكر، حتى غدت الشارقة منارة للثقافة، ومقصداً للمبدعين، إننا اليوم، لا نفتتح مجرد مكتب إقليمي، بل مركز ثقافي نابض بالحياة، يحمل في جوهره رؤية تمتد إلى الغد، ورسالة تستشرف ملامح المستقبل".
وأضاف أن هذا المركز سيكون بإذن الله منارة توجه وتقيم وتقدم الحلول لصناع القرار ولرواد الثقافة، مستشاراً مبتكراً، ومسهماً فاعلاً، يجمع العقول في بيئة تشعل الفكر، وتلهم المبدع، ونحن في هذا المقام، نؤكد التزامنا العميق بتسخير المعرفة لخدمة الإنسان، ودعم التعليم والبحث العلمي، واحتضان الثقافة الرقمية، وتعزيز التنمية المستدامة ".
وتناول المدير الإقليمي لمنظمة الإيسيسكو بالشارقة أهمية الشراكات وتضافر الجهود وقال : " نؤمن بأن رسالتنا لن تكتمل إلا بتضافر الجهود، وبالشراكات الصادقة مع المؤسسات والهيئات المحلية والإقليمية، لكي نكون جسراً بين الشرق والغرب، وبين الفكر والإبداع، ومنصة تتبنى قيم الوسطية التي دعت إليها رسالة الإسلام السمحاء".
ووجه شكره إلى الجهات الحكومية الداعمة، على ما بذلته من جهد لتنفيذ وإنشاء هذا الصرح ولمعالي الدكتور سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة الإيسيسكو، على جهوده الدؤوبة وثقته الداعمة، متطلعاً إلى المزيد من التعاون لما فيه مصلحة للجميع.
من جانبه، ألقى معالي الدكتور سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة الإيسيسكو كلمة، أشاد فيها بجهود إمارة الشارقة وحاكمها في دعم المنظمات الثقافية والعلمية، مؤكداً أن افتتاح المكتب الإقليمي للإيسيسكو في الشارقة يأتي بفضل الرؤية الثاقبة لسموه في جعل الثقافة مشروعاً حياً نابضاً بالمعرفة والإبداع، واصفاً الشارقة بقيادتها الحكيمة بأنها آمنت دائماً بأن الاستثمار الحقيقي هو الاستثمار في الإنسان، وأن بناء العقول هو الطريق الأمثل لصناعة المستقبل.
وأوضح أن هذا الصرح يواصل مسيرة العطاء المعرفي التي عُرفت بها الإمارة، وليكون مركزاً يحتضن الفكر والبحث والابتكار، ويعزز حضور الثقافة في محيطها الإقليمي والدولي.
و قال إن الإيسيسكو بكل فخر تطلق لقب (سادن المعرفة) وتمنحه لصاحب السمو حاكم الشارقة تقديراً لجهوده عبر عقود طويلة، والذي عُرف خلالها رمزاً للمعرفة وأيقونة للإبداع وداعماً للمبدعين والمثقفين، وإقرارا بما قدمه سموه من جهود راسخة في خدمة الثقافة، ودعم العلوم، ورعاية الآداب والفنون، وترسيخ قيم الهوية والانفتاح والحكمة.
وكشف المدير العام لمنظمة الإيسيسكو عن إطلاق جائزة جديدة تحمل اسم "جائزة الإيسيسكو – سلطان القاسمي للتميز الحضاري"، لتكون حافزاً للإبداع وبصمة إضافية في سجل الإنجازات المشتركة بين الشارقة والإيسيسكو، وتناول مهام المقر الجديد الذي سيعمل لأن يكون منصة لتعزيز التواصل الثقافي، ومركزاً لتفعيل البرامج والمبادرات التي تخدم الإنسان، وتحتفي بالكلمة والفكرة واللوحة والصورة، وتؤكد مكانة الشارقة منارة للمعرفة والإشعاع الحضاري.
واختتم المالك كلمته بأبيات شعرية جاء في مستهلها:
صرح سما بمآثر ومكارم، أصغى الزمان بها لجود القاسمي
نجم يحلق في سماء إمارة، هي للثقافة عالم للعالم
هي للمعارف مثلما أيقونة، سطعت كشمـس في احتشاد غمائم .
مضيفاً والمسرح العربي أنتم نوره، يرقى بكم في رونق متزاحم
أما المعارض والكتاب فقصة، يروي براعتها اطراد مواسم
سر أيها الشادي المؤمل حادياَ، لتنير بالإقدام درب عزائم.
وشاهد صاحب السمو حاكم الشارقة والحضور مادتين مصورتين تناولت الأولى مراحل بناء المشروع ومكوناته وما يضم من مرافق تخدم زواره، وما تقدمه منظمة "الإيسيسكو" من خدمات للزوار تسهم في تأدية دورها لصون التراث الثقافي الإسلامي، وتطوير التعليم والعلوم، ودعم الإبداع الثقافي.
فيما تطرقت المادة الثانية إلى منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة "إيسيسكو"، والتعريف بها كإحدى أبرز المنظمات الدولية التي تعمل على تعزيز التعاون وبناء الشراكات بين دول العالم الإسلامي، من خلال برامج مبتكرة تخدم المجتمعات وتدفع عجلة التقدم، إضافة إلى آلية عمل المنظمة بتنفيذ العديد من المبادرات الخاصة بمشاريع التراث والتعاون مع الهيئات المحلية للدول الأعضاء في تسجيل التراث المادي وغير المادي لديها، والعمل على ترميم المواقع الأثرية، وتنفيذ برامج التعليم وإطلاق منصات تعليمية إلكترونية بالشراكة مع الجامعات في الدول الأعضاء، وتنظيم الفعاليات الثقافية المشاركة في المعارض الثقافية والفكرية والفعاليات الخاصة بإحياء تراث الدول الأعضاء.
وكرم صاحب السمو حاكم الشارقة الشركاء والداعمين مهدياً سموه إياهم الدروع التذكارية وملتقطاً الصور الجماعية، وتسلم سموه إهداء خاصاً من "الإيسيسكو" عبارة عن شهادة لقب "سادن المعرفة"، إضافة إلى قطعة فنية تم صياغتها بأنامل مبدعة جمعت بين عريق الفن وجمال المعنى، صنعت في مدينة فاس المغربية، وهي من النحاس التقليدي، ويمثل الهوية العربية مزينة ببيت من شعر أمير الشعراء أحمد شوقي: "وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا".
وعلى هامش الافتتاح، اطلع صاحب السمو حاكم الشارقة على منصة باحثي الإمارات، والتي تعمل بالذكاء الاصطناعي ويمكنها التنبؤ بالموضوعات ذات الأهمية خلال السنوات المقبلة لبناء الدراسات المختلفة في الدول الإسلامية الأعضاء في المنظمة، ومتابعة موضوعات البحث العلمي الرائجة على مستوى الدول وتصنيف الدول الإسلامية وترتيبها حسب عدد البحوث.
كما تسلم سموه الإصدار الأول من المجلة الدولية للدراسات الإسلامية، وهي مجلة علمية محكمة تصدر عن مركز باحثي الإمارات وتختص بالدراسات الإسلامية الثقافية، وتصدر باللغتين العربية والإنجليزية.
حضر الافتتاح إلى جانب سموهما الشيخ سعود بن سلطان بن محمد القاسمي مدير عام دائرة الشارقة الرقمية، والشيخ ماجد بن عبدالله بن ماجد القاسمي مدير دائرة العلاقات الحكومية، وعدد من كبار المسؤولين وممثلي الدول الأعضاء في منظمة الإيسيسكو.