كيف ينتشر فيروس الحصبة في دماغ الإنسان ويتسبب في مرض قاتل؟
رسم باحثون من مؤسسة "مايو كلينك" خريطة لكيفية تحور فيروس الحصبة وانتشاره في دماغ شخص توفي بسبب مرض دماغي نادر ومميت.ويقول الباحثون إن حالات جديدة من هذا المرض، وهو أحد مضاعفات فيروس الحصبة، قد تحدث مع عودة ظهور الحصبة بين أولئك غير المحصنين.
وتعد الحصبة من أكثر الأمراض المعدية. ويصيب فيروس الحصبة الجهاز التنفسي العلوي حيث يستخدم القصبة الهوائية،
أو القصبة الهوائية، بمثابة منطة (حصيرة الوثب/القفز) للانطلاق والانتشار من خلال الرذاذ المتطاير عندما يسعل أو يعطس شخص مصاب.
وكان الدكتور كاتانيو رائدا في إجراء دراسات حول كيفية انتشار فيروس الحصبة في جميع أنحاء الجسم. وبدأ دراسة فيروس الحصبة لأول مرة منذ نحو 40 عاما، وكان مفتونا بمرض الدماغ النادر والمميت الذي يسمى التهاب الدماغ الشامل المصلب تحت الحاد (SSPE)، والذي يحدث في حالة واحدة تقريبا من كل 10 آلاف حالة حصبة.
وقد يستغرق الأمر ما بين خمس إلى عشر سنوات بعد الإصابة الأولية حتى يتحور فيروس الحصبة وينتشر في جميع أنحاء الدماغ.
وتشمل أعراض هذا المرض العصبي التدريجي فقدان الذاكرة والنوبات وعدم القدرة على الحركة.
ودرس الدكتور كاتانيو هذا المرض المميت لعدة سنوات حتى اختفى تقريبا مع تطعيم المزيد من الأشخاص ضد الحصبة.
ومع ذلك، فإن مرض الحصبة يعود إلى الظهور بسبب التردد في تلقي اللقاحات وتفويت اللقاحات، خاصة خلال جائحة "كوفيد-19".
وتقول إيريس يوسف، المؤلف المشارك للدراسة ، من كلية الدراسات العليا للعلوم الطبية الحيوية في "مايو كلينك": "نعتقـــــد أن حالات الإصابة بالتهـــــــاب الدمـــــاغ الشــــــامل المصلب تحت الحـــاد سترتفع مــــــرة أخرى أيضا.
وهذا أمر محزن لأنه يمكن الوقاية من هذا المرض الرهيب عن طريق التطعيم.
لكننا الآن في وضع يسمح لنا بدراسة المرض باستخدام تكنولوجيا التسلسل الجيني الحديثة ومعرفة المزيد عنه".
وحظي كل من كاتانيو ويوسف بفرصة بحثية فريدة من خلال التعاون مع مراكز السيطرة على الأمراض، وقاموا بدراسة دماغ شخص أصيب بالحصبة عندما كان طفلا واستسلم لالتهاب الدماغ الشامل المصلب تحت الحاد بعد سنوات عندما أصبح بالغا.
وقاموا بفحص 15 عينة من مناطق مختلفة من الدماغ وأجروا التسلسل الجيني في كل منطقة لتجميع لغز كيفية تحور فيروس الحصبة وانتشاره.
واكتشف الباحثون أنه بعد دخول فيروس الحصبة إلى الدماغ، بدأ جينومه (المجموعة الكاملة من المادة الوراثية للفيروس) يتغير بطرق ضارة.
وتم تكرار الجينوم، ما أدى إلى تكوين جينومات أخرى كانت مختلفة قليلا.
وبعد ذلك، تكررت هذه الجينومات مرة أخرى، ما أدى إلى ظهور المزيد من الجينومات التي كانت مختلفة قليلا أيضا. وقد فعل الفيروس ذلك مرات عدة، ما أدى إلى تكوين مجموعة من الجينومات المتنوعة.
ويوضح الدكتور كاتانيو: "في هذه المجموعة، كان لجينومين محددين مجموعة من الخصائص التي عملت معا لتعزيز انتشار الفيروس من الموقع الأولي للعدوى - القشرة الأمامية للدماغ - لاستعمار العضو بأكمله".
وتتمثل الخطـــــــوات التالية في هذا البحث في فهم كيفية تفضيل طفرات معينة لانتشار الفيروس في الدماغ.
وسيتــــم إجراء هذه الدراسات على خلايا الدماغ المزروعة وفي مجمــــــوعات من الخـــــلايا تشبه الدماغ تسمى العضيات، والتي قد تســــــاعد على إنشــــــاء أدوية فعـــالة مضـــــــادة للفيروسات لمكافحة انتشار الفيروس في الدماغ.