تداعياتها تجاوزت حدود الصراع:

مائة يوم من الحرب الأوكرانية: هكذا تغيّر العالم...!

مائة يوم من الحرب الأوكرانية: هكذا تغيّر العالم...!

-- البلدان المرتهنة للحبوب الأوكرانية، هي الأكثر عرضة لخطر المعاناة من ارتفاع الأسعار
-- ركزت هذه الحرب الانتباه علـــى الأمـــن الأوروبـــي
-- يعدّ انضمام السويد وفنلندا المحتمل إلى حلف الناتو أهم تأثير طويل المدى
-- الفجوة بين الشمال والجنوب تنطوي على مخاطر آخذة في الاتساع


   منذ بدايتها قبل 100 يوم، كان للحرب في أوكرانيا تداعيات تتجاوز حدود الدولة التي تعرضت للهجوم.
دبلوماســــيا: انقســـام متفاقـم بين الشمال والجنوب
   أشار جوسلين كولون، الباحث في مركز الدراسات والأبحاث الدولية في جامعة مونتريال، إلى أن الحرب في أوكرانيا قد رفعت الستار ببلاغة عن “الانقسام بين الشمال والجنوب».

   وقال “هناك إجماع “في الوقت الحالي” بين دول الشمال على إدانة الغزو وتسليح أوكرانيا”.
ومع ذلك، فإن عددًا مثيرًا من الدول الكبيرة في الجنوب، والتي غالبًا ما تكون حليفة للولايات المتحدة، ترفض الانضمام إلى الإدانات أو العقوبات».
   ويدرج كولون، البرازيل والمكسيك والهند وإندونيسيا وجنوب إفريقيا وتركيا وإسرائيل وباكستان، من بين دول أخرى.
 وتشير عملية حسابية من موقع ويب إحصاء سكان العالم، إلى أن البلدان المدرجة وحدها بها أكثر من 2.4 مليار شخص.

   ويتابع، “هذه الفجوة بين الشمال والجنوب تنطوي على مخاطر آخذة في الاتساع، لأن هذه البلدان في الجنوب قد اكتسبت استقلالًا اقتصاديًا وسياسيًا كبيرًا على مدار العشرين عامًا الماضية: لديها الآن إمكانية الاستغناء عن الغرب في مجالات معينة، والتطلع إلى موردين آخرين مثل الصين».
  ستعزز الحرب أيضًا علاقات أوثق مع منظمات مثل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، حيث سيكون للصراع آثار طويلة الأمد، يتوقع توماس هيوز، الباحث في مركز السياسة الدولية والدفاعية في جامعة كوينز.

  و “يعدّ انضمام السويد وفنلندا المحتمل إلى حلف الناتو أهمّ تأثير طويل المدى. يملك البلدان قوات عسكرية قوية، إلى جانب موقعهما الجغرافي، بما يُعيد تعريف الطريقة التي يمكن أن يقاتل بها الناتو في أوروبا».
   ويضيف أن “الانضمام إلى المنظمة سيأتي بضمانات أمنية جديدة لهاتين الدولتين».
   علاوة على ذلك، ركزت هذه الحرب الانتباه على الأمن الأوروبي. يمكن أن ينمو التواجد الأمامي المعزز لحلف الناتو -الذي أقيم عام 2017- ويصبح دائمًا. كما ستزداد النفقات العسكرية للدول الأعضاء على المديين القصير والمتوسط ، على الرغم من أننا لا نعرف إلى متى».

عسكريّا:
الاستثمار في ارتفاع
    على خطى أعضاء آخرين في الكتلة الغربية، أعلنت كندا عن زيادة كبيرة في إنفاقها العسكري المحلي في أعقاب العدوان الروسي.     ومبلغ 8.1 مليار دولار الذي أعلنت عنه وزيرة المالية كريستيا فريلاند في 7 أبريل لتعزيز القوات الكندية بحلول 2026-2027 سيزيد الجزء المخصص من الميزانية الكندية للدفاع الوطني إلى 1 فاصل 5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 1 فاصل 36 بالمائة حاليًا. ومع ذلك، لم تبلغ نسبة 2 بالمائة التي حددها الناتو والولايات المتحدة. “إنها ليست قفزة نوعية كما هو مأمول”، يقول جاستن ماسي، أستاذ العلوم السياسية في جامعة كيبيك في مونتريال، والمدير المشارك لشبكة التحليل الاستراتيجي.
   وتحتل كندا المرتبة الخامسة من حيث القيمة النقدية بين الدول التي تزود أوكرانيا بالمعدات العسكرية. وبلغت قيمة هذه المساعدة العسكرية منذ فبراير 2022، 262 مليون دولار.

   «لكن بالنسبة لإمدادات الأسلحة الثقيلة، فإن القدرات الكندية محدودة للغاية”، يوضّح جاستن ماسي. وهكذا، قدمت كندا بطارية من أربعة مدافع هاوتزر M777 إلى أوكرانيا، أو 10 بالمائة من مخزونها. وقدمت الدولة كاميرات بدون طيار، ولكن لا توجد طائرات بدون طيار، لأنها ... لا تملكها. أخيرًا، أعلنت كندا عن توريد 20 ألف قذيفة مدفعية لأوكرانيا، لكن هذه ليست من مخزونها، يلاحظ السيد ماسي. سيتم شراؤها من الشركات المصنعة الأمريكية.
   مع أكثر من 4 مليارات من المعدات العسكرية منذ 24 فبراير، الولايات المتحدة هي المموّل الرئيسي للأسلحة لأوكرانيا، تليها المملكة المتحدة وبولندا وألمانيا، التي أعلنت أنها تريد استثمار 100 مليار يورو في تحديث جيشها، وهو تغيير كبير بالطبع في هذا البلد.

غذائيّا: نقص عالمي،
ارتفاع الأسعار
   تشكل روسيا وأوكرانيا معًا ما يقرب من 30 بالمائة من صادرات القمح العالمية. وفي نفس الوقت، تشهد البلدان المنتجة والمصدرة الرئيسية الأخرى، مثل فرنسا والبرازيل، عامًا متوسطًا للغاية في الحقول.

 النتيجة: قفزت الأسعار منذ ثلاثة أشهر.
   «نحن في عاصفة كاملة”، يلخص بينوا ليغولت، المدير العام لشركة منتجي الحبوب في كيبيك. جميع تكاليف سلسلة الإنتاج، من مبيدات الآفات إلى الوقود تأثرت. والمثال الأكثر لفتا للانتباه يتعلق بالأسمدة.
   «في شرق كندا، يتم الحصول على الأسمدة بشكل حصري تقريبًا من روسيا. ومع ذلك، فقد فرضت الحكومة الفيدرالية ضريبة بنسبة 35 بالمائة على المنتجات المستوردة من روسيا، والمنتجون هم من سيدفعها».
   ويُذكّر الأستاذ المميّز في قسم الجغرافيا بجامعة مونتريال، رودولف دي كونينك، أنه منذ تحرير أسعار الحبوب في بورصة شيكاغو في أواخر التسعينات، فإن أسعار الحبوب “معرضة بشدة للتأثيرات الجيوسياسية”. ويقول: “في السابق، كانت الأسعار منظمة، لكن منذ رفع القيود، أصبحت أي أزمة تشجع المضاربة. وكبار التجار قادرون على شراء المخزون والاحتفاظ به ليفرجوا عنه عندما ترتفع الأسعار».    ان البلدان الأكثر ارتهانا للحبوب الأوكرانية، ولا سيما تلك الموجودة في شمال أفريقيا وإندونيسيا، هي الأكثر عرضة لخطر المعاناة من ارتفاع الأسعار.