لماذا يهدد ترامب بنما وغرينلاند وكندا؟

لماذا يهدد ترامب بنما وغرينلاند وكندا؟


أمضى الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب جزءاً من عطلة الأعياد، متعهداً بالسيطرة على قناة بناما، وداعياً أمريكا إلى شراء جزيرة غرينلاند من الدانمارك، ومقترحاً أن تتحول كندا إلى الولاية الـ51 للولايات المتحدة.
وكتب أليكس غانغيتانو وجوليا شابيرو في موقع «ذا هيل» الأمريكي، أن كل ذلك يفترض أن اهتمام ترامب ينصب بعض الشيء على توسيع الولايات المتحدة تحت أنظاره، رغم أنه يصعب الجزم بمدى جدية هذا الطرح.
ويعتقد بعض الجمهوريين، أن ترامب يتحدث فقط، بينما يرى آخرون لعبة استراتيجية لتعزيز الأمن القومي الأمريكي. وقال مسؤول سابق في حملة ترامب إن «المسألة البنمية تتعلق بالصين، التي تهيمن اقتصادياً ومالياً على النصف الغربي من الكرة الأرضية، بينما نقف متفرجين». وتسيطر بنما على القناة، التي تربط المحيطين الهادئ والأطلسي، منذ 25 عاماً فقط. وبطرح فكرة سيطرة الولايات المتحدة على القناة، يشكو ترامب أسعار الرسوم «الباهظة»، ويقول إن الولايات المتحدة تتعرض «للنهب». وتستثمر الصين على نطاق واسع في بنما، ومن بينها صفقات للإنشاءات، وتتولى تشغيل ميناءين من أصل خمسة موانئ في البلاد.
ولفت ترامب في شكواه ضمناً إلى أن دولاً على غرار الصين تحصل على نفوذ لا تستحقه في إدارة القناة. 
وفند الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو اتهامات ترامب، مؤكداً أن رسوم المرور في القناة لا تقرر من باب «النزوة».
كما أن الحديث عن شراء غرينلاند، يمكن أن ينظر إليه على أنه مسألة أمن قومي.
ويعتبر القطب الشمالي منطقة أساسية، في الوقت الذي تتطلع فيه الولايات المتحدة إلى مواجهة روسيا والصين، وقد احتدمت المنافسة على المنطقة، بينما يفتح ذوبان الجليد ممرات ملاحية جديدة. كما أن غرينلاند غنية بالثروات الطبيعية.
وقال ترامب في 2019 إن شراء غرينلاند التي تتمتع بالحكم الذاتي وتملكها الدنمارك، مهمة من الناحية «الاستراتيجية»، ما تسبب في إثارة رد غاضب من رئيسة الوزراء الدنماركية السابقة ميته فريدريكسون.

أولوية مطلقة
وفي منشور عبر «تروث سوشيال»، أعلن ترامب في الأسبوع الماضي اختياره لسفير إلى الدانمارك، مؤكداً أن امتلاك الولايات المتحدة للجزيرة «أولوية مطلقة».
ورفض رئيس وزراء غرينلاند موتي إيغيدي الفكرة قائلاً إن الجزيرة «ليست للبيع أبداً»، بينما أعلنت الدنمارك زيادة النفقات الدفاع عن الجزيرة.
وعن كلام ترامب على غرينلاند وبناما وكندا، علق الخبير الاستراتيجي في الحزب الجمهوري فورد أوكونيل قائلاً: «ما يقوله حقاً هنا، هو التفكير بصوت عالٍ في إعادة العمل بمبدأ مونرو، القائم على السيطرة على النصف الغربي من الكرة الأرضية». 
ويحظر مبدأ مونرو الذي أعلن في 1823، على الولايات المتحدة الانخراط أو التدخل في الشؤون السياسية لأوروبا.
ولا تبدو اللكمات التي يوجهها ترامب لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو وكأنه حاكم لولاية أمريكية، بلا هدف. ويعتقد جمهوريون أن الرئيس المنتخب، يحاول في الوقت ذاته الحصول على أفضلية في المفاوضات التجارية.
وتعهد ترامب بفرض زيادة في الرسوم الجمركية بـ 25% على الواردات من كندا والمكسيك، واتهم البلدين بالامبالاة بتهريب المخدرات والجريمة عبر حدودهما.
وفي منشور في عيد الميلاد، وصف ترامب ترودو بـ «الحاكم». وقال إن الضرائب في كندا «مرتفعة جداً»، زاعماً أنه إذا تحولت كندا الولاية الرقم 51، فستخفض الضرائب. واقترح أيضاً أن يترشح لاعب الهوكي الشهير واين غريتسكي لمنصب رئيس وزراء كندا، قائلاً إن المنصب «سيُعرف قريباً باسم حاكم كندا».
ولم تأخذ غالبية الكنديين ترامب على محمل الجد.

تهديد أقرب الحلفاء
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة ويسترن أونتاريو والأستاذ الزائر في جامعة ماكجيل ماثيو ليبو: «إنه أمر مخيف جداً، أن ترامب لا يرى مشكلة في توجيه تهديدات مماثلة لأقرب حلفاء أمريكا». وأشار إلى أنه بعد تهديدات ترامب بالتعريفة الجمركية، سافر ترودو إلى مار آ لاغو في بالم بيتش بولاية فلوريدا للقاء ترامب في منزله الشهر الماضي، في حين هدد رئيس وزراء مقاطعة أونتاريو الكندية دوغ فورد بقطع إمدادات الطاقة عن الولايات المتحدة، إذا فرض ترامب فعلاً تعريفات صارمة على الصادرات الكندية.
وتجاهل الخبير الاستراتيجي الديموقراطي أنتغوان سيرايت تركيز ترامب على المناطق الثلاث، وقال إنه «إلى حد ما تكتيك لتشتيت الانتباه»، بعد الفوضى التي شهدها الكابيتول في الأسبوع الماضي، بسبب تمويل الحكومة قبل الموعد النهائي الجمعة الماضي. وأشار فريق ترامب إلى أن كندا التزمت فعلاً بتأمين الحدود لمنع دخول المخدرات إلى الولايات المتحدة، وقال إن ترامب يعتزم كبح العدوان الاقتصادي الصيني بتأمين قناة بنما، والعدوان الروسي  بالسيطرة على غرينلاند.