تتصف أجواء منافسات الجوجيتسو، سواءً في البطولات المحلية أو الدولية، بالحماس والإثارة ، حيث ترتفع حماسة الجمهور مع ازدياد حدّة التنافس بين اللاعبين. ولكن منظومة دعم اللاعب على بساط المنافسة لا تكتمل دون أعضاء فريقه الذين تفوق حماستهم حماسة الجماهير مجتمعةً، فتراهم يتابعون النزال ويقدمون الإرشادات لزميلهم ليكونوا بذلك العون والسند، ويترجمون روح الفريق التي تتمحور رياضة الجوجيتسو حولها. وإذ يلمع نجم منتخبنا الوطني أينما حل، فإن أي شخص لا بد وأن لاحظ ذلك الشاب صاحب الحزام الأزرق، الذي لا يكاد ينهي نزاله حتى يلتفت للبساط مرة أخرى ويشجع زميله الذي دخل البساط، وهذا هو سالم مبارك سالم مبارك زايد الظاهري.
وبالنسبة لنجم نادي الوحدة بفئة الكبار بوزن 77 كيلوجرام، فإن أي لاعب جوجيتسو يحتاج وجود زملاء الفريق حوله في كل مرة يدخل فيها بساط النزال. ومهما بلغ اللاعب من الاحترافية والخبرة، فإن أهمية تشجيع أعضاء فريقه تعادل أهمية خبرته، فهم من واكبوا رحلة تدريبه، وكانوا معه يومياً على البساط، ويعرفون مواضع قوته وضعفه والحركات والتكتيكات التي يمكنه تنفيذها، بالإضافة إلى كون وجودهم خارج بساط النزال يمنحهم رؤية أوضح حول سير المنافسة، وبالتالي مساعدة زميلهم ودعمه نحو الفوز.

موسم 2019-2020 حافل بالذهب
ولعل دعم الفريق وتكريس الوقت والجهد في التدريب هو ما ساعد سالم في تسجيل الإنجازات المتعاقبة خلال موسم 2019-2020، حيث حصد ذهبيات منافسات جراند سلام في أبوظبي ولندن واليابان، وكللها بذهبية أخرى في بطولة العالم للجوجيتسو التي استضافتها العاصمة أبوظبي في نوفمبر الماضي. وعلى مستوى البطولات المحلية، لم تكن إنجازات سالم أقل تميّزاً، حيث حصد ذهبية بطولة العين الدولية لمحترفي الجوجيتسو، وقدّم أداءً مميّزاً في منافسات بطولة كأس صاحب السمو رئيس الدولة، حيث حقق ناديه المركز الثاني في فئة فوق 18 عاماً. ويؤكد اللاعب الموهوب أن فوزه في البطولات الدولية والمحلية في الموسم الماضي منحه الإصرار والتصميم على دخول منافسات بطولة أبوظبي العالمية لمحترفي الجوجيتسو 2020 بأعلى مستويات الاحترافية واللياقة. ورغم إجراءات التباعد الاجتماعي للحد من انتشار فيروس كورونا وما نجم عنها من تأجيل موعد البطولة، لم يتوقف نجم المنتخب الوطني عن التدريب، ولم تمثل هذه الفترة عائقاً بالنسبة له بل فرصةً لتكثيف التدريب ومتابعة التمرين لدخول بساط منافسات البطولة باستراتيجيات جديدة وحركات مبتكرة يعمل على التدرب عليها في منزله.

سالم زايد: الجوجيتسو منحتني احترام زملائي وحولتني لقدوةٍ
وتعليقاً على دور رياضة الجوجيتسو في حياته، أوضح سالم أن الرياضة ساعدته في الكثير من جوانب حياته، إذ علمته احترام الآخرين، حتى الخصم على بساط النزال، وحسّنت طريقة تعامله مع أصدقائه وأفراد أسرته، وجعلت منه انساناً أفضل. بالإضافة إلى ذلك فقد منحته الرياضة الكثير من الفخر بالإنجاز، ويؤكد بأنه يشعر بفخرٍ كبير في كل مرةٍ يدخل فيها مدرسته، حيث وضعت المدرسة صورةً تجمعه مع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. وإلى جانب مشاعر الفخر، يرى سالم بأن الجوجيتسو حولته لقدوةٍ بالنسبة للكثيرين من أصدقائه في المدرسة الذين تحمسوا للرياضة وبدأوا ممارساتها بعد رؤية الإنجازات المهمة التي حققها بنفسه. ولم يقتصر هذا الدور على المدرسة، بل امتد إلى منزله، حيث شجعت إنجازات سالم شقيقيه الأصغر على دخول مضمار الجوجيتسو والتدرب، أملاً بالوصول لما حققه شقيقهم الأكبر.

تميّز أكاديمي يوازي الإنجاز الرياضي
وإذ يدرك سالم أن تحقيق حلمه في الوصول إلى الحزام الأسود والظفر بالبطولات العالمية لن يتم دون مواصلة التدريب بشكلٍ منتظم، فإنه يؤمن بأن مسيرته الأكاديمية لا تقل أهميةً عن مسيرته الرياضية. ومع وصوله المرحلة الأخيرة من التعليم الثانوي، يلتزم سالم ببرنامجٍ متوازن بين التدريب والدراسة. ويوضح سالم أنه يخصص في أيام الدوام المدرسي الفترة الممتدة بين انتهاء المدرسة وبداية التدريب لمراجعة دروسه اليومية، الأمر الذي يمنحه راحة البال عند التوجه للتدريب. ويؤكد بأن وصوله لصالة النادي بعد انتهاء مراجعة دروسه يمكّنه من التركيز بشكل أفضل أثناء التدريب. وبعد انتهاء التدريب يخصص سالم فترةً مسائيةً للدراسة والتحضير لليوم الدراسي التالي. وحالياً، في فترة التباعد الاجتماعي، يحرص سالم على متابعة ذات البرنامج، حيث ينهي الدراسة عن بعد ليقضي جلسةً من التدريب، ويعود بعدها لغرفة الدراسة قبل أن يتوجه مرة أخرى لغرفة التدريب التي جهزها في منزله.
ويؤكد سالم أن البقاء في المنزل ليس بالأمر الصعب ولا بالتجربة المملة، بل على العكس هي الفرصة المثالية لقضاء الوقت مع العائلة، حيث يجد سالم في شقيقيه شريك التدريب المثالي، إذ يتواجدان معه في جلستي التدريب التي ينفذها. وقد شجّع حماس الأخوة الثلاثة والدهم على متابعة تدريبهم، بل والتمرّن معهم في بعض الأحيان.
وبالنظر مستقبلاً، يثق سالم بقدرته وبقدرة زملائه من لاعبي المنتخب الوطني للجوجيتسو على متابعة الإنجاز، حيث يواظب سالم على حضور الجلسات التدريبية التي ينظمها اتحاد الإمارات للجوجيتسو تحت إشراف المدرب رامون ليموس. ويثني سالم على مبادرة الاتحاد في تكثيف الجلسات لتكون على مدى ثلاثة أيام أسبوعياً، نظراً لدورها المهم في تطوير مستوى اللاعبين وتزويدهم بالتعليمات والتوجيهات الملائمة خلال هذه الفترة.