الجائحة تذكر بأن بكين لاتزال منافساً نظامياً

فيروس كورونا يغيرّ حسابات أوروبا حيال الصين

فيروس كورونا يغيرّ حسابات أوروبا حيال الصين


قبل انتشار جائحة كورونا التي أنهكت العالم، كان مقرراً أن يكون 2020 عاماً حاسماً بالنسبة للاتحاد الأوروبي والصين؛ إذ كان من المتوقع أن يتخذ الطرفان خطوات مهمة في علاقتهما الاقتصادية والاستراتيجية خلال القمة المقرر عقدها في سبتمبر (أيلول) المقبل.
ويشير الصحافي لوك ماكغي في تقرير لشبكة “سي أن أن” الأمريكية أن الخطة كانت تسير على ذلك النحو، ولكن الموازين تغيرت بسبب فيروس كورونا؛ خاصة أن استجابة الصين للجائحة تركت انطباعاً سيئاً لدى المسؤولين الأوروبيين، بداية من حملات القمع الصارمة ضد مواطنيهـــــا وصــــولاً إلى الاتهامات بنشر معلومات مضللة في أوروبا.
وتذكّر هذه الأزمة بأن التعامل الوثيق مع الصين يأتي محفوفاً بالمخاطر.

قمة لاينزيغ
وحتى الآن، من المقرر أن تجتمع المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل مع قادة الاتحاد الأوروبي والرئيس الصيني شي جين بينغ في مدينة لاينزيغ الألمانية في الرابع عشر من سبتمبر (أيلول) المقبل.
ويرى دبلوماسيون ألمان أنه تم اختيار هذه المدينة لعقد القمة بسبب علاقة ألمانيا الشرقية السابقة بالصين، كما أن ميركل كانت تستثمر شخصياً في نجاح هذه القمة.
وعلى رغم أن القمة لاتزال بعيدة عن أن تكون لحظة فاصلة في علاقة أوروبا مع الصين، إلا أن ثمة شعوراً قوياً في بروكسل بأن وباء كورونا خلط أوراق العلاقة بين أوروبا الصين.
ويعتبر ستيفن بلوكمانز، رئيس السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في مركز دراسات السياسة الأوروبية، أن جائحة كورونا تُعد بمثابة تذكير ضروري لكثير من دول الاتحاد الأوروبي بأنه مهما كانت الأموال الصينية جاذبة، فإن الصين لاتزال منافساً نظامياً.
وكانت المفوضية الأوروبية قد أصدرت في مارس (آذار) 2019 بياناً وصفت فيه الصين بأنها “منافس نظامي يشجع نماذج بديلة للحكم».

كورونا وسلوك الصين
وبغض النظر عن الاتهامات الموجهة للصين بشن حملات تضليل على نطاق واسع لتخفيف اللوم عن مسؤوليتها في تفشي الوباء وتحسين صورتها الدولية، فإنه من الواضح بحسب التقرير أن البعض في بروكسل يشعر بالقلق الشديد إزاء سلوك الصين.
ويقول أحد مسؤولي الاتحاد الأوروبي: “الأمر كله يتعلق بتحديد النظام السياسي الأفضل في التعامل مع جائحة كورونا، هل هو النظام الذي يسمح بالحريات الشخصية، أم نظام الحكم الفردي الذي يتيح فرض إجراءات صارمة من دون قلق؟».
وفي سياق انعدام الثقة المتبادل، يرى التقرير أن قمة لايبزيغ المزمعة لن تسير كما خططت لها ميركل، وذلك لعدة أسباب، أولها أنه من الناحية العملية يعني انتشار الوباء أن الجانبين لن يتمكنا من الالتقاء وجهاً لوجه، وثانيها أن تصرفات الصين خلال تفشي كورونا وبعدها ستؤدي إلى مزيد من الخلافات والانشقاقات داخل الدول الأوروبية حول كيفية تسوية العلاقات مع بكين.
ولكن رغم ذلك، يبدو على الأرجح، بحسب التقرير، أن الاتحاد الأوروبي سيحاول إعادة الأمور إلى مسارها الصحيح؛ إذ لا يمكن الابتعاد عن الصين بسبب اعتماد جميع اقتصادات الاتحاد الأوروبي على سلاسل التوريد في الصين، وليس من مصلحة أي شخص مقاطعة التجارة مع بيجينغ.

موازنة العلاقات
 مع أمريكا والصين
وفي المقابل يتصاعد نفوذ الصين، ولكن من جانب أحادي، بحسب دبلوماسي ألماني، ولذلك من الواضح أن الصين تحتاج أيضاً إلى أوروبا، ويأمل مسؤولو بروكسل أن يتيح ذلك إمكانية الضغط على الصين في أمور مثل موقفها من حقوق الإنسان.
ويخلص التقرير إلى أن التعامل مع الصين بالنسبة للاتحاد الأوروبي ينطوي على أكثر من مجرد الأموال، خاصة أن زيادة ارتباط الاتحاد بالصين يمنحه فرصة لمضاعفة أولوياته الاستراتيجية المتعلقة بالسياسة الخارجية التي تتمثل في موازنة علاقاته مع الصين والولايات المتحدة، الأمر الذي يمنح الاتحاد الأوروبي مزيداً من الاستقلال الذاتي في الساحة العالمية.
ويختم التقرير بأن حسابات الاتحاد الأوروبي بشأن الصين لم تتغير؛ إذ لا يزال الاتحاد الأوروبي حريصاً على عدم التعرض للسحق بين القوتين العظميين: أمريكا والصين. ومن ناحية أخرى يكشف التاريخ الحديث أن الصين شريك غير موثوق به ويتسبب بانقسام بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
ولكن عاجلاً أم آجلا، سيتعين على أوروبا الموازنة بين هذين الواقعيين وأن تقرر كلفة هذا الاستقلال الدبلوماسي عن أمريكا.

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot