الاشتباك الأكثر دموية بين القوات الأمريكية والروسية

مذبحة مروعة في سوريا.. سبب تمرد فاغنر

مذبحة مروعة في سوريا.. سبب تمرد فاغنر

سجل الاشتباك الأكثر دموية بين القوات الأمريكية والروسية منذ الحرب الباردة في مطلع فبراير (ِشباط) 2018. ففي منتصف ليل سوري، وجدت قوة صغيرة من مشاة البحرية الأمريكية المارينز نفسها على ضفاف الفرات، محاصرة من قوات موالية للجيش السوري، بينها مجموعة كبيرة من المرتزقة الروس. ودارت معركة حول موقع أمريكي قرب محطة غاز كونوكو قرب دير الزور، في شمال شرق سوريا.
تستعيد صحيفة “واشنطن بوست” تفاصيل الاشتباك عندما تقدمت سرية من 300 إلى 500 مقاتل، بأسلحة ثقيلة، بينها مدرعات ودبابات في معركة مكثفة استمرت 4 ساعات، حاصر فيها المهاجمون القوات الأمريكية تحت وابل من قذائف المدفعية والهاون.
وقدم المراسل الاستقصائي كيفين مورير في وقت سابق هذا العام وصفاً دقيقاً للمعركة، استناداً إلى روايات مباشرة من عدد من الجنود في القوات الخاصة الأمريكية الذين شاركوا في القتال، وفصّل الرعب اللاحق عندما تحركت الدبابات الروسية ببطء إلى مواقعها.
 
سفينة قرصنة
وقال مورير عن المقاتلين الأمريكيين: “أطلقوا على الفريق تسمية سفينة قرصنة لأنه إذا حدث شيء، يتحركون معاً. وفي مواجهة الدبابات ، كانت فرصة حقيقية. رغم العروض الأخيرة في ساحات القتال في أوكرانيا، لا تزال الدبابة أداة افتراس رئيسية في المعارك. لم يكن لدى القوات الخاصة الأمريكية سلاح يمكن أن يوقفها». لذلك، تدخلت القوة الجوية الأمريكية في المعركة وتسببت في مذبحة مرعبة، إذ تمكنت طائرات “ريبر” دون طيار وطائرات “إف -22” الشبح، وقاذفات “بي 52” وهليكوبتر “أباتشي” من تقويض قدرة القوة المهاجمة وتدميرها. دُمر الجزء الأكبر من الدبابات والمدفعية الروسية، ويعتقد أن مئات المقاتلين السوريين والروس قُتلوا، في حين لم يسقط أي أمريكي.
وقال أحد ضباط القوات الخاصة لمورير: “متأكد أنه لولا سلاح الجو الذي استجاب لنا، لتحولنا إلى بقع شحم على الأرض في حقل نفط في سوريا».
وتتحدث “واشطن بوست” عن سبب استعادتها تلك الحادثة، بعد 5 أعوام مشيرة إلى أن المقاتلين المتورطين فيها كانوا من مجموعة فاغنر بقيادة يفغيني بريغوجين. ويومها، عكست عملياتهم الدور الضخم والغامض لفاغنر في السياسة الخارجية للكرملين، بصفتها وكيلاً فاعلاً عزز مصالح موسكو في المناطق الساخنة في أوكرانيا، وسوريا، وفي الصراعات المختلفة في إفريقيا، بقسوة وبدرجة من الإنكار المعقول من الحكومة الروسية. وتلفت “واشنطن بوست” إلى أن الواقعة قدمت أيضاً مؤشراً مبكراً على التوتر  بين بريغوجين والقيادة العسكرية الروسية. إذ يُزعم أن خسارة العشرات من مقاتلي فاغنر في ليلة واحدة في سوريا، أثارت غضب بريغوجين الذي نشر في وقت سابق من هذا الشهر روايته  عن أحداث 2018 على منصة التواصل الاجتماعي تلغرام.
وفي حديثه قال بريغوجين إنه كان يفترض أن تكون بعثة فاغنر طليعة قوة في عملية ضد داعش لتأمين السيطرة على المصنع ومحيطه بدعم جوي من الجيش الروسي، لكن الدعم لم يأتِ أبداً، ما جعل بريغوجين يغضب على وزير الدفاع سيرغي شويغو، والجنرال فاليري غيراسيموف لسماحهما بترك مقاتليه هدفاً للقصف الأمريكي.
ووفقًا لمسؤولين أمريكيين في 2018، نفى نظراؤهم الروس مشاركتهم في المعركة، وفي مناقشات الطوارئ مع احتدام القتال، وافقوا على استخدام القوة الجوية الأمريكية في الموقع.
وقال مسؤول أمريكي وقتها: “كان مذهلاً كيف سارع الروس أنفسهم إلى النأي بأنفسهم” عما وصفه بعملية “تحت القيادة السورية واستجابة للتوجيهات السورية».
وقال وزير الدفاع جيم ماتيس قال لأعضاء مجلس الشيوخ في شهادته في أبريل (نيسان) 2018: “أكدت لنا القيادة العليا الروسية في سوريا أنهم لم يكونوا من رجالها”. وأكد أنه طلب من الجنرال جوزيف دنفورد، رئيس هيئة الأركان المشتركة “ القضاء على القوة المهاجمة».
وبعد أسابيع من المعركة، أكد صحافيون، رغم النفي الروسي، أن بريغوجين كان على اتصال وثيق مع الكرملين ويبدو أنه نسق العمليات مع مسؤوليه.
ورأت الصحيفة أن تلك الحادثة تلقي نظرة خاطفة على شبكة تأثير واسعة  أدارها وشملت عمليات تضليل روسية عبر الإنترنت لتمهيد الأرض في حروب في دول مثل ليبيا، وإفريقيا الوسطى.
ورجحت أن سبب عملية فاغنر المشؤومة في سوريا في 2018، هو الجشع، إذ نجحت الشركة في ضمان تدفق إيرادات من حراسة المواقع المربحة مثل حقول النفط، ومناجم الذهب. وفيما تنكب موسكو حالياً على استكشاف ما يجب فعله بالمرتزقة، لا يزال نوع من الوضع الراهن الضمني سارياً في سوريا.