رئيس الدولة يؤكد إخلاص أبناء الوطن وتفانيهم جيلاً بعد جيل في خدمته
ستكون عملية أكبر وأكثر تعقيدًا وأشدّ فتكًا:
فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا فكرة كارثيّة
	-- هناك وسائل جوية أخرى «أفضل» لمواجهة القوات الروسية
-- تفسّر القوة النووية الروسية أيضًا سبب رفض قادة الناتو طلب زيلينسكي فرض منطقة حظر طيران
-- خطوة تعني التدخل المباشر في الصراع مما قد يؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة
	
حان الوقت لحذف مصطلح “منطقة حظر طيران” من مفرداتنا.
سيؤدي هذا إلى إغلاق النقاش حول الحاجة، أو عدمها، لفرض حظر في سماء أوكرانيا. تعطي هذه العبارة الانطباع بأنها خطوة بسيطة للغاية، وقائية بحتة، وشبه سلبية، تشبه إلى حد ما الشرطي الذي يلوح بإشارة عند معبر للمشاة.
	
إذا أردنا اعتماد مصطلحات أكثر دقة، والتي من شأنها أن تصف بشكل أدق كل رهاناتها ومخاطرها، يجب ان نتحدث عن “عمليات قتالية جوية” والتي، في الظروف الحالية، ستُترجم على أنها “الذهاب إلى الحرب ضد روسيا”. هل سيكون 74 بالمائة من الأمريكيين -نسبة الذين يقولون إنهم يؤيدون فكرة منطقة حظر طيران -مؤيدين لذلك؟
في هذه المرحلة، يبدو أن الرأي عامّة في واشنطن يرى أن فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا لإحباط الغزو الروسي فكرة كارثية. رفض البيت الأبيض ذلك، وحتى الجمهوريون الذين يبحثون عن أسباب جديدة لمعارضة جو بايدن بالكاد احتجوا.
ومع ذلك، لا يزال الجدل محتدما، بل كان الموضوع الأكثر سخونة خلال المناقشات السياسية على التلفزيونات يوم الأحد في الولايات المتحدة. ففي برنامج “التقي بالصحافة”، قال السناتور الديمقراطي جو مانشين، من وست فرجينيا، إنه يعتقد أنه لا ينبغي “استبعاد الاحتمال كليًا”. والسبب الرئيسي وراء عدم اختفاء هذه الفكرة، هو أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لا يزال يدعو إليها. وقد يبدو من الوقاحة تقريبًا رفض طلبه تمامًا.
	
الصليب والراية
ما يعنيه فرض منطقة حظر طيران بالضبط: منع جميع الطائرات التي ليست لنا من الطيران في مجال جوي محدد. في العقود الأخيرة، فرضت الولايات المتحدة حظرا على العراق وليبيا وصربيا لحماية المدنيين. لكن هذه الحماية تعني أننا نهاجم المعتدين، ونطلق النار على الطائرات التي تدخل المنطقة، ونقصف الأسلحة الدفاعية المضادة للطائرات التي تهدد طائراتنا. هذه المناطق معقدة للغاية عند اقامتها، وفي السنوات العشر بين حربين في العراق، عندما فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مناطق حظر طيران في الجنوب (لحماية الشيعة) والشمال (لحماية الأكراد)، حلقت الطائرات المقاتلة أكثر من 200 ألف طلعة جوية، وأسقطت أكثر من 1000 قنبلة على أكثر من 240 هدفًا. وعام 1996، خلال حملة دامت يومين لتدمير صواريخ أرض -جو العراقية، أطلقوا أربعة وأربعين صاروخ كروز.
عام 1999، أثناء حرب كوسوفو، استهلكت الطائرات الحربية الأمريكية وحلف شمال الأطلسي ثمانية وسبعين يومًا لفرض منطقة حظر طيران فوق منطقة بحجم ولاية كونيتيكت. وأطلقت الطائرات 743 صاروخ جو -أرض لتدمير أربعة وأربعين موقعًا لإطلاق صواريخ أرض -جو وحفنة من الأسلحة المضادة للطائرات (لإقامة منطقة حظر طيران، يجب على الجيش أن يمحو الأسلحة الأرضية التي يحتمل أن تجعل من طائراته أهدافا). ورغم ذلك، تم إسقاط طائرتين من هذه الطائرات، ولم تضمن الولايات المتحدة تفوقها الجوي، أي السيطرة الكاملة على المجال الجوي والقضاء على جميع التهديدات الأرضية.
تبلغ مساحة أوكرانيا مرة ونصف حجم العراق، وثمانية أضعاف حجم صربيا. وعلى الرغم من أن منطقة حظر الطيران لن تحتاج إلى تغطية الدولة بأكملها، إلا أنها يجب أن تحمي المناطق المحيطة بكييف وخاركيف وأوديسا والممرات الإنسانية المؤدية إلى لفيف وغربها. بالإضافة إلى ذلك، مقارنة بجيوش صدام حسين وسلوبودان ميلوسيفيتش، يمتلك الجيش الروسي في أوكرانيا عددا أكبر من الطائرات، وأنظمة مضادة للطائرات أطول مدى.
لذلك ستكون عملية أكبر وأكثر تعقيدًا، وبخاصة، أشدَّ فتكًا.
	
طرق أفضل
بعبارة أخرى، ستخوض الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي حربًا ضد روسيا. سيدمرون كميات هائلة من المعدات العسكرية الروسية، ويقتلون أعدادًا كبيرة من الجنود، حتى أثناء الامتناع عن قصف الدبابات والمركبات وخطوط الإمداد الروسية -وبمجرد الانخراط في المعركة، سيتم ممارسة الضغط للقيام بذلك.
وقد يعتقد فلاديمير بوتين بشكل معقول، أنّ هذه ستكون الخطوة التالية. وفي فوضى الحرب، قد يعتقد أن طائرات الناتو تقوم بذلك فعلا وسيتصرف وفق ذلك.
ان فرض منطقة حظر طيران قد لا تكون وسيلة فعالة للغاية لحماية المدنيين الأوكرانيين المعرضين للهجوم، فقد أصيب أو قُتل معظمهم بالمدفعية الروسية وليس بالطائرات.
هناك وسائل جوية أخرى (أفضل) لمواجهة القوات الروسية. في الأيام الأخيرة، طرحت فكرة إرسال طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا، منها طائرات ميغ روسية الصنع يعرف الطيارون الأوكرانيون كيفية استخدامها. ويمكن استخدامها لتفجير قوافل المدرعات وخطوط الإمداد والتركيزات الأخرى للقوة العسكرية الروسية.
وسيكون إرسال طائرات من قبل الناتو جزءً من الاستمرارية، على نطاق أوسع، للتزويد بأنواع أخرى من الأسلحة التي كان يرسلها إلى أوكرانيا منذ عدة أيام، وهي ممارسة يبدو أن بوتين لا يعتبرها تدخلا مباشرا، على الأقل حتى الآن.
	
الفائدة لا تستحق كل هذا
عندما بدأ غزوه، قال بوتين إن أي محاولة من جانب الغرب للتدخل ستؤدي إلى “عواقب وخيمة لم يرها من قبل “. فسّر الكثيرون هذه الملاحظة على أنها تهديد باستخدام الأسلحة النووية.
إذا تدخلت الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى بشكل مباشر في الحرب، يمكنها إيقاف الهجوم الروسي، وربما هزم الجيش الروسي تمامًا، وهذا في غضون أيام قليلة. لكن بوتين، سيواجه الخيار التالي: إما الاستسلام والتعرض الى إذلال كامل، أو إرسال بعض الصواريخ النووية التكتيكية إلى أهداف رئيسية في أوكرانيا، أو ربما إلى قواعد جوية في دول الناتو، في محاولة لاستعادة بعض النفوذ في مفاوضات وقف إطلاق النار.
وبما أن روسيا تمتلك أسلحة نووية، أصرّ بايدن منذ بداية الصراع على عدم تدخل الولايات المتحدة أو الناتو بشكل مباشر. وتفسّر القوة النووية لبوتين أيضًا سبب رفض قادة الناتو طلب زيلينسكي فرض منطقة حظر طيران. ان القيام بذلك يعني التدخل المباشر في الصراع، والذي قد يؤدي في الواقع إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة.
الدفاع عن أوكرانيا أمر مهم... إنه يستحق أن يتحمّل في سبيله الكثير من الإزعاج والتضحية... لكن ليس إلى هذه الدرجة.
	
	
	 
                                   
														
							-- تفسّر القوة النووية الروسية أيضًا سبب رفض قادة الناتو طلب زيلينسكي فرض منطقة حظر طيران
-- خطوة تعني التدخل المباشر في الصراع مما قد يؤدي إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة
حان الوقت لحذف مصطلح “منطقة حظر طيران” من مفرداتنا.
سيؤدي هذا إلى إغلاق النقاش حول الحاجة، أو عدمها، لفرض حظر في سماء أوكرانيا. تعطي هذه العبارة الانطباع بأنها خطوة بسيطة للغاية، وقائية بحتة، وشبه سلبية، تشبه إلى حد ما الشرطي الذي يلوح بإشارة عند معبر للمشاة.
إذا أردنا اعتماد مصطلحات أكثر دقة، والتي من شأنها أن تصف بشكل أدق كل رهاناتها ومخاطرها، يجب ان نتحدث عن “عمليات قتالية جوية” والتي، في الظروف الحالية، ستُترجم على أنها “الذهاب إلى الحرب ضد روسيا”. هل سيكون 74 بالمائة من الأمريكيين -نسبة الذين يقولون إنهم يؤيدون فكرة منطقة حظر طيران -مؤيدين لذلك؟
في هذه المرحلة، يبدو أن الرأي عامّة في واشنطن يرى أن فرض منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا لإحباط الغزو الروسي فكرة كارثية. رفض البيت الأبيض ذلك، وحتى الجمهوريون الذين يبحثون عن أسباب جديدة لمعارضة جو بايدن بالكاد احتجوا.
ومع ذلك، لا يزال الجدل محتدما، بل كان الموضوع الأكثر سخونة خلال المناقشات السياسية على التلفزيونات يوم الأحد في الولايات المتحدة. ففي برنامج “التقي بالصحافة”، قال السناتور الديمقراطي جو مانشين، من وست فرجينيا، إنه يعتقد أنه لا ينبغي “استبعاد الاحتمال كليًا”. والسبب الرئيسي وراء عدم اختفاء هذه الفكرة، هو أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لا يزال يدعو إليها. وقد يبدو من الوقاحة تقريبًا رفض طلبه تمامًا.
الصليب والراية
ما يعنيه فرض منطقة حظر طيران بالضبط: منع جميع الطائرات التي ليست لنا من الطيران في مجال جوي محدد. في العقود الأخيرة، فرضت الولايات المتحدة حظرا على العراق وليبيا وصربيا لحماية المدنيين. لكن هذه الحماية تعني أننا نهاجم المعتدين، ونطلق النار على الطائرات التي تدخل المنطقة، ونقصف الأسلحة الدفاعية المضادة للطائرات التي تهدد طائراتنا. هذه المناطق معقدة للغاية عند اقامتها، وفي السنوات العشر بين حربين في العراق، عندما فرضت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة مناطق حظر طيران في الجنوب (لحماية الشيعة) والشمال (لحماية الأكراد)، حلقت الطائرات المقاتلة أكثر من 200 ألف طلعة جوية، وأسقطت أكثر من 1000 قنبلة على أكثر من 240 هدفًا. وعام 1996، خلال حملة دامت يومين لتدمير صواريخ أرض -جو العراقية، أطلقوا أربعة وأربعين صاروخ كروز.
عام 1999، أثناء حرب كوسوفو، استهلكت الطائرات الحربية الأمريكية وحلف شمال الأطلسي ثمانية وسبعين يومًا لفرض منطقة حظر طيران فوق منطقة بحجم ولاية كونيتيكت. وأطلقت الطائرات 743 صاروخ جو -أرض لتدمير أربعة وأربعين موقعًا لإطلاق صواريخ أرض -جو وحفنة من الأسلحة المضادة للطائرات (لإقامة منطقة حظر طيران، يجب على الجيش أن يمحو الأسلحة الأرضية التي يحتمل أن تجعل من طائراته أهدافا). ورغم ذلك، تم إسقاط طائرتين من هذه الطائرات، ولم تضمن الولايات المتحدة تفوقها الجوي، أي السيطرة الكاملة على المجال الجوي والقضاء على جميع التهديدات الأرضية.
تبلغ مساحة أوكرانيا مرة ونصف حجم العراق، وثمانية أضعاف حجم صربيا. وعلى الرغم من أن منطقة حظر الطيران لن تحتاج إلى تغطية الدولة بأكملها، إلا أنها يجب أن تحمي المناطق المحيطة بكييف وخاركيف وأوديسا والممرات الإنسانية المؤدية إلى لفيف وغربها. بالإضافة إلى ذلك، مقارنة بجيوش صدام حسين وسلوبودان ميلوسيفيتش، يمتلك الجيش الروسي في أوكرانيا عددا أكبر من الطائرات، وأنظمة مضادة للطائرات أطول مدى.
لذلك ستكون عملية أكبر وأكثر تعقيدًا، وبخاصة، أشدَّ فتكًا.
طرق أفضل
بعبارة أخرى، ستخوض الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي حربًا ضد روسيا. سيدمرون كميات هائلة من المعدات العسكرية الروسية، ويقتلون أعدادًا كبيرة من الجنود، حتى أثناء الامتناع عن قصف الدبابات والمركبات وخطوط الإمداد الروسية -وبمجرد الانخراط في المعركة، سيتم ممارسة الضغط للقيام بذلك.
وقد يعتقد فلاديمير بوتين بشكل معقول، أنّ هذه ستكون الخطوة التالية. وفي فوضى الحرب، قد يعتقد أن طائرات الناتو تقوم بذلك فعلا وسيتصرف وفق ذلك.
ان فرض منطقة حظر طيران قد لا تكون وسيلة فعالة للغاية لحماية المدنيين الأوكرانيين المعرضين للهجوم، فقد أصيب أو قُتل معظمهم بالمدفعية الروسية وليس بالطائرات.
هناك وسائل جوية أخرى (أفضل) لمواجهة القوات الروسية. في الأيام الأخيرة، طرحت فكرة إرسال طائرات مقاتلة إلى أوكرانيا، منها طائرات ميغ روسية الصنع يعرف الطيارون الأوكرانيون كيفية استخدامها. ويمكن استخدامها لتفجير قوافل المدرعات وخطوط الإمداد والتركيزات الأخرى للقوة العسكرية الروسية.
وسيكون إرسال طائرات من قبل الناتو جزءً من الاستمرارية، على نطاق أوسع، للتزويد بأنواع أخرى من الأسلحة التي كان يرسلها إلى أوكرانيا منذ عدة أيام، وهي ممارسة يبدو أن بوتين لا يعتبرها تدخلا مباشرا، على الأقل حتى الآن.
الفائدة لا تستحق كل هذا
عندما بدأ غزوه، قال بوتين إن أي محاولة من جانب الغرب للتدخل ستؤدي إلى “عواقب وخيمة لم يرها من قبل “. فسّر الكثيرون هذه الملاحظة على أنها تهديد باستخدام الأسلحة النووية.
إذا تدخلت الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى بشكل مباشر في الحرب، يمكنها إيقاف الهجوم الروسي، وربما هزم الجيش الروسي تمامًا، وهذا في غضون أيام قليلة. لكن بوتين، سيواجه الخيار التالي: إما الاستسلام والتعرض الى إذلال كامل، أو إرسال بعض الصواريخ النووية التكتيكية إلى أهداف رئيسية في أوكرانيا، أو ربما إلى قواعد جوية في دول الناتو، في محاولة لاستعادة بعض النفوذ في مفاوضات وقف إطلاق النار.
وبما أن روسيا تمتلك أسلحة نووية، أصرّ بايدن منذ بداية الصراع على عدم تدخل الولايات المتحدة أو الناتو بشكل مباشر. وتفسّر القوة النووية لبوتين أيضًا سبب رفض قادة الناتو طلب زيلينسكي فرض منطقة حظر طيران. ان القيام بذلك يعني التدخل المباشر في الصراع، والذي قد يؤدي في الواقع إلى اندلاع حرب عالمية ثالثة.
الدفاع عن أوكرانيا أمر مهم... إنه يستحق أن يتحمّل في سبيله الكثير من الإزعاج والتضحية... لكن ليس إلى هذه الدرجة.