نيويورك تايمز: أردوغان يدرك تماماً التداعيات السياسية التي قد يواجهها

كورونا يضع الرئيس التركي أمام التحدي الأكبر منذ 18 عاماً

كورونا يضع الرئيس التركي  أمام التحدي الأكبر منذ 18 عاماً


كانت الأزمة الاقتصادية التركية تلوح في الأفق حتى قبل اجتياح فيروس كورونا الذي وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمام اختبار ربما يكون الأخطر له منذ توليه السلطة قبل ثمانية عشرة عاماً.
وتشير كارلوتا غال مديرة مكتب “نيويورك تايمز” في إسطنبول، أن البعض يأمل في أن يحقق فيروس كورونا ما فشل فيه مستشارو الرئيس التركي وهو إقناع أردوغان بالتخلي عن قبضته الاستبدادية على السياسة المالية في تركيا.
ورغم أن تركيا تبدو في وضع جيد للاستفادة من التغيرات في الاقتصاد العالمي، مثل سلاسل التوريد الأقرب للبلاد بحسب توقعات بعض المحللين، إلا أن فيروس كورونا يكشف بقوة الطرق التي جعل بها أردوغان الاقتصاد التركي ضعيفاً، فضلاً عن أنه وحد خصومه الذين تحدوا كل تحركاته أثناء تفشي المرض.

أكبر أزمة لأردوغان
وينقل التقرير عن أوزغور أنلوهيسارسيكلي، مدير صندوق مارشال الألماني في أنقرة، قوله إن “هذه أكبر أزمة يديرها أردوغان في حياته السياسية؛ فهو يدرك جيداً أن هناك كلفة للانكماش الاقتصادي».
وكان الاقتصاد التركي في وضع صعب فعلاً قبل وصول جائحة كورونا، خاصة مع ارتفاع معدلات البطالة والتضخم والاستثمارات الضخمة التي وجهها أردوغان في مشاريع البنية التحتية العملاقة، رغم تحذيرات المحللين منذ فترة طويلة من كلفتها الباهظة التي لا يمكن تحملها.
ويوضح تقرير “نيويورك تايمز” أنه مع انهيار السياحة، إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد التركي، ونقص الأموال بشدة، لم يعد لدى أردوغان سوى عدد القليل من الأصدقاء الذين يمكن اللجوء إليهم، لاسيما بعد استبعاد الحصول على قرض صندوق النقد الدولي.
ويأمل البعض في أن يسفر انتشار فيروس كورونا عن إقناع أردوغان بإجراء إصلاحات هيكلية والتخلي عن قبضته الاستبدادية على السياسة المالية في تركيا، وهو الأمر الذي فشلت فيه الأسواق المالية وبعض مستشاري الرئيس، خاصة مع تزايد الضغوط على البلاد وانخفاض العملة التركية “الليرة” إلى مستوى جديد؛ حيث كسرت حاجز الـ 7 ليرات مقابل الدولار الأمريكي الواحد. وبحسب الاقتصاديين فقد أنفق البنك المركزي التركي 20 مليار دولار من الاحتياطي النقدي منذ تفشي الوباء.

الأولوية للاقتصاد  
ويعتبر التقرير أن استجابة أردوغان لفيروس كورونا كانت فريدة من نوعها بين قادة العالم؛ إذ حاول موازنة إغلاق وانفتاح تركيا بشكل غير مستقر طوال فترة تفشي المرض، ولم يفرض أردوغان سوى إغلاق جزئي فقط وأصر على استمرار الصناعة في محاولة لإنقاذ الاقتصاد وقبضته على السلطة.
وبالفعل تم إغلاق المطاعم والحانات والشركات الصغيرة، ولكن العمل استمر في مصانع الإنتاج والنسيج ومواقع البناء والعمران، وخاصة مشاريع التطوير التي روج لها أردوغان.
وبسبب هذا النهج، إلى جانب نظام الرعاية الصحية الفعال، حصل أردوغان على ثقة كثير من السكان، وأظهرت استطلاعات الرأي في شهر أبريل -نيسان الماضي حصوله على 60% من الدعم. بيد أن نهج أردوغان في الوقت نفسه جعله عرضه لاتهامات إعطاء الأولوية للاقتصاد بدلاً من الحفاظ على حياة المواطنين، وتجسدت النتيجة في انتشار فيروس كورونا في مناطق الطبقة العاملة، فضلاً عن تعريض العمال للخطر في مواقع البناء.
وبحسب تقرير الصحيفة الأمريكية، وصل عدد حالات الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا في تركيا “تعداد سكانها 83 مليون نسمة” إلى 127 ألف حالة، وبلغ عدد الوفيات 3461 حالة وفق البيانات الرسمية، وعلى الأرجح أن العدد الحقيقي يتجاوز ذلك بكثير لأن تركيا تسجل فقط وفاة الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم بالمرض.
ويمارس أردوغان نفوذه الشديد على وسائل الإعلام والرسائل الحكومية للتأكيد على تباطؤ المعدل الإجمالي للإصابات بفيروس كورونا وتراجع الوفيات، ويتبنى نبرة الطمأنة في خطاباته طوال الوقت إلى الجمهور ويركز على أن تركيا حققت أهدافها الرئيسية للحد من انتشار المرض وفي الوقت نفسه تحافظ على معدلات الإنتاج والنظام العام.

تداعيات سياسية
ومع ذلك، يواجه أردوغان انتقادات شديدة من زعماء أكبر النقابات العمالية في البلاد، الذين يرون أن الحكومة رفضت إغلاق مواقع البناء ومنح العمال إجازة مدفوعة الأجر منذ تفشي الوباء، رغم مطالبات النقابة من أجل إنقاذ حياة العمال، والنتيجة أن الحياة لا تعود ببطء إلى طبيعتها، كما تدعي وسائل الإعلام، ولكن يتزايد انتشار العدوى بالمرض بين العمال.
ومن ناحية أخرى، يعاني العمال الذين أُرسلوا إلى منازلهم أو أجبروا على إغلاق أعمالهم من القلق بسبب التداعيات المالية، خاصة أن الحزم الاقتصادية التي أعلنها وزير المالية بيرات البيرق، صهر أردوغان، لا تلبي حاجاتهم.
ويلفت تقرير “نيويورك تايمز” إلى أن أردوغان، الذي يتطلع دوماً إلى الانتخابات المقبلة بعد ثلاث سنوات، يدرك تماماً التداعيات السياسية التي قد يواجهها، لاسيما أن شعبيته وحزبه، تعثرا في الانتخابات المحلية العام الماضي في مواجهة معارضة موحدة.

تخفيف النزاع مع الولايات المتحدة
وعلى الرغم من أن تركيا قد تكون في وضع يتيح لها الاستفادة من الاتجاهات الجديدة في التجارة والأعمال في حقبة ما بعد كورونا، وخاصة في مجال الصحة، إلا أن أردوغان يحتاج إلى الكثير من الأموال في الوقت الراهن. ولأن الاحتياطيات المتوافرة لا تتجاوز 35 مليار دولار فقط، فإن أردوغان يتطلع إلى مساعدة الولايات المتحدة، وقد استبعد السعي للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، ولكن خلال اجتماع عبر الفيديو مع أعضاء مجموعة العشرين في نهاية شهر مارس (آذار) الماضي، أثار احتمال عقد اتفاقية لتبادل العملات الأجنبية.
ويورد التقرير أن ثمة إشارات إلى أن تركيا تسعى لإجراء هذا التبادل مع الولايات المتحدة، رغم أنها غير مستوفية للشروط اللازمة، وخاصة البنك المركزي المستقل وانخفاض مستوى التضخم، حيث أجلت الحكومة التركية تفعيل نظام الدفاع الصاروخي الروسي “اس 400”، في خطوة تستهدف تخفيف النزاع بين تركيا والولايات المتحدة. وإلى ذلك، أرسل أردوغان طائرتين من الإمدادات الطبية إلى الولايات المتحدة في الأسابيع الماضية، وخطاباً للرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعلن فيه أن تركيا شريك موثوق قوي، ودعا أيضاً إلى تنسيق وشراكة وثيقة في الإجراءات التي يتعين اتخاذها من أجل إنعاش الاقتصاد العالمي».



 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot