ماذا استفادت الصين من مناورات تايوان؟
رأى الكاتب الصحفي والتر بينكوس، المختص في مجال الأمن القومي، في تحليل له نشره موقع “ذا سايبربريف” الأمريكي المختص بالأخبار والتحليلات الأمنية، أن الصين والولايات المتحدة وتايوان أظهرت قدرتها على إدارة أزمة دون أخطاء في التقدير أو حدوث مواجهات بناءً على تعاملها مع الضجة التي أحدثتها بكين بشأن زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى تايوان.رأى الكاتب الصحفي والتر بينكوس، المختص في مجال الأمن القومي، في تحليل له نشره موقع “ذا سايفربريف” الأمريكي المختص بالأخبار والتحليلات الأمنية، أن الصين والولايات المتحدة وتايوان أظهرت قدرتها على إدارة أزمة دون أخطاء في التقدير أو حدوث مواجهات بناء على تعاملها مع الضجة التي أحدثتها بكين بشأن زيارة رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي إلى تايوان.
وأوضح الكاتب أن الصين أعلنت عن مناوراتها العسكرية في 2 أغسطس (آب)، وهو اليوم الذي وصلت فيه بيلوسي إلى تايبه التايوانية، لكنها قالت إنها لن تبدأ حتى الرابع من أغسطس. وقد أتاح ذلك الوقت لشركات الطيران المدنية والمرور البحري تغيير خططها وتجنب المناطق المعنية.بالإضافة إلى ذلك، على الرغم من أنه كان من المفترض أن تبدأ التدريبات الصينية في الساعة 6:30 صباحاً في 4 أغسطس، فإنها في الواقع لم تبدأ حتى الظهر. سمح هذا التحول للمراقبين الأمريكيين وتايوان وغيرهم من المراقبين الدوليين بمتابعة وصول الأصول العسكرية الصينية إلى مواقعها وتجنب حركتها خلال الليل أو في ساعات الصباح الباكر حيث ستكون أقل وضوحاً.
وفي تحليله للتدريبات الصينية، أشار راسل هسياو، المدير التنفيذي لمعهد تايوان العالمي، إلى أن صواريخ بكين الباليستية من طراز DF التي حلقت فوق تايوان في 4 أغسطس كانت “خارج الغلاف الجوي للبلاد. ولو اجتازت هذه الصواريخ المجال الجوي لتايوان، لكان هذا عملاً أكثر استفزازاً.»وقال هسياو أن أحد المحللين في مؤسسة بحثية تمولها وزارة الدفاع التايوانية “يعتقد أن تحليق الصواريخ كان شكلاً من أشكال الحرب النفسية التي يشنها جيش التحرير الشعبي الصيني».وأوضح هسياو أن الصواريخ البالستية الصينية من طراز DF، التي أُطلقت على التوالي من البر الرئيسي للصين، كانت تستهدف أولاً أهدافاً بالقرب من سواحل تايوان الجنوبية والشمالية الشرقية. ثم في المنطقة الجنوبية الغربية، ثم السواحل الشمالية الغربية والشرقية. وأخيراً، هبطت الصواريخ الأربعة التي حلقت فوق تايوان قبالة الساحل الشرقي للجزيرة.
وأضاف هسياو: “من الواضح أن تسلسل الاختبار يحاكي توجّهاً نحو الجزيرة الرئيسية في تايوان- الشمال والجنوب والشرق والغرب- وهو أسلوب إشارة تستخدمه قوات المدفعية استعداداً لضرب هدف».وكانت آخر مرة أطلقت فيها سلطات بكين صواريخ DF على تايوان ووضعت الجزيرة تحت الحصار خلال أزمة مضيق تايوان الثالثة 1995-1996، إذ كان الهدف هو إقناع التايوانيين بعدم الابتعاد عن سياسة الصين الواحدة قبل الانتخابات الرئاسية في الجزيرة عام 1996. في ذلك الوقت، استغرق الأمر 10 صواريخ من طراز DF على مدار ثمانية أشهر لوضع تايوان تحت الحصار.
تايوان تحت الحصار
في 4 أغسطس (أب)، أطلقت القوة الصاروخية لجيش التحرير الشعبي 11 صاروخاً من طراز DF ووضعت تايوان تحت الحصار خلال 132 دقيقة.وقال والتر بينكوس، الحائز جائزة بوليترز:”بدت لي إشارات أن الصينيين كانوا قلقين من أن أنشطتهم العسكرية مبالغ فيها قليلاً وظهر ذلك مؤخراً في مقالين نشرتهما صحف الحزب الشيوعي الصيني».وأشار بينكوس إلى أنه في الأسبوع الماضي أيضاً، بذل الصينيون قصارى جهدهم للتأكيد من جديد على خططهم الخاصة بالتكامل السلمي لتايوان. ومع انتهاء المناورات العسكرية في 10 أغسطس، نشر مكتب شؤون تايوان التابع للحكومة الصينية بحثاً بعنوان “مسألة تايوان وإعادة توحيد الصين في العصر الجديد”، والذي اقترح إعادة التوحيد السلمي للصين فيما أسماه “العصر الجديد” الذي دعّم مفهوم “دولة واحدة ونظامين” ولكنه أضفى بعض التحسّينات عليه.
وعلى الرغم من أن البحث يقول “إننا نؤكد أنه بعد إعادة التوحيد السلمي، قد تستمر تايوان في نظامها الاجتماعي الحالي وتتمتع بدرجة عالية من الاستقلالية وفقاً للقانون. سيتطور النظامان الاجتماعيان جنباً إلى جنب لفترة طويلة قادمة”، فقد أشار النقاد إلى أن الوعود ذاتها قُطعت لهونغ كونغ، التي فقدت وضعها المستقل.
من ناحية أخرى، كانت حكومة تايوان مقيدة إلى حد ما خلال الأسابيع الماضية. وخلال المناورات العسكرية، أبلغت وزارة الدفاع التايوانية عن الأنشطة الصينية التي قالت إنها تحاكي هجمات على الجزيرة. وأضافت أن الوزارة أرسلت طائرات وسفناً تايوانية للمراقبة لكنها تتصرف بشكل مناسب. وقالت تايوان إن صواريخها المضادة للسفن الموجودة على الشاطئ وصواريخ باتريوت أرض جو في وضع الاستعداد.
وكانت الولايات المتحدة قد وجهت انتقادات متواضعة للتدريبات الصينية على الرغم من أنها أبقت على حاملة الطائرات الأمريكية رونالد ريغان في بحر الفلبين، والسفينة الهجومية البرمائية “يو إس إس طرابلس” بالقرب من أوكيناوا، والسفينة الهجومية البرمائية “يو إس إس أمريكا” في بحر الصين الشرقي.
رحلة بيلوسي
في 6 أغسطس (آب)، أثناء زيارة إلى الفلبين، دافع وزير الخارجية أنطوني بلينكن عن رحلة بيلوسي ووصفها بأنها “سلمية” ووصف المناورات العسكرية الصينية اللاحقة بأنها “غير متناسبة تماماً».
لكنه قال إنه قبل يوم واحد، في اجتماع في كمبوديا، تعهد بالحفاظ على الاتصال مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي.
في مؤتمر صحفي في 8 أغسطس (آب) بدا أن وكيل وزارة الدفاع للسياسات كولن كال يلخص رد الفعل الأمريكي، حيث قال: “ما وقع من أحداث لم يكن غير متوقع... ولم تكون هناك ردة فعل دراماتيكية من قِبَل الأسواق [المالية]. أعتقد أن هذا يرجع إلى حد كبير إلى أنه رغم محاولة بكين خلق أزمة، فإننا لم نرتق إلى مستوى ابتلاع الطُّعم».
وأضاف كال: “أعتقد أننا نجحنا في إدارة الأمر بشكل جيد؛ فهذه الأزمة المصطنعة من جانب بكين لم تنتج عنها عواقب سيئة».