رئيس الدولة يقدم واجب العزاء في وفـاة محمـد مبـارك المنصـوري
صحف عربية: لبنان يتحوّل إلى مغارة فساد.. والتدويل يقترب
قطعت ميليشيا حزب الله الطريق على أي قوى سياسية في لبنان تسعى لتقديم أي دور في إطار التدويل، مهددة برد مضاد سيؤدي إلى حرب.ووفقاً لصحف عربية صادرة أمس السبت، تتجه الأوضاع السياسية في لبنان نحو المجهول في ظل غياب توافق بين عون والحريري على تشكيل الحكومة، فيما يتم البحث عن محقق عدلي جديد للتحقيق في جريمة تفجير المرفأ بعد إقالة القاضي صوان.
في صحيفة النهار اللبنانية، رفع الأمين العام لميليشيا حزب الله، حسن نصر الله السقف عالياً رفضاً للتدويل أو طلب التدخل الدولي في لبنان، معتبراً أن هذا المطلب يؤدي إلى حرب، وقد تكون مواجهتها مقدسة بالنسبة إليه.
وأشارت الصحيفة إلى أن خطاب نصر الله ضد التدويل، يمارس في المقابل سياسة تربط لبنان بالمحاور الإقليمية، فهو يلتزم قرار مرجعيته الإيرانية ويأخذ لبنان إلى الصراع في سوريا وأيضاً يمكن أن تكون له أدوار في العراق واليمن، كما أنه يساهم برهن البلد للخارج ويضعه على فالق الصراع الإقليمي والدولي من دون أن يتمكن أحد من إحداث توازن داخلي يعيد الاعتبار للوطنية اللبنانية. وأوضحت أن الأمين العام لميليشيا حزب الله، استبق محاولة بلورة الطرح الذي رفعه البطريرك الماروني بشار الراعي، بعد أن فشل مطلبه الأول الداعي إلى حياد لبنان، لقطع الطريق على اصطفاف قوى سياسية أخرى تتبنى هذا الطرح، وهو ما يُفقد الحزب الكثير من عناصر قوته والإمساك بمفاصل أساسية في لبنان وفي القرار السياسي والتأثير.
وقالت إن “النقطة الأكثر سخونة هي ما قاله نصر الله من أن طرح التدويل سيقابل بردّ مضاد وسيؤدي إلى حرب، ما يعني أن الحزب يقطع الطريق على أي قوى سياسية بما فيها البطريرك الماروني التقدم إلى أداء دور لبناني برعاية دولية في إطار التدويل، لذا يحاول أن يقدم صورة في الداخل اللبناني أنه الأقوى، وفي المقابل يقدم موقعه أنه يوازن بين القوى الطائفية كلها، خصوصاً الموارنة والسنّة في إطار موقعي رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة وأنه القادر على حل المشاكل بينهما ومرجعاً لهما، وبذلك يحيّد نفسه أو يبرّئ قوته من أنها أصل المشكلة طالما أن المجتمعين الدولي والعربي لا يحبذان مشاركة حزب الله في الحكومة».
وبدوره، قال الكاتب راجح الخوري في صحيفة الشرق الأوسط “يعرف الرئيس نبيه بري جيداً أن لبنان تجاوز المجهول، وصار في قعر الدول المنهارة، ويمكن في ظل أزمته الاقتصادية المعيشية، ومع ملامح الإفلاس الكامل التي تعصف بالمواطنين، أن يغرق في الفوضى الاجتماعية وفي اضطرابات أمنية بدأت ملامحها تتصاعد منذ زمن، مع أعمال الاغتيال والسطو المسلح والسرقة التي وصلت حتى إلى نهب أغطية مجاري المياه وأسلاك الكهرباء لبيعها».
واستغرب الكاتب أن يدعو بري الرئيس الفرنسي إلى التدخل مرة أخرى لمساعدة لبنان، موضحاً “على أي أساس يدعو بري، ماكرون، للعودة إلى لبنان، في وقت يكرر محمد جواد ظريف انتقاد الدور الفرنسي حيال لبنان، ربما لمجرد أن ماكرون دعا إلى إشراك المملكة العربية السعودية في أي مفاوضات أمريكية جديدة حول الاتفاق النووي مع طهران، بالإضافة إلى التعقيدات التي دمرت كل الجسور بين أهل السلطة، خصوصاً بين الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري المكلف تشكيل حكومة جديدة».
وأضاف أن “لبنان إلى تحوّل مغارة للفساد، والمصيبة أن الذين يتحدثون عن الفشل في بناء الدولة هم الذين هدموها مع حلفائهم، والأدهى أنهم احتاجوا الآن إلى 15 عاماً لاكتشاف هذا، في محاولة مكشوفة منهم لتعويم مصداقيتهم وأوضاعهم المنهارة في الوسط المسيحي تحديداً، في حين يحاول عون وتياره دائماً القول إنه حريص على استعادة حقوق المسيحيين، بينما كل المرجعيات الكهنوتية وصولاً لبنان مهدداً بالزوال والإفلاس». وتابع “قبل أسابيع سأل الصحافيون عون: إذا لم تشكل الحكومة إلى أين نحن ذاهبون، فرد بالقول مباشرة: إلى جهنم، وعليه كيف لبري أن يراهن من جديد على وساطة فرنسية لإحياء الدولة اللبنانية المقتولة التي تزحف نحو بوابة جهنم؟».
ومن جهته، تطرق الكاتب حسن مدن في صحيفة الخليج، إلى قصة الأمير الأندلسي الحَكم المستنصر بالله، الذي أراد أن يختبر ورع وعفة القاضي أبي اسحاق إبراهيم بن أسلم القرطبي، فقطع عنه جرايته، أي راتبه.
وقال “حاولت رموز الطبقة السياسية الحاكمة في لبنان أن تفعل مع القاضي فادي صوان، ما فعله الأمير الأندلسي مع القاضي القرطبي، إن لم يكن عبر أداة المال فعبر أدوات ضغط أخرى، فصدمها موقفه الرافض لضغوطها فاختارت أن تعاقبه باستبعاده من المهمة الموكلة إليه بالتحقيق في ملابسات الانفجار المروع في مرفأ بيروت».
وأضاف “تجد الطبقة السياسية اللبنانية المتنفذة ذريعة لإقالة القاضي صوان سوى الزعم بتضارب المصالح، لسبب في غاية الغرابة هو أن منزل القاضي يقع في المنطقة التي طالها الانفجار، وأنه كان أحد المنازل المتضررة».
وأشار الكاتب إلى أن القاصي والداني يعلم أن السبب في إقالة صوان، هو اتهامه لرئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب و3 وزراء سابقين، هم وزير المالية السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس، بالتقصير عن الفترة التي أمضوها في الحكومة والتي تركت خلالها مئات الأطنان من نترات الأمونيوم دون رقابة في ميناء بيروت.
وأوضح أنه لم يمثل أي واحد من الأربعة المذكورين أمام القاضي لاستجوابهم كمدعى عليهم، متذرعين بتمتعهم بما وصفوه حصانة دستورية، فضلاً عن حماية النخبة السياسية لهم رغم ما بين أطرافها من تناقض، لكن أفرادها جميعاً العالمين بمخاطر تخزين المواد المتفجرة في مخازن المرفأ، خططوا للهروب من المساءلة.
وأما صحيفة الجمهورية اللبنانية، فقد تحدثت عن مشوار التحقيق العدلي بقيادة القاضي فادي صوان الذي حظي عند تكليفه بمجموعة من الشهادات التي تحدثت في مناقبيته وما يتمتع به من استقلالية، وقدرته على تجاوز المصاعب التي يمكن أن تواجهه، ورفض الضغوط المتوقعة طالما أنه يتعاطى مع نكبة هي من أخطر الأحداث بكل المواصفات.
وقالت “بمعزل عمّا آلت إليه الآلية القضائية التي لجأ إليها صوان طوال الفترة التي أمضاها في مهمته، إلى أن كُفّت يده عن الملف أول أول أمس الخميس، فقد عبر مجموعة من المطبات السياسية والإدارية والقانونية والقضائية، في محاولة قصد منها إتمام مهمته في أفضل الظروف الممكنة».
وأضافت “إن اتكأ صوان على كمّ الثقة التي استقاها من أكثر من مصدر شعبي وسياسي وقضائي، فقد ظهر واضحاً أنّه لا يمكن الرهان عليها عند ملامسة بعض الرموز الحكومية والنيابية غير العادية، فكانت المراجعة أمام محكمة التمييز لكف يده بالإرتياب المشهود، لمجرد اللجوء إلى أسباب لا تتناسب مع حجم النكبة ومعاناة فئة كبيرة من ضحايا التفجير».
وأوضحت الصحيفة أن مضمون قرار كف اليد، الذي استند في جزء منه إلى كون صوان من المتضررين في منزله من جراء الانفجار، وأنه تقاضى مبلغاً متواضعاً لقاء الأضرار التي طاولته، لم يكن مقنعاً ليكون سبباً لإعفائه من المهمة، بمقدار ما أكّد وجود قرار سياسي صدر عن جهات فاعلة تلاقت على إبعاده، فهي هدّدت ونفّذت بما قالت به وكان لها ما أرادته.
وأشارت إلى أن تسمية محقق عدلي جديد تتجّه إلى مجموعة من القضاة المحسوبين على أهل السلطة، مبينة أنه من غير الممكن أن يكون هناك قاضٍ من “صوان” يقوم بالمهمّة الخطيرة المناطة به، ويضرب بيد من حديد، واضعاً الجميع أمام مسؤولياتهم في مثل النكبة التي حلّت باللبنانيين، ويكون قادراً على مواجهة كل الأطراف المتضررة من إمكان الوصول إلى جوانب ولو محدودة من الحقيقة في ما حصل في 4 أغسطس(آب) الماضي.