رئيس الدولة ومحمد بن راشد يبحثان في العين عددا من الموضوعات التي تهم شؤون الوطن والمواطن
عام 2024.. 3 تغييرات كبرى في حرب أوكرانيا
وصف الرئيس فلاديمير بوتين مؤتمره الصحفي السنوي هذا العام بأنه «محطة رئيسية» في مسار تحقيق «أهداف» الحرب التي تخوضها روسيا ضد أوكرانيا. وفي جلسة لوزارة الدفاع الشهر الجاري، قال بوتين إن القوات الروسية استولت على 189 مستوطنة في الجبهة، وإن القوات المسلحة زاد عددها إلى 1.5 مليون مجند، متباهياً بأن أكثر من 1000 متطوع كانوا يُوقِّعون عقوداً عسكرية كل يوم.
ويبدو أن هذه الأرقام لم تصبّ كثيراً في صالح موسكو وتمنحها ميزة كبيرة تتفوق بها على كييف في السنة الثالثة من الحرب التي كانت تتوقع روسيا الانتصار فيها في غضون أيام، وفق تقرير لصحيفة «موسكو تايمز».
فرغم أن موسكو تواصل احتلال مساحات شاسعة من أوكرانيا، فهي لم تحقق مكاسب كبيرة.
هجوم كورسك الأوكراني
عندما توغّلت كييف في منطقة كورسك الحدودية الروسية في أغسطس (اب) الماضي، أصبح توغلها أهم هجوم أجنبي على الأراضي الروسية منذ الحرب العالمية الثانية.
وشمل الهجوم استيلاء كييف على 20 مستوطنة في كورسك، بما في ذلك بلدة سودزا التي تُعدُّ مركزاً رئيساً لنقل الغاز الطبيعي بين روسيا وأوروبا.
ويقول المحللون إنه في حين أن التوغل الأوكراني يُعدُّ نجاحاً عسكريّاً كبيراً - على الأرض وسياسياً أيضاً - ما تزال المنطقة تشكل تحدياً لكييف وموسكو على حدٍ سواء.
وحتى نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كانت كييف ما تزال تهيمن على 800 كم2 من كورسك، وهي مساحة تقل عن التقديرات السابقة قدَّرَت سيطرتها على نحو 1400 كم2، حسبما صرح مصدر في الجيش الأوكراني لوكالة فرانس برس.
ويعتقد كثيرون أنه يمكن استغلال هذه المنطقة باعتبارها ورقة مساومة في محادثات وقف إطلاق النار المحتملة بين موسكو وكييف، وأن القتال في كورسك يمكن أن يتصاعد بالتزامن مع سعي روسيا لتحقيق انتصار سياسي باستعادة السيطرة على أراضيها.
وقال إيفان ستوباك، الخبير العسكري والضابط السابق في جهاز الأمن الأوكراني: «في الأشهر المقبلة، من المرجح أن نشهد محاولة من موسكو لطرد أوكرانيا من منطقة كورسك في أسرع وقتٍ ممكن».
ورغم ذلك، يقول الخبراء إن التغييرات المحورية قد تَعقُب تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب في يناير (كانون الثاني) المقبل، إذ وعدَ ترامب «بإنهاء الحرب» فور توليه منصبه، مما قد يمهد الطريق أمام المفاوضات بين موسكو وكييف وواشنطن.
الضربات الصاروخية العابرة للحدود
وكثَّفَت روسيا وأوكرانيا هجماتهما الجوية القاتلة، وأطلقتا العنان لأسلحة متطورة بشكلٍ متزايد وأثارتا مخاوف من أن الصراع قد يتصاعد أكثر.
وسمح الرئيس الأمريكي جو بايدن في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لكييف باستخدام منظومة صواريخ «ATACMS» طويلة المدى الأمريكية الصنع ضد أهداف عسكرية داخل روسيا، في خطوةٍ حذّرت موسكو منذ فترة طويلة من أنها ستستوجب رداً مدمراً.
وفي 21 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أطلقت روسيا صاروخ أوريشنيك الباليستي التجريبي القادر على حمْل رؤوس نووية ضد أوكرانيا لأول مرة، فيما وصفه بوتين بالرد على استخدام كييف منظومة صواريخ «ATACMS» ضد أهداف في العمق الروسي.
ورغم ذلك، يقول ستوباك إن استخدم الصاروخ أوريشنيك كان «استعراضاً للعضلات» أكثر منه تصعيداً حقيقاً للحرب.
وقال الخبير العسكري الإسرائيلي ديفيد شارب لصحيفة «موسكو تايمز»: «من وجهة نظرٍ عسكرية، كان من الواضح أن استخدام عدد صغير من الصواريخ على أهداف رئيسة محددة لن يغير الوضع تغييراً جذرياً على الخطوط الأمامية».
وأضاف «رغم أن استخدام منظومة ATACMS كبَّدَ موسكو خسائر محددة، فهو لم يكن سوى رسالة سياسية لروسيا».
التقدم البطيء لروسيا
ظلّت المناطق الشرقية في أوكرانيا مسرحاً لأعمال القتال العنيفة، إذ تقدمت موسكو ومارست ضغوطاً على القوات الأوكرانية المُنهكة التي تتفوق عليها روسيا عدداً وعتاداً.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تقدم الجيش الروسي لمساحة بلغت 478 كم2 داخل الأراضي الأوكرانية، وهو رقم قياسي منذ مارس (آذار) 2022 في الأسابيع الأولى من الحرب، وفقاً لتحليل وكالة «فرانس برس» للبيانات الصادرة عن معهد دراسات الحرب الأمريكي.
وهذه مساحة تفوق ما استحوذت عليه موسكو في أغسطس (اب) وسبتمبر (أيلول) 2024 (477 و459 كم2 على التوالي).
وحتى منتصف ديسمبر (كانون الأول)، كانت القوات الروسية على بُعد عدة كيلومترات وحسب من بوكروفسك في منطقة دونيتسك، التي أخذت تدنو منها من الجنوب والشرق منذ أشهر. وبحسبما جاء على لسان ستوباك، يفضل الجيش الروسي تكتيك تطويق المستوطنات من جميع الجهات بدلاً من شن هجمات أمامية مُكلفة وتستغرق وقتاً طويلاً.
«التكتيك ناجح، لكن التكلفة مسألة أخرى. فقد تكبدت روسيا خسائر فادحة وبدا أنها لا تعبأ بقواتها كثيراً. لكن أوكرانيا تتكبد خسائر هي الأخرى».
طيلة عام 2023، استولت القوات الروسية على مساحة قدرها 584 كم2 فقط من الأراضي الأوكرانية، وفقاً لتحليل وكالة «فرانس برس» المستند إلى بيانات صادرة عن معهد دراسات الحرب.
ورغم ذلك، فمنذ 1 يناير (كانون الثاني) 2024، كانوا قد استولوا فعلاً على أكثر من 2660 كم2، وهي مساحة أكبر قليلاً من مساحة موسكو.
وإلى جانب شبه جزيرة القرم التي ضمها الروس، ومناطق شرق أوكرانيا التي كان يسيطر عليها الانفصاليون المدعومون من موسكو قبل غزو الكرملين في فبراير (شباط) 2022، تسيطر روسيا حالياً على 18.2% من أراضي أوكرانيا بحسب تقديرات مساحتها عام 2013.