ناقشت القانون الإماراتي واستخدام الذكاء الاصطناعي في مواجهة هذه الجريمة

شرطة دبي تحتفي باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر بندوة تخصصية

شرطة دبي تحتفي باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر بندوة تخصصية

•  صالح عبد الله مراد: الدولة أولت هذا الملف أولوية قصوى عبر تشريعاتها وجهودها المؤسسية وشراكاتها الدولية
•  مكتب الأمم المتحدة: نثمن عالياً جهود الإمارات ومشاركتها المجتمع الدولي في مكافحة هذه الجريمة


احتفت القيادة العامة لشرطة دبي، باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، عبر تنظيم ندوة تخصصية بالتعاون مع لجنة مكافحة الاتجار بالبشر في وزارة الداخلية، تحت شعار: "معاً ضد الاتجار بالبشر، تشريعات صارمة، وتقنيات ذكية، وبيئة عمل آمنة من الاستغلال"، ناقشت قانون الإمارات التخصصي في مكافحة هذه الجريمة بعقوبات مُشددة، وسبل استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة في مساعدة الجهات المُختصة في كشف المتورطين والأنماط والصور لهذه الجريمة العابرة للحدود، إلى جانب إلقاء الضوء على جهود وزارة الموارد البشرية والتوطين في مجال منع استغلال العمالة المساعدة.
وافتتح سعادة اللواء الدكتور صالح عبد الله مراد، مساعد القائد العام لشؤون التميز والريادة في شرطة دبي بالوكالة، فعاليات الندوة التي أقيمت في نادي ضباط شرطة دبي، بحضور الدكتور مهند فايز الدويكات، المنسق الإقليمي لبرامج مكافحة الاتجار بالبشر بمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، وعدد من الضباط.

جريمة تُهدد المجتمعات 
وألقى سعادة اللواء الدكتور صالح عبد الله مراد كلمة الافتتاح، أكد فيها "أن جريمة الاتجار بالبشر تُعد من أخطر الجرائم التي تهدد المجتمعات، وتنتهك القيم الإنسانية والدينية والأخلاقية. وهي تتطلب منا جميعاً -مؤسسات وأفراداً - تضافر الجهود والعمل بتكامل لمواجهتها، لا سيما في ظل التحديات التي تفرضها التقنيات الحديثة وأساليب الجريمة المُنظمة العابرة للحدود"، مشيراً إلى أنه " لا يمكن التصدي لهذه الجريمة إلا بتضافر جهود كافة الجهات". وقال سعادته:" نحن في القيادة العامة لشرطة دبي، وبالتعاون مع شركائنا في وزارة الداخلية، واللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، ومكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة المعني بدول مجلس التعاون الخليجي، نبذل جهوداً مشتركة ونوعية، وعلى كافة المستويات، لتظل دولتنا واحة أمان ينعم كل من يعيش فيها بحقوقه التي يكفلها القانون، ما جعل من الإمارات نموذجاً يُحتذى في المنطقة والعالم في هذا المجال".
وتابع سعادته: "إن المُتتبع لجهود الدولة في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر يلمس جدية فيما تتخذه من إجراءات على كافة الأصعدة، وهو ما ينم عن إدراك لواجبها في رعاية حقوق الإنسان، فلقد أولت الدولة هذا الملف أولوية قصوى، ترجمتها في تشريعاتها الرائدة، وجهودها المؤسسية، وشراكاتها الدولية، وإنشائها اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، وإطلاقها في العام 2023 القانون رقم 24 لمكافحة الاتجار بالبشر، وذلك التزاماً مع المعايير الدولية في هذا المجال".

خدمة دعم الضحايا 
وأشار سعادته إلى أنه: "ونظراً لأن غالبية ضحايا هذه الجريمة هم من النساء والأطفال، فقد أولت شرطة دبي اهتماماً خاصاً بتوفير آليات دعم تراعي خصوصية هذه الفئات الهشة، وانطلقت في هذا المسار برؤية استباقية، حيث أطلقت ضمن تطبيقها الذكي خدمة دعم ضحايا الاتجار بالبشر. وتُعد هذه الخدمة أداة فعالة تمكن الضحايا من الوصول السريع والآمن إلى أشكال الدعم المتكامل، سواء على الصعيد القانوني أو النفسي أو الاجتماعي، بما يعزز من حماية حقوقهم، ويوفر استجابة ذكية ومتكاملة تحفظ الكرامة وتجسد القيم الإنسانية". وختم سعادته كلمته: أتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم في تنظيم هذا الندوة، ولكافة الجهات الحاضرة من شركائنا في العمل الأمني والقضائي والحقوقي والاجتماعي، متمنياً أن تكون هذه الندوة منصة للإلهام، وفرصة للتعلم، وانطلاقة لمبادرات مؤثرة ومستدامة".

مكتب الأمم المتحدة: نثمن جهود الإمارات 
من جانبه، ألقى الدكتور مهند فايز الدويكات كلمة، قال فيها: "إن العالم يحتفل في كل عام باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، وبصفتنا الأمانة العامة لاتفاقية الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها، نشكر لكم حسن اختيار عنوان هذه الندوة: "معاً ضد الاتجار بالبشر، تشريعات صارمة، وتقنيات ذكية، وبيئة عمل آمنة من الاستغلال". وقال:" في هذا المقام، واستناداً إلى عنوان الندوة، وكمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، نثمن عالياً جهود دولة الإمارات العربية المتحدة، التي اتخذت كافة الخطوات اللازمة من أجل مكافحة هذه الجريمة، حيث شاركت المجتمع الدولي في محاربة ومكافحة هذه الجريمة، فقد صادقت على الاتفاقيات الدولية الخاصة بذلك، ومنها - على سبيل المثال لا الحصر - اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والبروتوكولات الملحقة بها، وخاصة بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، خاصة النساء والأطفال، عام 2000م، وأصدرت تشريعاً وطنياً خاصاً بمكافحة الاتجار بالبشر، والذي جاء مُنسجماً مع البروتوكولات، ويضمن حقوق الضحايا، وعقوبات رادعة، وتنسيق التعاون الوطني والإقليمي الخاص، ويضمن وقاية فاعلة في هذا المجال". وأضاف: "لكون جريمة الاتجار بالبشر تعد بمثابة الوجه المعاصر لظاهرة العبودية، حيث يُشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان الأساسية في الحرية والأمن والكرامة الشخصية، وكما تعرفون، فقد شهدت هذه الجريمة تصاعداً غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، بسبب تطور وسائل النقل والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي كنتيجة للعولمة، واتساع نطاق الجريمة المنظمة عبر الوطنية، مما يؤدي إلى وقوع الأفراد الأكثر تعرضاً للخطر، وأغلبهم من النساء والأطفال، كضحايا لشبكات هذه الجريمة، ولذلك فقد عملنا، وبالشراكة مع لجنة إدارة حقوق الإنسان بوزارة الداخلية في الإمارات، في برامجنا التدريبية، على توظيف التقنيات الذكية وتقنيات الذكاء الصناعي لأغراض جمع الأدلة والتحقيق في قضايا الاتجار بالبشر".
وتابع دويكات: "كما عملنا مع إدارة حقوق الإنسان في شرطة دبي على تطوير دبلوم اختصاصي في مكافحة الاتجار بالبشر، والذي تخرج منه أكثر من 754 مشاركة ومشارك في الوطن العربي، وإعداد الأوائل من خريجي الدبلوم بدورات تدريب المدربين، والذين يقودون الآن العملية التدريبية في الوطن العربي كخبراء وطنيين وإقليميين لمكتب الدولي للأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وعملنا بالشراكة معاً على تنظيم برامج تدريبية تخصصية لكافة القطاعات".
وأكمل: "وهنا أود أن أشير إلى أنه مع استكمال الشق المؤسسي والشق التشريعي في الدولة، نثمن عالياً لدولة الإمارات اتجاهها أيضاً في التركيز على الشق التنفيذي، وكيفية التعامل مع هذه الظاهرة على أرض الواقع، من خلال تشكيل اللجنة الوطنية لمنع الاتجار بالبشر، وإصدار استراتيجية وطنية، وتعزيز سيادة القانون، وإيجاد القضاء المتخصص، والنيابة، والشرطة، ومفتشي العمل المختصين في هذا المجال، والذين شارك مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لدول مجلس التعاون الخليجي، في تأهيلهم وتدريبهم وفقاً لأفضل المعايير والممارسات الدولية". وقال: "هنا لا ننسى أيضاً إيمان دولة الإمارات بأن العمود الفقري في ملف الاتجار بالأشخاص هم الضحايا، وعملها الدؤوب على إنشاء دور إيواء في كافة الإمارات لحماية الضحايا، والتي تُدار من أناس لديهم الخبرة والكفاءة والفاعلية في ذلك، وكان لنا الشرف بالمشاركة في تدريب بعضهم وفقاً لمعايير حقوق الإنسان ومعايير الأمم المتحدة".
فعاليات جلسة الندوة
وعقب الكلمتين الرئيسيتين، بدأت فعاليات الجلسة الرئيسية في الندوة التي تحدث فيها كل من: العقيد متقاعد دكتور فيصل البنا، أستاذ القانون الجنائي المشارك بأكاديمية شرطة دبي، والمقدم دكتور عبد الله الحفيتي، عضو لجنة مكافحة الاتجار بالبشر بوزارة الداخلية، رئيس قسم التحليل المجتمعي، والأستاذ بطي صالح السعدي، رئيس قسم التحقيق بوزارة الموارد البشرية والتوطين، وأدارها عمار علي، خبير وطني في مجال مكافحة الاتجار بالبشر.
 وتحدث الدكتور فيصل البنا عن جهود دولة الإمارات في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر قبل إقرار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، اتفاقية "باليرمو"، ذلك عبر مواد قانون العقوبات التي تعاملت مع هذا النوع من الجرائم، وصولاً إلى إصدار قانون متخصص في عام 2023، مُستعرضاً سياسة دولة الإمارات في القانون، وسياسة التجريم، وصور هذه الجريمة، وآليات حماية الشهود والضحايا.

الذكاء الاصطناعي
أما المقدم الدكتور عبد الله الحفيتي، فاستعرض "استخدام الذكاء الاصطناعي في مواجهة الاتجار بالبشر والتحديات والحلول" المتعلقة بها، مشيراً إلى أهمية استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة واعدة في تتبع جريمة الاتجار بالبشر، من خلال استخدام تقنيات تحليل البيانات الضخمة، وكشف أنماط الجريمة، والتنبؤ بالمخاطر، والتعرف على الصور والمحتوى الضار، وتحديد الضحايا المُحتملين.
كما استعرض في الوقت ذاته التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي في مكافحة جريمة الاتجار بالبشر، وقدم مجموعة من الحلول ذات الصلة.

العمالة المنزلية
أما السيد بطي صالح السعدي، فتحدث عن العمالة المنزلية المساعدة وسبل الوقاية من استغلالها، مُستعرضاً جهود وزارة الموارد البشرية والتوطين في إصدار التشريعات الضابطة، ووضع ضوابط لاستقدام العمالة المساعدة، ووضع عقود موحدة، وإبرام اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الدول المُرسلة للعمالة المساعدة، إلى جانب القيام بالحملات التفتيشية والتوعية وغيرها من الجهود التي تكفل الحقوق والواجبات.
وفي ختام الحفل، كرم سعادة اللواء صالح عبد الله مراد، الدكتور مهند دويكات والمتحدثين في الندوة، شاكراً معلوماتهم القيمة.