رئيس الدولة ورئيس أوزبكستان يبحثان علاقات البلدين وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية
ملتقى عيال زايد يستضيف حلقة نقاشية تحت عنوان (التوطين والواجب الوطني)
لا شك أنّ قضية التوطين كانت وما زالت هي الشغل الشاغل لحكومة الإمارات العربية المتحدة على مدار عقود مضت ، وفيما نعلم جميعا ، أن الدولة لم تدخرْ أي جهود للنهوض بهذه القضية ووضعها في مكانها الذي تستحق، وسخرت الدولة الإمكانات التي أسهمت في وضع برامج تحقق غايات التوطين ،وبالفعل زادت نسبة التوطين في المؤسسات الحكومية عن ذي قبل .
ولكن كما يرى البعض أن النتائج التي تحققت حتى الآن غيرُ مرضية وخصوصا في القطاع الخاص . وفي هذا الإطار استضاف ملتقى عيال زايد حلقة نقاشية تحت عنوان “ التوطين والواجب الوطني “ في حضور نخبة من أصحاب المعالي والسعادة والضيوف الكرام ، وكان من أبرز المتحدثين : سعادة الأستاذ سالم علي النار الشحي ، العضو السابق بالمجلس الوطني الاتحادي .وسعادة الدكتور نجيب الشامسي ،المستشار الاقتصادي ومدير عام “المسار للدراسات الاقتصادية والنشر ،وسعادة الدكتور أحمد آل سودين ،رئيس المنظمة العربية الأفريقية للاستثمار والتطوير العقاري ،وقد أدار الحلقة النقاشية الكاتب الصحفي عاطف البطل ، بحضور الفريق الإعلامي بقيادة الدكتورة أمينة الماجد . وقد اشتملت الحلقة النقاشية على عدة محاور :
المحور الأول : التوطين في المؤسسات الحكومية والخاصة.
وقد تحدث عنه الدكتور نجيب الشامسي ، حيث تحدث في البداية عن البطالة والتي أصبحت ظاهرة عالمية لا تمس مجتمع بعينه ،ولكن الدول المتقدمة بفعل سياساتها استطاعت أن تحاصر هذه الظاهرة إلى حد ما ، أما في مجتمعاتنا ،فقد تجاوزت الحد .
فالعجز في الموازنة و تراجع معدلات الإنفاق شكل خطرا حقيقياعلى الأوضاع الاقتصادية ،مما يعرض دولنا للعنف والتطرف.
وقد تساءل الشامسي هل ستتحرك مؤسساتنا و أجهزتنا المعنية في الإمارات نحو معالجة أسباب ظاهرة البطالة ؛ لأن البطالة لها إفرازات و تداعيات تهدد مكتسبات الدول .
وفي سياق المقارنة بين البطالة هنا وفي الدول الأخرى ، فقد أشار “لشامسي “ إلى أن البطالة في دولنا ارتفعت نسبتها إلى حال يجعلنا في قلق من انعكاساتها الوخيمة .
وفيما يخص دولة الإمارات فقد تزايدت المعدلات بشكل كبير فبعد أن كانت لاتتجاوز 6.3٪في عام 1995، بلغت في عام 1999 إلى نحو 16.3٪ أي بزيادة بلغت 10٪ خلال فترة زمنية لم تتجاوز الخمس سنوات ؛لذلك على المؤسسات المحلية و الاتحادية التعاون من أجل وضع حلول جذرية و معالجات ناجعة لها .
وأضاف “الشامسي “ إلى أن عولمة الاقتصاد العالمي و الانفتاح و تنفيذ قوانين الاستثمار الأجنبي يستوجب تدخل الدولة لمعالجة معدلات البطالة الوافدة المقيمة أو الوافدة المستوردة .
وفي سياق الحديث عن أعداد الموطنين الذي يشغلون وظائف معينة :
فقد وضح بأن عدد المواطنين العاملين في القطاع الحكومي و المؤسسات الاتحادية والدوائر والهيئات المحلية” 168 ألف مواطن وبنسبة 42% ،أما عدد غير المواطنين العاملين في القطاع الحكومي 236000 ألفا وبنسبة بلغت 58%. و بلغ عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص 25000 مواطن وبنسبة ضئيلة جداً لا تتجاوز 3% مقابل خمسة ملايين من العمالة غير المواطنة بما فيها العمالة المنزلية.
- أما في القطاع المصرفي بما فيه المصارف التجارية:
عددها (48 مصرفاً و743فرعاً)،منها 21 مصرفا وطنيا لها 664 فرعا و27 مصرفا أجنبيا لها 79 فرعا فيما بلغ عدد بنوك الاعمال 11 مصرفا ومحلات الصرافة 118 فيما بلغ عدد شركات التمويل 22 شركة ومكاتب التمثيل 98 مكتبا .وقد بلغ عدد المواطنين فيها عن 9420 مواطن حتى يونيو 2019م وفي درجات وظيفية متفاوتة بالرغم من أن القطاع المصرفي التجاري هو القطاع الأكبر بالنسبة للقطاعات المؤلفة للقطاع الخاص .
- قطاع شركات التأمين: لا تتجاوز نسبة المواطنين العاملين فيه عن 1% من أعداد العاملين في شركات التأمين حيث لا يتجاوز عدد المواطنين عن 100 عامل مواطن .
أما بخصوص التداعيات والانعكاسات التي تسببها البطالة ، فقد أشار الشامسي إلى عدة تداعيات منها :
تداعيات اجتماعية تتمثل في بروز ظاهرة العنوسة و التفكك الأسري والخلافات الأسرية ، و تداعيات أمنية ومنها ،تفشي الجريمة وارتفاع معدلاتها و تعاطي الخمور والمخدرات بكل أنواعها وتراجع مستوى القيم الأخلاقية في المجتمع ،وبالطبع سيكون هناك شكل من أشكال التطرف والارتماء في أحضان الجماعات الخارجة على القانون نظر اً للاحتياج المادي .
أما عن المحور الثاني وهو الخاص بالتحديات التي تواجه التوطين.
فقد تحدث عنه الأستاذ سالم النار الشحي حيث أشار في البداية إلى أن “ قيادتنا الحكيمة نادت وتنادي دائما بالتوطين و تصريحات بعض المسؤولين دائما تشجع على التوطين ، لكن هل التشريعات الموجودة للتوطين تتوافق مع التشريعات الاتحادية بخصوص التوطين ، هل هي تراعي الحالة النفسية والاجتماعية للمواطن ؟ فهذا يحتاج إلى إعادة نظر . وقد ذكر بأنه علينا النظر لموضوع التوطين من خلال الواقع الحقيقي لأنه يمس جميع شرائح المجتمع مهما كانت الشهادات و الدرجات العلمية ،فالباحث عن العمل يصطدم بعدم المصداقية وخاصة في معارض التوظيف .
وعلى الباحث عن حل للتوطين عليه أن يأخذ بعين الاعتبار التشريعات الموجودة و هل هي تتوافق مع التشريعات الاتحادية و مصلحة المواطن أم لا ؟ فعدم وجود قانون ملزم يساعد على التوطين يمثل تحديا أيضا ، ولا ينبغي ترك الموضوع لمبادرة من هنا أو هناك .
ويضاف إلى ما سبق وجود أعداد كبرى من الخريجين المواطنين في بعض إمارات الدولة مع عدم وجود عمل في هذه الإمارات ؛ لذلك أقول علينا أن ندرس احتياجات المواطن وعاداته . ومن التحديات التي تواجه التوطين أيضا بعض الأشخاص الذين ينتمون للموارد البشرية ولا يتحلون بالحس الوطني ولا المصداقية وإنما هو استعراض فقط ؛لذلك يجب أن يكون هناك محاسبة لقسم الموارد البشرية المسؤول الأول عن التعيينات و في حال تم تشغيل موظف براتب غير كافٍ أعتقد يجب أن تتولى أحد الجهات التعويض أو الإمداد . وذكر “الشحي “ أن أهم التحديات التي تواجه التوطين هو وجود عوائق ومتطلبات مثل اشتراط وجود خبرة معينة والتي أراها لا داعي لها مع المواطن ، فمن أين يأتي المواطن الخريج الجديد بهذه الخبرة؟
وقد أكد “ النار “ على أنه يريد التمكين وليس مجرد التوظيفة فقط ، كما أشار إلى أن الأمان الوظيفي هو الذي يساعد على جودة العمل و تطوير الأداء و الإبداع و الابتكار ، كما دعا إلى الاهتمام بالمصداقية و عدم ترك المواطن ليكون الحلقة الأضعف ، وإنما علينا أن نهتم بالموظف وتغليب الحس الوطني والمصلحة العامة على الخاصة في جميع الظروف والأحوال .
أما عن المحور الثالث ، والذي حمل عنوان (المقترحات والحلول):
فقد تحدث عنه سعادة الدكتور أحمد آل سودين ، الذي يرى أن قضية التوطين قضية مهمة ،ولا يجب أن تترك هكذا وإنما علينا وضع مقترحات وحلول واقعية لعلها تسهم بشكل أو بآخر في معالجة هذه القضية . وقد ذكر “ آل سودين “ عدة مقترحات وحلول يمكن تنفيذها ،وهي :
1- إشراك القطاع الخاص فيما يُصدر من قوانين ؛كي يتلزم بها ،فهو شريك رئيس للقطاع الحكومي وفيه فرص عمل أضعاف ما يوجد في القطاع الحكومي .
2- زيادة التعاون بين وزارة التوطين والموارد البشريةوالقطاع الخاص عن طريق تبادل البيانات والمعلومات المتعلقة بموضوع التوطين .
3- عمل قاعدة بيانات تضم جميع المعلومات المتعلقة بالخريجين المواطنين؛ضمانا لتوظيفهم آليا بالتنسيق بين القطاعين الحكومي والخاص.
4- البدء في وضع جدول رواتب موحد لجميع الدوائر المحلية والاتحادية مع مراعاة غلاء المعيشة في الأماكن ذات الصلة.
5- عمل صندوق تكون مهمته أمرين : أولهما ،تعويض المواطن الذي فقد وظيفته رغما عنه . وثانيهما ، تقديم راتب بسيط للمواطن الذي تخرج في الجامعة حتى يحصل على وظيفة.
6- إسهام الحكومة في عملية التوطين في القطاع الخاص بشكل أو بآخر ، فقد تقدم الحكومة دعما ماديا للقطاع الخاص وخصوصا للشركات الصغيرة ، أو تقوم الحكومة بإسناد المناقصات والأعمال بشكل مباشر لبعض الشركات الخاصة.
7- إعداد نخب وطنية تتابع قضية التوطين بشكل مستمر ،اعتمادا على البيانات المحدثة أولا بأول . وقد اتفق المتحدثون جميعهم على مصطلح التمكين ، تمكين المواطن والحرص عليه وتدريبه بشكل مستمر ليكون عنصرا فاعلا مميزا ،نافعا لوطنه ، مع الوضع في الحسبان بأنه لا مجاملة لأحد سواء كان مواطنا أم مقيما على حساب الوطن ليعلو الوطن بسواعد أبنائه المخلصين .