كان للسلطنة العثمانية نفوذ في كامل البحر المتوسط

محور عقيدة أردوغان البحرية.. قراصنة وتجار رقيق

محور عقيدة أردوغان البحرية.. قراصنة وتجار رقيق

في أغسطس (آب) الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن تركيا ستسترجع حصتها العادلة في المتوسط والبحر الأسود وبحر إيجه. لكن الصحافي المخضرم الذي يغطي الشؤون التركية ديفيد ليبيسكا تساءل في صحيفة “ذا ناشونال” الإماراتية عن المعنى الحقيقي لكلمة عدل بالنسبة إلى أردوغان.
ويرى أن الجواب يكمن في عقيدة الوطن الأزرق في السياسة الخارجية والتي تقوم على إعادة إحياء النفوذ العثماني على مستوى البحار.

قراصنة للإيجار
أواسط القرن السادس عشر، كان للسلطنة العثمانية نفوذ في كامل البحر المتوسط بفعل شقيقين ولدا في جزيرة يونانية اليوم تدعى ليسبوس: عروج وخضر. اشتهر هذان الشقيقان حينها بكونهما قرصانين قابلين للإيجار. وحظيا بدعم ياوز سلطان سليم الذي بنى أسطولاً عثمانياً قوياً. وتمكن خضر الذي بات معروفاً حينها باسم “بابروس” (ذي اللحية الحمراء)، من هزيمة تحالف بين البندقية وإسبانيا قبالة الساحل اليوناني سنة 1538. بعدها سيطر العثمانيون على جميع الجزر في بحر إيجه.

تلقين.. هكذا يُمدح
 تجار العبيد
يؤكد الكاتب أن معظم المؤرخين يرون الشقيقين كقرصانين وتاجري عبيد. لكن يتم تلقين التلاميذ الأتراك في المدارس عن “المآثر الشجاعة” للرئيس عروج وخير الدين بربروس. ويستخدم أردوغان سفناً للأبحاث الزلزالية تحمل اسميهما لإعلان رغبة الدولة بالدفاع عن حقوقها البحرية وتحدي القوى الإقليمية. وأطلق الأميرال البحري المتقاعد جيم غوردنيز مصطلح الوطن الأزرق الذي يشمل البحار الثلاثة المحيطة بتركيا. وانتشر المصطلح منذ سنة حين ألقى أردوغان خطاباً أمام خريطة حول نية تركيا السيطرة على أكثر من 460 ألف كيلومتر في هذه البحار.

خطر حرب بين الحليفين
خلال الشهر الماضي، ظهرت سفينة عروج رئيس مصحوبة بسفن حربية في مياه الجزيرة اليونانية كاستلوريزو. تسببت تركيا بدفع اليونان، زميلتها في حلف شمال الأطلسي، إلى حافة الحرب معها بعدما وضعت قواتها في حال تأهب قصوى.
 ولم يطلق الطرفان محادثات أولية إلا بعدما عادت سفينة عروج رئيس أدراجها. لكن في اليوم نفسه، أرسلت تركيا سفينة خير الدين بربروس باشا إلى المياه التي تدعي قبرص ملكيتها لها، من أجل التنقيب عن الطاقة. ويُتوقع أن تبقى السفينة هناك حتى الأسبوع الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني).
الإيديولوجيا
لا الأمن الاقصادي
خلال السنتين الماضيتين، أرسلت تركيا ست سفن بحثية مصحوبة بسفن حربية للتنقيب في تلك المياه. ووقعت السنة الماضية اتفاق ترسيم حدود مع حكومة الوفاق الليبية وهو أمر يوسع ادعاءات تركيا المتوسطية بشكل يغطي جميع مياه جزيرة كريت. لكن هذا التجرؤ البحري يتعلق بعقيدة الوطن الأزرق أكثر من تعلقه بموارد الطاقة.
 يتفق معظم المحللين على أن أي غاز طبيعي يُستخرج من شرق المتوسط لن يجد على الأرجح من يشتريه في أوروبا أو آسيا. بالتوازي مع هذه العقيدة، عززت تركيا قوتها البحرية لكن أيضاً صناعة الأسلحة التركية.

تفادي كارثة أكياس الجثث
يضيف الصحافي أن تركيا تتمتع بوجود عسكري أو تدعم وكلاءها في قطر والعراق وسوريا وليبيا والسودان والصومال، وربما اليمن. كذلك، بدأت ترسل مقاتلين أجانب لخوض حروبها. وبفعل موطئ قدمها البارز في سوريا، بات بإمكان أردوغان إرسال آلاف الثوار السوريين للحرب في ليبيا أو في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان. تريد تركيا تفادي الكارثة السياسية المحتملة بعودة جنودها الأتراك في نزاعات بعيدة عبر أكياس جثث، إذ سيكون الأمر مريراً في ظل أزمة اقتصادية حادة.

بين دفع الأثمان
 ولوم الآخرين
الشهر الماضي، دعت مصر حلفاءها في الجامعة العربية للاتحاد في مواجهة الاعتداءات التركية الإقليمية خصوصاً في سوريا. وقاطعت السعودية البضائع التركية لأكثر من عام بينما تقترح تقارير حديثة أن عمان والبحرين ودولاً أخرى قد تنضم قريباً إلى هذا الجهد. وأشار ليبيسكا إلى عنصر أساسي في هذه العقيدة ويستند إلى إلقاء مشاكل تركيا على القوى الغربية ووضع الولايات المتحدة وأوروبا في خانة الأعداء على الرغم من انضمامهم إلى الحلف العسكري نفسه. لكن الولايات المتحدة غارقة في انتخاباتها ولم يقدم الاتحاد الأوروبي ما يفوق بكثير الإدانات المتكررة لتركيا والتحذير بفرض عقوبات. وفي الاجتماع الأخير أوائل الشهر الحالي، أجل القادة الأوروبيون العقوبات إلى الاجتماع المقبل في ديسمبر (كانون الأول).

الوقت يمر
وحذّر الصحافي من أن الوقت يمر سريعاً، ومن أن أي حل للنزاع يقوم على ترك حكومة الوفاق في طرابلس كما هو مرجح اليوم سيشجع تركيا على مواصلة طموحاتها والاستمرار بالتنقيب في المتوسط.
لقد غادرت عروج رئيس الميناء وتوجهت إلى المياه المفتوحة الأسبوع الماضي.
 بعدها بأيام، ذكرت تقارير تركية أن وجهة التنقيب التالية ستكون كريت.