رئيس الدولة ورئيس الوزراء البريطاني يبحثان هاتفياً التطورات الإقليمية
متى يضطر أردوغان للتراجع عن سلوكه العدواني؟
قارن الصحافي التركي المخضرم بوراك بكديل بين السياسة الخارجية الحربية التي اعتمدها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في السنة الماضية بناء على قوة تركية وهمية، وبين سياسته الحالية الهادئة نسبياً. ويرى الصحافي أن هذه المقارنة تعطي جواباً قيماً على سؤال مجموعة من الدول حول ما يمكن أن يدفع الرئيس التركي إلى التراجع عن سلوكه العدواني في المنطقة.
كتب بكديل في “معهد غيتيستون” أن أردوغان هدد أوروبا مرات عدة بإرسال ملايين اللاجئين إليها. في 27 فبراير (شباط) 2020، نفذت أنقرة تهديدها وسمحت للاجئين ومعظمهم من السوريين بالسفر إلى أوروبا وفتحت بواباتها الحدودية، ونقلت الباصات مجاناً عشرات الآلاف من اللاجئين إلى الحدود مع بلغاريا، واليونان. وفي إعلان أشبه بالبروباغندا لا بالواقع، قال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو في 1 مارس (آذار) 2020 إن 100 ألف لاجئ عبروا الحدود إلى أوروبا في غضون ثلاثة أيام. في اليوم الموالي، لم تكن اليونان تشغل 52 سفينة حربية لحماية جزرها القريبة من تركيا وحسب، بل حشدت أيضاً قوات إضافية على الأرض، وتمكنت قواتها الأمنية من منع 10 آلاف مهاجر من دخول أراضيها. وذكرت السلطات اليونانية أنها سجلت 76 دخولاً غير شرعي للاجئين وحاكمتهم.
بحلول نهاية مارس (آذار) 2020، كان على السلطات التركية سحب اللاجئين المتبقين الذين اكتظت بهم الحدود. فشل الابتزاز الذي أبقى الاتحاد الأوروبي طويلاً رهينة بيد أنقرة. منذ ذلك الحين، امتنع أردوغان عن اللجوء إلى الابتزاز. لكن اليونان لم تختفِ عن راداره العدواني. في 9 يوليو (تموز) حول أردوغان متحف آيا صوفيا الموضوع على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي إلى جامع. وصف مناصرو أردوغان الإسلامويون الحدث بـ “الفتح الثاني للقسطنطينية”. كان الحدث الخطوة الأولى لتصعيد التوتر مع اليونان. شهد صيف 2020 بكامله حلقة طويلة من التصعيد المتكرر في المتوسط. علقت تركيا ثم استأنفت، مرات عدة، نشاطاتها الاستفزازية في استكشاف النفط ضمن مناطق بحرية متنازع عليها. تعمقت المواجهة، وتحول الجيشان التركي واليوناني إلى الجاهزية العملانية، أي الخطوة التي تسبق إطلاق النار المتبادل.
في 14 أغسطس (آب) اصطدمت سفينتان حربيتان يونانية وتركية شرقي المتوسط. عززت التوترات الحنين التركي القديم لاستعادة بعض الجزر اليونانية، بينما اقترح الإعلام الإسلاموي احتلال الجيش التركي 16 جزيرة يونانية. منذ ربع قرن تقريباً، لم تقترب تركيا واليونان من حافة الحرب كما في الصيف الماضي. تابع بكديل أنه بدءاً من يونيو (حزيران) 2020، أصبحت تركيا أكثر تورطاً في الحرب الأهلية الليبية فأرسلت قوات ومدربين وتجهيزات ووكلاء مقاتلين من سوريا، إلى ذلك المسرح الساخن في تحد لمجموعة واسعة من الخصوم الإقليميين والدوليين.
في تلك الأثناء، هددت تركيا بتحويل دورها من حرب بالوكالة إلى حرب مباشرة. وفي أكتوبر (تشرين الأول)، وجه أردوغان سهامه ضد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مستهدفاً من خلاله كل أوروبا قائلاً إن ماكرون في حاجة إلى علاج نفسي لأنه تعهد بضرب الإسلاموية المتطرفة في فرنسا بعد ذبح أستاذ التاريخ صامويل باتي في 16 أكتوبر(تشرين الأول). واتهم أردوغان الغرب بإرسال أسلحة إلى أرمينيا خلال نزاعها مع أذربيجان. ورغم ذلك، افتخر بأن تركيا كان تجهز الجيش الأذري بالطائرات العسكرية دون طيار، والتدريب، والأسلحة الأخرى. في صيف 2020 أيضاً، صعدت أنقرة تهجمها على السعودية، والإمارات، ومصر. فإعجاب أردوغان الإيديولوجي بتنظيم الإخوان الإرهابي أثار توتراً بين بلاده والعواصم العربية التي قرر بعضها مقاطعة البضائع التركية. وأطلق التطبيع الديبلوماسي بين الإمارات وإسرائيل غضباً تركياً عكس هزيمة ذاتية لأنقرة التي تمتعت بعلاقات ديبلوماسية مع إسرائيل منذ 1949. في نهاية 2020، كانت تركيا في حرب باردة ضد اليونان، وقبرص، وفرنسا، والإمارات، والسعودية، ومصر، وإسرائيل، والمشير الليبي خليفة حفتر، والولايات المتحدة، بسبب الخلاف على قضية أس-400. لم تتراجع أي دولة ولم تسترض أي منها أردوغان أو غيرت سياستها في وجه العدوان التركي.