صحف عربية: الحرب في أوكرانيا تُعيد النفط والغاز إلى صدارة المشهد

صحف عربية: الحرب في أوكرانيا تُعيد النفط والغاز إلى صدارة المشهد


كشفت الحرب الروسية الأوكرانية، خطأ الغرب في التعامل مع النفط والغاز، والطاقة الأحفورية بشكل عام، بعد أن سارعت دوله على امتداد العقد إلى محاولة قبرها، وتحميلها مسؤولية تدهور المناخ، في الوقت الذي لم تكن فيه لا القوى الكبرى في الغرب، جاهزة للبديل الفعلي والعملي. ووفق صحف عربية صادرة أمس الثلاثاء، يسابق الغرب اليوم الوقت لتأمين الإمدادات من الطاقة، بعد تفجر الأزمة الكبرى في قطاع الطاقة، بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، والعقوبات الغربية القاسية على قطاعي النفط والغاز والروسيين، ما فتح المجال في وجه أزمة خانقة، أَضحت تهدد اقتصاد الدول الأوروبية، وأمريكا، ومن ورائهما العالم بأسره.

الحل الإفريقي
في هذا السياق قالت صحيفة العرب اللندنية، إن الغرب بعد قرار وقف الاعتماد على إمدادات الطاقة الروسية، أصبح مضطراً للبحث عن مصادر بديلة، بعد تبين حجم الخطر والورطة التي تردت فيها أوروبا أساساً، بقرار مقاطعة النفط والغاز الروسيين، بمحاولة تسريع الخطوات لتأمين حاجتها من النفط والغاز من إفريقيا.  ورغم استمرار دول الغرب في سياسة التخلص من الطاقة الأحفورية المتسرعة، والرهان على التحول إلى طاقة الرياح والطاقة الشمسية، إلا أن مراقبين وخبراء يعتقدون حسب الصحيفة، أنه إنتاج الطاقة المتجددة لن يكون إلا جزءاً من حل طويل الأمد.  ورغم انتباه أوروبا والغرب، أخيراً إلى مصادر الطاقة في إفريقيا، خاصةً في الجزائر وليبيا، القريبتين، إلا أن إفريقيا جنوب الصحراء، أكبر مصدر للطاقة خاصة من الغاز في العقود المقبلة، ما يدفع أوروبا خاصةً إلى الرهان عليها، ولكنها مطالبة قبل ذلك برفع تحديات كبرى، مالية ولوجستية، قبل استغنائها عن الطاقة الروسية، إذ سيكون طول خط الأنابيب العابر للصحراء من نيجيريا، إلى أوروبا، عبر شمال إفريقيا “أكثر من 2500 ميلا ويمكن أن ينقل ما يصل إلى 30 مليار متر مكعب من الغاز النيجيري إلى أوروبا سنويا، أي ما يعادل ثلثي واردات ألمانيا لسنة 2021 من روسيا. ولكن من المرجح أن يستغرق إنشاء خط الأنابيب عبر الصحراء عقداً أو أكثر، وسيشكل العديد من التحديات لأنه يمر عبر مناطق ابتليت بالصراعات والتمرد».

 رأساً على عقب
وفي موقع “إندبندنت عربية” قال أنس بن فيصل الحجي، إن “النفط سلعة سياسية شئنا أم أبينا. وقد تتوافق المصالح السياسية مع الاقتصادية أحياناً، وقد تعارضها أحياناً أخرى. فإذا تعارضت المصالح الاقتصادية مع المصالح السياسية، فإن على كبار الدول المنتجة تحقيق التوزان بينها.
 استمرار دور أوبك+ مستقبلاً ومحاولة تحقيق التوزان في عامي 2023 و2024، يتطلبان زيادة إنتاج النفط حالياً فوق ما هو محدد في الخطة المقررة، بفرض عدم وجود ركود اقتصادي، إلا أن العوامل السياسية تفرض عدم إنتاج هذه الزيادة. وبهذا نجد أن أفضل الخيارات حالياً هو الاستمرار بتطبيق خطة زيادة الإنتاج، خصوصاً أن صادرات النفط الروسية لم تنخفض بشكل كبير».

وعلى صعيد آخر، وإلى جانب البعد السياسي، فإن الأزمة الأوكرانية، تمثل حسب الكاتب، تجميداً لسياسة الاستغناء عن النفط في أوروبا، ذلك أن التطورات المتسارعة في أوكرانيا، جعلت الرئيس الروسي بوتين يُحقق “هدفاً لم يكن مقصوداً على الإطلاق، وهو أنه ضرب سياسات الحياد الكربوني الأوروبية في الصميم، وأخر تطبيقها سنوات عدة. فها هي بعض الدول الأوروبية تعود للوقود الأحفوري بحجة تحقيق أمن الطاقة، بينما تقوم الحكومات بتحويل إعانات الطاقة الخضراء وسيارات الكهرباء إلى إعانات وقود ومواد غذائية. نتيجة هذه التطورات فإن الطلب على النفط والغاز مستقبلاً سيكون أعلى من كل التوقعات. وبما أنه ليس هناك إمدادات إضافية بسبب ضعف الاستثمارات في الصناعة في السنوات الماضية، فإن الحاجة للنفط والغاز الروسيين ستزداد في كل الحالات.
المشكلة أن صناعة الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية تعيش على الإعانات والقوانين الحكومية التي تتضمن ضريبة الكربون. وكل الدراسات الحالية مبنية على وجود ضرائب الوقود. اقتصادات الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية في ظل الأزمة الأوكرانية انقلبت رأساً على عقب».  

حرب بسوس
وفي صحيفة الاتحاد قال علي بن سالم الكعبي، إن خيار التخلي عن النفط والغاز الروسيين، مشكلة لأوروبا والغرب، قبل أن يكون عقاباً لروسيا قائلاً: “وبينما يراهن كثيرون على إنهاكها بعد أن طالت العقوبات معظم أنشطتها، إلا أن هذا لا يعني أنها لم تدرس الموقف من جميع جوانبه، وستختار بالتالي الطريق التي ستصل من خلاله إلى النتيجة الأقل كلفة عليها.والعقوبات لن تطال روسيا وحدها، بل ستضر بمصالح أوروبا التي تعتمد على الغاز الروسي وعلى موارد أخرى. وحينما يصل سعر برميل البترول إلى 140 دولاراً وسعر المتر المكعب من الغاز إلى 2500 دولار، فهذا لن يلحق الضرر بروسيا لأنها المصدر الرئيسي لهاتين المادتين اللتين لا بديل عنهما حتى اليوم، وبالتالي ستتمكن من تغطية كلفة حربها مع تعويض جزء من الخسائر التي تواجهها. في المقابل تئن الدول المستوردة من ارتفاع الأسعار، وعلى ضوء ذلك قد تحدث مفاجآت تعيد بعض الدول النظر بعلاقاتها مع الصين التي ازدهر اقتصادها مع أول أيام الحرب على أوكرانيا، وأول صفارة إنذار دوت عالياً في عدد من مدنها».

نفط الشرق الأوسط
في صحيفة الشرق الأوسط، قال نديم قديش: “من المفارقات العجيبة، أن الإدارة التي كانت قبل أشهر قليلة في قمة المناخ ترفع موضوع الانبعاثات السامة والطاقة النظيفة إلى مصاف ديانة حداثية جديدة، هي نفسها من تدعو القادرين اليوم إلى ضخ المزيد من النفط في الأسواق، فقط لأن مصالحها تقتضي ذلك، بل وقررت بشكل يائس القفز فوق كل ما تدعيه من قيم حقوقية وليبرالية وأنتي-ديكتاتورية باتجاه الحوار مع نظام مادورو في فنزويلا، في حين كانت بعض أصوات الإدارة تتمسك بتوجيه الانتقادات القاسية لدول خليجية محددة، لا غبار على خياراتها العاقلة في السياسة الدولية عامة، وفي برامج التطوير الاجتماعي والاقتصادي الداخلي».

وأضاف الكاتب “هذا التعامل القاصر مع دول رئيسية في الشرق الأوسط على أنها حقول نفط لا أكثر ولا أقل، نساومها عند الحاجة ونمارس عليها تفوقاً أخلاقياً مع ضمور الحاجة، يكشف عن حجم الانتهازية الأخلاقية التي تمارسها واشنطن والتي باتت تقلق عدداً من كبار المعلقين الأمريكيين الذين يرون أن خسارة أمريكا لفكرة التفوق الأخلاقي الكوني، هي أخطر ما يمكن أن يحصل للدور القيادي الأمريكي في العالم.