سعود بن صقر يطلع على خطط وبرامج وزارة الداخلية الأمنية في رأس الخيمة
ما الفارق بين لوبان الأب وابنته الطامحة لرئاسة فرنسا؟
توفي مؤسس حزب الجبهة الوطنية الفرنسي جان ماري لوبان، عن عمر ناهز 96 عاماً، يوم الثلاثاء الماضي.
في هذا السياق، كتبت مجلة «إيكونوميست» أنه وعلى مدى 7 عقود قضاها في الحياة العامة، كان لوبان أكثر سياسي أوروبي في حقبة ما بعد الحرب الباردة مسؤولاً عن إحياء شكل متطرف من أشكال السياسة المعادية للأجانب، والتي أصبحت اليوم سائدة على نحو متزايد.
بين القتال والشعبوية
ولد لوبان في بريتاني لأب كان صياد سمك، ودرس القانون في باريس، ثم عمل مظلياً في الهند الصينية خلال خمسينيات القرن الماضي. انتُخب لأول مرة نائباً في الجمعية الوطنية (الغرفة الدنيا من البرلمان الفرنسي) عام 1956، في ظل الجمهورية الرابعة، بعد التحاقه بحركة شعبوية مبكرة بقيادة بيار بوجاد. كان لوبان شخصية متعجرفة ذات بنية عريضة، وقاتل في الجزائر للحفاظ على فرنسيتها، واعترف لاحقاً بأنه أثناء وجوده هناك «مارس التعذيب لأنه كان لا بد من القيام بذلك».
لكن تأثير لوبان الدائم على السياسة الفرنسية يعود بشكل فعلي إلى سبعينات القرن العشرين، بعدما شارك في تأسيس الجبهة الوطنية في عام 1972. وفي عام 1986، وبفضل قواعد انتخابية تم تعديلها حديثاً في ذلك الحين، تمكن لوبان ومجموعته من المتطرفين والقوميين والمدافعين عن الاستعمار من الحصول على 35 مقعداً برلمانياً. كان ذلك بمثابة بداية ما أطلق عليه الفرنسيون «لوبنة» (lepénisation) العقول: أي القبول المتزايد لخطاب عام فج بشكل متزايد ضد الهجرة. ترشح لوبان نفسه إلى الرئاسة خمس مرات، فضمن سنة 2002 مكاناً في الجولة الثانية ضد جاك شيراك، مما أثار صدمة وذعراً واسعي النطاق.
إفراط وطرد
اتسم كل ما فعله لوبان بالإفراط، سواء في العزف الصاخب للأغاني البريتونية بعد العشاء مع الأصدقاء في قصر العائلة، أو التلذذ بالاستفزازات التي كانت غالباً ما تؤدي به إلى المحكمة. سنة 2011، أعلن أنه «لم يعتبر بيتان (زعيم فرنسا الفيشية المتعاون في زمن الحرب) خائناً»، والمشين الأكبر هو أن غرف الغاز كانت مجرد «تفصيل» من الحرب العالمية الثانية.
بالنسبة لابنته مارين لوبان التي تولت قيادة الجبهة الوطنية عام 2011، وشرعت في مشروع لتحويلها من حركة منبوذة إلى حزب جاهز للحكم، كان هذا الادعاء المتكرر هو القشة الأخيرة. انفصلت عن والدها، وطردته من الحزب، وفي 2018 أعادت تسميته بالتجمع الوطني.
في النهاية، تصالح الوالد وابنته. سادت الروابط الأسرية على الخلافات والطموحات السياسية. كان جان ماري لوبان محرضاً ازدهر عبر المواجهة والغضب، ولم يسعَ إلى السلطة قط، بينما تريد ابنته رئاسة فرنسا.
حكم مبكر
عند وفاة لوبان، وصف التجمع الوطني مؤسسه بأنه «مقاتل شجاع لا يقهر». في تصريح مدروس على نحو غير معتاد، كبت الرئيس إيمانويل ماكرون كل ما أراد قوله بلا شك. كتب أن لوبان «لعب دوراً في الحياة العامة لبلدنا لمدة 70 عاماً تقريباً، وهو الدور الذي سيحكم عليه التاريخ الآن».
حسب المجلة، يمكن أن يكون الحكم المبكر أن لوبان الأب كان يرغد ويزبد على الهامش السياسي السام في وقت تم رفض خطابه بشكل قاطع من قبل الأحزاب السائدة وأغلبية الرأي العام الفرنسي والأوروبي. لكنه وضع أيضاً الأساس لحركة تحولت، عبر تطهير نفسها من عناصرها وصورتها المتطرفة، إلى شكل من أشكال القومية اليمينية المتطرفة المقبولة على نحو متزايد.
استطلاع معبّر
في استطلاع للرأي أجري في الخامس من يناير (كانون الثاني) بين 50 شخصية عامة فرنسية مفضلة، كان السياسيان الوحيدان اللذان ظهرا في القائمة مارين لوبان ورئيس حزبها جوردان بارديلا. كان جان ماري لوبان يسكن الهوامش التي لا يرغب أحد بالارتباط بها. لم تبدُ مارين لوبان قط قريبة من السلطة إلى هذا الحد.