رئيس الدولة وملك الأردن: حل الدولتين السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة
لماذا لا تستطيع الهند التخلي عن علاقتها مع روسيا؟
يهدد الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية صارمة لإبعاد الهند عن روسيا، لكن نيودلهي لا تزال تقاوم ضغوط البيت الأبيض لقطع العلاقات مع الكرملين والتي جلبت لها فوائد اقتصادية وجيوسياسية.
ويرى تقرير لصحيفة «وول ستريت جورنال» أن ترامب يواجه تحديًا كبيرًا في إقناع رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، بالتخلي عن شراكة نجت من اضطرابات جيوسياسية كبيرة، وتستند إلى عقود طويلة من العلاقات الاقتصادية والسياسية والعسكرية الوثيقة بين نيودلهي وموسكو.
وانتقد ترامب الهند بشدة لاعتمادها الكبير على واردات النفط الروسية، بالإضافة إلى مشترياتها الطويلة من المعدات العسكرية الروسية، وفرَض رسومًا جمركية إضافية على نيودلهي بنسبة 25% على صادراتها إلى الولايات المتحدة، وهو ضِعف الرسوم الحالية البالغة 25%.
لكن، رغم التعريفات الجمركية التي قد تلحق ضررًا حقيقيًّا بالاقتصاد الهندي، فقد صمد مودي في وجه الضغوط الأمريكية المتزايدة، وهي علامة على مدى أهمية العلاقات مع روسيا بالنسبة لعملاق جنوب آسيا.
وأظهرت التصريحات الصادرة من نيودلهي إصرارًا على مواصلة التعاون مع موسكو، فمنذ الحرب الباردة، كانت روسيا من أبرز شركاء الهند الدائمين، في علاقة ترتكز على صفقات الأسلحة والتعاون الاقتصادي والدعم الدبلوماسي في مواجهة غريمتيها الإقليميتين الصين وباكستان.
من جانبها، تقرّبت موسكو من الهند بعد تصاعد التوترات بين الاتحاد السوفيتي وبكين في ستينيات القرن الماضي، وفي العقود التي تلت ذلك، قدمت موسكو لنيودلهي قروضًا بقيمة تزيد على مليار دولار لشراء السلع الروسية العسكرية وغير العسكرية.
وقد تعززت هذه الحملة الترويجية بفضل النفط الخام الروسي، الذي باعته موسكو إلى نيودلهي في ستينيات القرن العشرين بخصم يتراوح بين 10% و20% عن الأسعار العالمية السائدة.
ويقول المؤرخ سيرجي رادشينكو، الخبير في شؤون الحرب الباردة وأستاذ في كلية جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة، إن هذا كان جزءًا من الهجوم النفطي السوفيتي. مضيفًا أن موسكو أرسلت حتى جيولوجيين إلى الهند للبحث عن النفط.
وأصبحت العلاقات بين البلدين أقرب بعد أن دعمت الولايات المتحدة باكستان، الخصم اللدود للهند، وفرضت سلسلة من العقوبات على نيودلهي في 1974 بعد أول تجربة نووية لها، وفي 1998 عندما أجرت اختبارًا جديدًا لأسلحتها النووية.
ويشير هارش ف. بانت، رئيس قسم الدراسات الإستراتيجية في مؤسسة أوبزرفر للأبحاث، إلى أن كثيرًا من الهنود لا يزالون يعتبرون روسيا اليوم، بفضل تاريخها العريق، شريكًا موثوقًا به، خصوصًا مع ميل الولايات المتحدة إلى جانب باكستان.
في المقابل، استفادت الهند، وهي مستورد صاف للطاقة، من تحول الدول الغربية بعيدًا عن النفط الروسي، فضلًا عن سقف السعر الذي فرضته الولايات المتحدة وحلفاؤها على النفط الخام الذي تنتجه البلاد.
على مدار السنوات القليلة الماضية، بدأت الهند بشراء كميات هائلة من النفط الروسي. في العام الماضي، استحوذت الهند على أكثر من ثلث صادرات موسكو، لتحتل المرتبة الثانية بعد الصين بنسبة تقارب 50%، وفقًا لمؤسسة أوبزرفر للأبحاث.
يُعدّ النفط الرخيص أمرًا بالغ الأهمية لبلد يبلغ عدد سكانه 1.4 مليار نسمة ويشهد نموًّا سريعًا، ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، تُعدّ هذه الدولة الواقعة في جنوب آسيا أسرع مستهلك للنفط نموًّا في العالم، بعد الولايات المتحدة والصين فقط من حيث إجمالي الاستهلاك. على مدار السنوات الثلاث الماضية، ارتفع حجم التجارة بين البلدين بشكل كبير ليصل إلى 69 مليار دولار، وهو رقم قياسي مدفوع بمشتريات الهند من النفط الخام الروسي. وقد أتاحت هذه الواردات لنيودلهي بيع البنزين بسعر أرخص محليًّا وإعادة بيع منتجاتها النفطية في الخارج بهامش ربح أكبر. ويقول سيد أكبر الدين، الممثل الدائم الهندي السابق لدى الأمم المتحدة وعميد كلية كوتيليا للسياسات العامة في حيدر أباد: «لن نقطع إمدادات النفط الروسية في المستقبل القريب. لا سبيل لذلك، نظرًا لفارق التكلفة وتأثيره في الميزانية».