ما هي حسابات نتانياهو في الانتخابات الإسرائيلية المبكرة؟
تتوجه إسرائيل إلى انتخابات تشريعية بعد حوالي ثلاثة أشهر علماً أنها نظمت مؤخراً ثلاثة انتخابات خلال 18 شهراً مما يجعلها واحدة من أكثر الديموقراطيات لجوءاً لهذا الاستحقاق بحسب ما كتبه الصحافي سيث فرانتزمان في صحيفة “ذا هيل” الأمريكية.
ويوضح فرانتزمان أن المشهد السياسي لم يتغير كثيراً خلال تلك الانتخابات التي يمكن النظر إليها من زاوية رهانات نتانياهو السياسية.
في انتخابات مارس (آذار) 2020، حصل حزب الليكود الذي يرأسه نتانياهو على 36 مقعداً، بينما حصد 32 ثم 35 مقعداً خلال عمليتين انتخابيتين تم تنظيمهما سنة 2019. تألف سائر المشهد السياسي في الانتخابات الأخيرة من حزب وسطي كبير يدعى أزرق أبيض وسلسلة من الأحزاب الصغيرة التي تميل إلى جمع قطاعات عدة مثل الناخبين المتدينين من اليمين والناخبين العرب.
بالنسبة إلى نتانياهو، الرياضيات الانتخابية واضحة دوماً، هو يحتاج إلى 60 مقعداً للبقاء في السلطة، أو هو يحتاج إلى منع أحزاب أخرى من تشكيل تحالف ضده. والرياضيات لا تصب في مصلحة المعارضة.
تابع فرانتزمان أن إسرائيل هي مجتمع منقسم والعديد من أحزاب اليمين المتطرف لن يجلس بجانب الأحزاب اليسارية أو العربية. يعني ذلك أن كل ما على نتانياهو فعله هو جمع اليمين والتيارات الدينية والصمود أمام أعدائه السياسيين. فعل ذلك بنجاح طوال أكثر من عشرة أعوام، وهي فترة زمنية غير مسبوقة لزعيم سياسي إسرائيلي في السلطة. أما وصول إسرائيل إلى هذه النقطة فقد أعقب سلوك مسار طويل.
سيطر يسار الوسط في البداية على المشهد السياسي تحت اسم ماباي قبل أن يصبح لاحقاً حزب العمل. وفيما اختفى الأخير بمرور الوقت، بقي الليكود المنتمي لليمين الوسط في المشهد. ترك ذلك فراغاً سياسياً في الوسط واليسار، حيث يفتش حوالي 1.5 مليون ناخب في كل استحقاق انتخابي عن حزب وسطي جديد كي يصوتوا لصالحه.
كان هنالك حزب يدعى شينوي “التغيير” ثم حزب المتقاعدين، كاديما، يش عتيد، المعسكر الصهيوني، والآن حزب أزرق أبيض. طوال الوقت، راقب نتانياهو هؤلاء الوسطيين يأتون ويذهبون وقد نجح غالباً في امتصاص الأحزاب الصغيرة على اليمين، والتي أمكن أن تهدد موقعه.
أدى تكرار الانتخابات إلى بروز تذمر من توجه النظام إلى الانهيار. يواجه نتانياهو تهم فساد ويبدو أنه يتمسك بالسلطة. ربما اكتشف أن تنظيم الانتخابات يسمح له بالحكم من دون قيود فيما يترشح خصومه على قاعدة الإطاحة به من منصبه. كل ما عليه فعله هو الصمود لفترة كافية حتى الوصول إلى اتفاق ائتلافي يصب في مصلحته.
ويتابع فرانتزمان مقاله عبر دعوة قرائه إلى مراقبة كيف تراجع حزب أزرق أبيض الذي يقوده ثلاثة جنرالات سابقين إلى ستة مقاعد متوقعة وفقاً لاستطلاعات الرأي. مع ذلك، لا يواجه نتانياهو مخاطر سياسية داخلية فقط.
يرى فرانتزمان أن الإدارة الأمريكية الجديدة قد تكون أقل تقرباً من إسرائيل بالمقارنة مع إدارة ترامب. قد ترغب الولايات المتحدة بالعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران وهي استراتيجية يرفضها نتانياهو على الأرجح. في الوقت نفسه، تريد إسرائيل دعماً أمريكياً لتعزيز اتفاقات السلام .
كذلك، تزداد التوترات مع طهران في المنطقة. تشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة وإسرائيل أرسلتا غواصات صوب سواحل إيران. وقادت إسرائيل مناورات جوية دفاعية غير مسبوقة لإظهار إمكاناتها في وقف هجوم صاروخي بالستي أو بواسطة مسيّرات.
وافق الكونغرس الأمريكي مؤخراً على تحويل 500 مليون دولار لدعم الأنظمة الصاروخية الدفاعية الإسرائيلية. وقد لفت هذا التمويل نظر البعض في واشنطن وسط تفشي جائحة كورونا.
بإمكان كل ذلك أن يضع إسرائيل في موقف أصعب بين نقادها في الولايات المتحدة ممن يعتقدون أنها حصلت على الكثير من الدعم. بحسب فرانتزمان، تدخل هذه النقاط في حسابات نتنياهو الانتخابية.
ستنظم إسرائيل انتخاباتها بعد شهرين من تسلم بايدن المكتب البيضوي، وقد يرمي هذا الأمر بعض اللايقين في الأجواء، على مستوى الاستقرار الإقليمي وعلى مستوى هوية السياسي الإسرائيلي الذي سيتعامل معه حلفاء وأعداء كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بعد تلك الانتخابات.