يكتسب قوة على الأغلب، بسبب تراجع أمريكا

محور الصين وروسيا يكشف ضعف الولايات المتحدة

محور الصين وروسيا يكشف ضعف الولايات المتحدة

عندما أحضر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وفداً رفيع المستوى للقاء الرئيس الصيني شي جين بينغ في بكين الأسبوع الماضي، عانت وسائل الإعلام الغربية من تشنج عصبي، حسب وصف الأستاذ الزائر في التنبؤ والابتكار في جامعة لندن ساوث بانك، جيمس وودهويسن. وزعم غربيون كثر أن هذا التحالف الجديد يبشر بـ «مستقبل مشؤوم» ويمثل «بداية حرب باردة ثانية».

المحور الصيني الروسي 
وقال وود هويسن في موقع «سبايكد» إن الكثير من هذا التعليق المفرط في الحماسة يسيء فهم الطبيعة الحقيقية للعلاقة. يعكس التحالف بين الصين وروسيا انهيار النظام الدولي القائم على القواعد، والذي يفضله الغرب، أكثر بكثير مما يمثل نظاماً دينامياً جديداً بعينه. وهذه ليست محاولة للسيطرة على العالم، بل خطوة انتهازية وإن خطيرة. كما اكتسبت الستالينية دائماً المزيد من القبول في أجزاء من العالم، حيث كانت الرأسمالية ضعيفة، اجتمع النظامان اللذان خلفاها في بكين وموسكو اليوم، مرة أخرى في رد فعل على ضعف الغرب.

سياسة خارجية منكوبة
أضاف الكاتب أن الحزب الشيوعي الصيني حريص على تحقيق مكاسب بينما نُكبت أمريكا في عهد الرئيس بايدن بالتردد الجيوسياسي. عندما يتعلق الأمر بتايوان بشكل خاص، عانت إدارة بايدن للحفاظ على سياسة الغموض الاستراتيجي التي اتبعتها الولايات المتحدة منذ عقود، أي  تجنب الاعتراف رسمياً بتايوان دولة مستقلة، لكن مع معاملتها وتسليحها بلداً سيداً. في 2022، أدت رئيسة الأغلبية في مجلس النواب نانسي بيلوسي زيارة تحريض بشكل سخيف إلى تايوان، غافلة على ما يبدو عن واقع أنها ستؤدي إلى تأجيج التوتر مع الصين.
وكانت رحلتها على خلفية زلات بايدن المتكررة، حيث أكد الرئيس المرتبك أن الولايات المتحدة ستدافع عن سيادة تايوان عسكرياً قبل أن يتدافع مسؤولو البيت الأبيض لتوضيح أنه لم يكن يعني ذلك في الواقع.
وفي مواضع أخرى من السياسة الخارجية للولايات المتحدة، بدأت الشقوق تظهر. كشفت الصين وروسيا، حدود نظام العقوبات الأمريكي بالاستمرار في التحايل على مختلف أشكال حظر الاستيراد، فالمكونات العسكرية الغربية والصينية الصنع تصل عبر الصين، إلى حرب بوتين في أوكرانيا.
وتصدر الصين أيضاً قطع غيار لمسيّرات روسيا الإيرانية الصنع. وفي غضون ذلك، يواجه بايدن صعوبات في الشرق الأوسط بعد 7 أكتوبر(تشرين الأول). في وقت سابق من هذا الشهر، حذرت الولايات المتحدة إسرائيل التي شكلت تقليدياً أقرب حلفائها من شن هجوم على رفح، المعقل الأخير لحماس، وإلا فإن  أمريكا ستمدها بكميات أقل من الأسلحة.

دوافع بايدن وشي
حسب وودهويسن، لم تعد المظلة العسكرية الأمريكية كما كانت. أثناء الحرب الباردة، طُرح سؤال، هل سيكون الرئيس الأمريكي على استعداد للمخاطرة بنيويورك، أو واشنطن، أو شيكاغو لإنقاذ لندن، أو باريس، أو هامبورغ؟ واليوم قد يتساءل المرء هل سيكشف رئيس الولايات المتحدة حقاً لوس أنجليس، أو سان فرانسيسكو، لإنقاذ تايوان؟ يبدو أن بوتين وشي قررا أن لا بايدن ولا حتى دونالد ترامب سيقبلان بهذه المخاطرة، واستنتجا أن أمريكا تفتقر إلى العزيمة.
وتابع الكاتب متسائلاً  هل كان بايدن سيجازف حقاً بالساحل الغربي للولايات المتحدة للانتقام للفلبين على سبيل المثال. إن معاهدة الدفاع المشترك في 1951 بين الولايات المتحدة والفلبين تبدو جيدة جداً. لكن هل تريد واشنطن حقاً الاستمرار في الإشراف على تلك الجزر كما فعلت في الحرب الباردة؟
قد يشير إلى ذلك تحرك واشنطن في 2023 لنشر مقاتلات شبحية في لوزون الفلبينية التي تبعد 250 ميلاً فقط من تايوان. لكن لهذا التحرك علاقة أكبر بأن القواعد الأمريكية في أوكيناوا اليابانية مكشوفة كثيراً أمام هجوم للحزب الشيوعي الصيني. إنه يعكس تراجعاً وليس تقدماً عسكرياً. يأتي هذا رغم بصمة الديمقراطيين في سياسة الاستدارة نحو آسيا.
في ظل الظروف الراهنة، تشكل الولايات المتحدة قوة متراجعة في آسيا، لا قوة توسع. وعلى نحو مماثل، تعتبر الصين قوة إقليمية في آسيا، وتريد السيطرة على فنائها الخلفي. ما يدفع بايدن هو تجنب الانحدار. وما يدفع شي الصاعد هو اختبار الضعف الأمريكي، وكل ذلك من أجل وضع تايوان تحت سيطرة الحزب الشيوعي الصيني.

محور غير متوازن
أضاف الكاتب أن المحور الصيني الروسي غير متوازن بشكل أساسي. فروسيا تحتاج إلى الصين أكثر بكثير من العكس. تميل التقارير حول التحالف إلى التشديد على الترابط الاقتصادي المتزايد، مشيرة إلى أن التجارة بين البلدين زادت بأكثر من 64% في 2021، لتصل إلى رقم مذهل بلغ 240 مليار دولار.
لكن الاقتصاد بعيد عن الاهتمام الرئيسي لشي. ففي السيارات الكهربائية والألواح الشمسية، نجحت الصين بالفعل في التفوق على الغرب، حيث تنتج 60 و80% من الإنتاج العالمي لهاتين السلعتين على التوالي. وقد تحتاج الصين إلى الطاقة الروسية، لكنها قادرة أيضاً على توفير طاقتها النووية. وفي الأيام القليلة الماضية، أصبحت بكين أقل اعتماداً على التكنولوجيا المستوردة لتعزيز براعتها في الحوسبة الكمومية، في حين لن تكون لدى روسيا قطارات الصين العالية السرعة لسنوات قادمة.
إن الأمر الأكثر أهمية للحزب الشيوعي الصيني ليس النمو الاقتصادي بل استعادة السيادة على تايوان. لهذا السبب، عندما أدى الرئيس التايواني، الاستقلالي ويليام لاي اليمين الدستورية يوم الإثنين، أعلنت وزارة التجارة الصينية فرض عقوبات على العديد من الشركات الأمريكية التي يشاع تورطها في «مبيعات الأسلحة إلى تايوان». ثم، بعد بضعة أيام، بدأ جيش التحرير الشعبي للحزب الشيوعي الصيني، بالإضافة إلى القوات البحرية والقوات الجوية، حصاراً تدريبياً على تايوان لمدة يومين، فقط لإظهار من هو الزعيم.
لا شيء في هذا يعني أن التحالف بين الصين وروسيا ليس أكثر من زواج مصلحة هش. وكما كتبت صحيفة فايننشال تايمز، فإن هذه العلاقة «بُنيت لتدوم»، لأن الرئيسين «ينظران إلى الولايات المتحدة على أنها التهديد الرئيسي». مع ذلك، يبقى  أن المحور الصيني الروسي يكتسب قوة على الأغلب، بسبب تراجع أمريكا.

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot