الولايات المتحدة تنزف:

ما نعرفه عن جرائم المدارس ومرتكبيها...!

ما نعرفه عن جرائم المدارس ومرتكبيها...!

-- غالبًا ما ينقلون نواياهم للإيذاء مقدمًا، كصرخة أخيرة من أجل المساعدة
-- يقوم هذا الفعل الإجرامي على يأس عميق وكراهية قوية للذات وللعالم
-- إجمالاً، خلفت هذه الهجمات 146 قتيلاً وما لا يقل عن 182 جريحًا
-- مدفوعون بمشاعر غضب شديدة، يسعى بعضهم إلى الشهرة


عام 1999، تركت مذبحة مدرسة كولومبين الثانوية جرحا عميقًا في الولايات المتحدة. قُتل هناك 12 طالبا ومعلمًا، بالإضافة إلى الرجلين اللذين انتحرا. كان أسوأ حادث إطلاق نار في المدرسة في تاريخ البلاد.

اليوم، تحتل هذه
المذبحة المرتبة الرابعة.
   المذابح الثلاث المماثلة التي تسببت في خسائر بشرية أعلى من عدد ضحايا كولومبين، حدثت جميعها في السنوات العشر الماضية: هجوم مدرسة ساندي هوك الابتدائية عام 2012، والذي قتل فيه 26 طفلاً وموظفًا؛ عام 2018 في مدرسة مارجوري ستونمان دوجلاس الثانوية في باركلاند، فلوريدا، والتي أودت بحياة 17 شخصًا؛ وفي 24 مايو 2022، مدرسة روب الابتدائية في أوفالدي، تكساس، حيث قُتل ما لا يقل عن 19 طفلاً وشخصين بالغين بالرصاص.

مسار الحياة
   يركز عملنا كعلماء إجرام، على مسار حياة مرتكبي عمليات القتل الجماعي في الولايات المتحدة. وكجزء من بحثنا، قمنا بتطوير قاعدة بيانات شاملة لهذه الأحداث من خلال مراجعة البيانات العمومية. وتم إدراج مطلقي النار هناك وفق أكثر من 200 معيار مختلف، منها مكان إقامتهم وعرقهم.
   ولأغراض قاعدة بياناتنا الخاصة، يتم تعريف عمليات القتل الجماعي على أنها الحوادث التي يقُتل فيها أربعة أشخاص أو أكثر، مع وقوع واحــدة على الأقل من جرائم القتل هذه في مكان عام، ولا علاقة لها بالنشاط الإجرامي الأساسي، مثل العصابات أو المخدرات.
   منذ عام 1966، عندما بدأت قاعدة بياناتنا الخاصة، حدثت 13 عملية قتل من هذا القبيل في مدارس في الولايات المتحدة، كان أولها في ستوكتون، كاليفورنيا، عام 1989.
   أربع من هذه المذابح، بما في ذلك مدرسة روب الابتدائية في 24 مايو الجاري، كانت مصحوبة بجريمة قتل ارتكبت في مكان آخر، لطالما قتل أحد أفراد عائلة القاتل في منزله.
 أطلق مطلق النار على مدرسة روب النار على جدته قبل الذهاب إلى المدرسة في أوفالدي.

قناص معزول
  غالبية عمليات القتل في المدارس ارتكبها قناص معزول. اثنان منها فقط -واحدة في كولومبين والاخرى في مدرسة ويستسايد في جونزبورو، أركنساس عام 1988 -تم ارتكابهما من قبل اثنين من الرماة.
   إجمالاً، خلفت هذه الهجمات 146 قتيلاً وما لا يقل عن 182 جريحًا.
   ما هو معروف عن هجوم مدرسة روب الابتدائية، يناسب معظم الأنماط التي كشفها عملنا. قبل أيام قليلة من هذا الفعل، بلغ مطلق النار الثامنة عشرة من عمره واشترى على الفور سلاحين من الطراز العسكري -على الأرجح تلك المستخدمة في الهجوم.
   وبما توفر من معلومات حتى الان، يبدو بروفايل مطلق النار في بعض النواحي (ولكن ليس تمامًا) متوافقًا مع البروفايل القياسي الذي أنشأناه من دراسة مرتكبي الجرائم المماثلة السابقة.
   ونعلم، أنه لمعظم مطلقي النار الذين استهدفوا المدارس صلة مباشرة بهذه الأماكن. كان 12 من الرماة الأربعة عشر الذين تضمهم قاعدة بياناتنا الخاصة قبل الهجوم الأخير في تكساس، إما طلابًا أو من خريجي المدرسة. حتى الآن، لم يتم الكشف عن أي اتصال سابق بين مطلق النار في أوفالدي ومدرسة روب الابتدائية للجمهور.

كراهية الذات والعالم
    تشير أبحاثنا والعشرات من المقابلات التي أجريناها مع القتلة الجماعيين المسجونين إلى أن معظمهم يتوقع ألا ينجو بنفسه. ومن بين مرتكبي جرائم القتل في المدارس الخمسة عشر في قاعدة بياناتنا، تم اعتقال سبعة فقط. توفي الثمانية الآخرون في مكان الحادث، وجميعهم تقريبًا انتحارًا، والاستثناء الوحيد هو مطلق النار في مدرسة روب الابتدائية، الذي قُتل برصاص الشرطة.
   من جهة أخرى، يميل مرتكبو جرائم القتل في المدارس إلى ترك رسائل أو مقاطع فيديو تحذر من نواياهم قبل تنفيذ عمليتهم. مطلق النار في مدرسة روب فعل ذلك أيضًا.
   مستلهمة من عمليات القتل في مدارس سابقة، يسعى بعضهم إلى العظمة والشهرة. ومع ذلك، فإن معظمهم مدفوعون بمشاعر غضب شديدة. ويقوم مرورهم الى الفعل على يأس عميق وكراهية قوية للذات وللعالم، ويظهر بحثنا أنهم غالبًا ما ينقلون نواياهم للإيذاء مقدمًا، كصرخة أخيرة من أجل المساعدة.
   ولمنع هذه المآسي، من الضروري أن يكون المجتمع منتبهًا قدر الإمكان لهذه العلامات التحذيرية، وأن يكون قادرًا على التصرف فور اكتشافها.

ترجمة خيرة الشيباني
*أستاذ العدالة الجنائية، جامعة ولاية متروبوليتان
**أستاذ العدالة الجنائية بجامعة هاملين