أتمنى أن يستعيد لبنان مكانته كمركز للثقافة والفن والجمال
عاصي الحلاني: الوسط الفني يخضع للغربلة بين فترة وأخرى
أطل «فارس الغناء العربي» عاصي الحلاني على سنة 2025 بعمل جديد ومميز على مستوى الكلمة واللحن والتوزيع حمل اسم «كسر عضم»، وسرعان ما حقق صدى إيجابياً بين الناس وعلى مستوى أهل الصحافة والإعلام.
الحلاني، الذي يضم أرشيفه الفني أعمالاً متميزة، غنائية ومسرحية، يؤكد في هذا الحوار أنه فخور بكل ما قدمه، خصوصاً أعماله المسرحية في بعلبك التي وقف على مسرحها كبار الفنانين اللبنانيين والعالميين، مبدياً في الوقت عينه تفاؤله بمستقبل لبنان، ومتمنياً أن يستعيد دوره الريادي في الشرق الأوسط كوطن للجمال والفن والثقافة.
• كم تجد كفنان صعوبة في «العثور» على أغنية متميّزة كلاماً ولحناً وتوزيعاً؟
- لا شك أننا أصبحنا نواجه في المدة الأخيرة صعوبات كبيرة في اختيار مواضيع جديدة بسبب ندرة الأغنيات التي تجمع بين الفكرة والمضمون وبين الكلام الجميل والشعر المتميّز في الوقت عينه. ولا يمكن إلا التوقف عند هذه المشكلة الكبيرة التي تواجهنا كمطربين عند اختيار كلمات أغنياتنا الجديدة ولكنني والحمدلله وُفّقت في أغنيتي الأخيرة «كسر عضم». فأول ما لفتني فيها هو كلامها الجميل وبراعة عبير أبو اسماعيل في صوغها في شكل مقنع جداً، ما جعلني أقتنع بها إلى حد كبير. كما لفتني موضوع القصة التي تناولتْها في شكل راق ومميز واستخدامها لمفردات جديدة. وهذا الأمر ساعد على ترجمة الكلام والإبداع في اللحن، حيث لعب الدكتور حسان زيود دوراً كبيراً في ترجمته بلحنٍ مقنع جداً، كما منح الكلمة إحساساً عالياً جداً، فضلاً عن التوزيع الموسيقي الذي قام به الموزع غسان مرهج، ما ساهم إلى حد كبير في ولادة الأغنية في الشكل الذي سمعه الناس والذي تم تنفيذه في تركيا بالتعاون مع مجموعة من الموسيقيين الأتراك.
• وهل يعني هذا أننا في زمن التراجع الغنائي، خصوصاً مع ندرة الأغنيات المميزة وعدم بروز أصوات شابة واعدة أم نحن في زمن الغربلة بعد فوضى فنية اختلط فيها الجيد بالرديء؟
- لا شك أن الوسط الفني يخضع للغربلة بين فترة وأخرى، فيستمر ويبقى البعض ويغيب مَن لا يقدمون أعمالاً قادرة على البقاء والاستمرار، ثم لا يلبث أن ينساهم الناس مع مرور الوقت.
في هذا الزمن من الصعب أن يجد الفنان عملاً يواكب من خلاله الموضة والعصر ويقدّم فيه كلمة غير مبتذلة تنطوي على موضوع جديد، فضلاً عن توزيع جيد ولحن مميز. ولكن هناك عدداً لا بأس به من الأعمال الجميلة التي تَصدر. كما برزت أصوات جميلة وشابة على الساحة الفنية. والفن لا بد وأن يستمر من جيل إلى آخَر. في المقابل، يمكن أن يَحدث بعض التغيير، ولكن لا يصح إلا الصحيح والبقاء للأفضل الذي يقدّم فناً حقيقياً والذي لا بد أن يستمر ويبقى. والاستمرارية تكون من نصيب الفنان الذي يقدّم كلمة حلوة ولحناً جميلاً ومضموناً جيداً.
• اليوم كيف تفكّر عندما تنظر إلى تاريخك الفني المليء بالنجاح والعطاء والتألق؟
- أشعر بالفخر تجاه كل ما قدّمتُه. وخلال مسيرتي الفنية التي تمتدّ لنحو 35 عاماً قدّمتُ أنواعاً وأنماطاً غنائية وموسيقية مختلفة، كما أتشرّف بأعمالي المسرحية سواء مع كركلا أو على مسرح بعلبك، لأنها من الأحلام التي كنت أتمنى تحقيقها.
وقوفي على خشبة مسرح بعلبك كان بمثابة حلم وحققتُه كونه المكان الذي وقف عليه أهمّ الفنانين اللبنانيين وأعظمهم، كالسيدة فيروز، أطال الله عمرها، والفنانة الراحلة صباح، والراحل الكبير وديع الصافي، وأيضاً أهم نجوم العالم. وقد حالفني الحظ بتقديم ثلاثة أعمال مسرحية في بعلبك، الأولى مع الأستاذ الكبير عبدالحليم كركلا وبمشاركة الأستاذ الكبير الراحل وديع الصافي الذي وقف لآخِر مرة معي على خشبة مسرح بعلبك وكرّمني عند انتهاء العرض المسرحي وشاركني الغناء، وهو العمل الذي شاركتْ فيه أيضاً الفنانة هدى شقيقة السيدة فيروز، وغابي يمين وجوزف عازار أطال الله عمره، وغيرهم. والثانية «من أيام صلاح الدين» مع الأخوين صباغ وبمشاركة أنطوان كرباج وكارمن لبس. والثالثة «عاصي الحلم»، المسرحية التي قدّمتها مع المخرج جو مكرزل عام 2014. هذه الأعمال لا يمكن أن أنساها أبداً لأنها تشكل محطات مهمة في مسيرتي الفنية.
كما أنني سعيد جداً بكل الأعمال التي قدمتها على الصعيد الوطني، حيث يضم أرشيفي عدداً كبيراً من الأغنيات الوطنية أبرزها «لبناني» التي أصبحتْ اليوم نشيداً وطنياً بكل ما للكلمة من معنى وهي تُغنى في كل المناسبات سواء داخل لبنان أو من الجالية اللبنانية في بلاد الاغتراب. وحالياً، بصدد تحضير أغنية وطنية جديدة مع الشاعر نزار فرنسيس وهي من ألحاني وتوزيع طوني سابا الذي وزّع أيضاً أغنية «لبناني» وسأصدرها قريباً مدعومة بفيديو كليب جديد.
• هل أنت متفائل بمستقبل لبنان - الوطن؟
- أتمنى أن يكون لبنان في أفضل حال خلال المرحلة المقبلة وأن تكون بداية الـ 2025 انطلاقة لاستعادة مجده وازدهاره وأن يتم تأليف الحكومة بأسرع وقت وأن يستعيد بلدي مكانته كمركز للثقافة والفن والجمال وأن يشكل نقطة تلاقٍ لكل الأحباء والأشقاء العرب وأن يحتضن هذا الوطن الصغير بمساحته والكبير بأفعاله الجميع، وأن يعود كما كان في السابق سويسرا الشرق مجدداً، وأن يتمكن من تخطي كل الصعاب.