أحد أبرز أركان النظام السياسي الطائفي والتقليدي المتجذر

من هو نبيه بري العائد إلى رئاسة برلمان لبنان ؟

من هو نبيه بري العائد إلى رئاسة برلمان لبنان ؟


نبيه بري الذي أعيد انتخابه  أمس الثلاثاء لولاية سابعة على رأس البرلمان اللبناني، هو أحد أبرز أركان النظام السياسي الطائفي والتقليدي المتجذر في البلاد، وسيدشن ولايته السابعة على الرغم من التوق الواضح للتغيير الذي عبر عنه اللبنانيون خلال الانتخابات الأخيرة.
يعرف بحنكته السياسية ولكن أيضا تتهمه شريحة واسعة من اللبنانيين بأنه جزء أساسي من “منظومة الفساد” في بلد يشهد أزمة اقتصادية ومالية خانقة وشللا سياسيا منذ أكثر من سنتين.

منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975-1990) وانتقاله من “أمير حرب” الى رئيس مجلس النواب، أصبح جزءا أساسيا من المشهد السياسي اللبناني مستقويا بتحالفه مع دمشق التي كانت تهيمن على الساحة السياسية اللبنانية، ثم بتحالفه الثابت مع حزب الله، القوة السياسية الأبرز في لبنان التي تمتلك ترسانة عسكرية موازية لسلاح القوى الشرعية.

واستفاد بري من نظام سياسي معقد يقوم على محاصصة طائفية وتوازنات هشة، ليبقى في منصبه ثلاثين عاما ويكرّس نفسه حارساً للستاتيكو السياسي المعقد في لبنان، بعد خروج الجيش السوري من لبنان إثر اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري وما تلاه من تغيير في موازين القوى وصولاً إلى تظاهرات غير مسبوقة خريف 2019 ضد السلطة المتهمة بالفساد وسوء الإدارة، والتي يُعدّ بري من أبرز أركانها.
وأعيد انتخاب بري (84 عاما)، عميد رؤساء البرلمانات العرب، الثلاثاء لأربع سنوات جديدة، بأدنى عدد أصوت ينالها منذ وصوله الى رئاسة البرلمان في العام 1992، 64 من أصل 128.

يدرك بري جيداً أهمية الحفاظ على تحالفه مع حزب الله الذي خاض معه في مرحلة التسعينات صراعا قاسيا على زعامة الطائفة الشيعية، لكنه منذ ذلك الحين، يؤكد أن حلفه مع حزب الله ثابت، وهو يدعمه في رفض التخلي عن سلاحه، مطلب خصوم حزب الله وقوى دولية عدّة. وعُرف بري خلال أزمات عديدة مر بها لبنان بقدرته على تدوير الزوايا، فنجح في فرض نفسه كوسيط بين القوى السياسية المختلفة، والطرف الشيعي المقصود من دبلوماسيين أميركيين وغربيين وعرب لا يريدون عقد لقاءات علنية مع حزب الله.

ويقول النائب السابق إيلي الفرزلي الذي شغل منصب نائب رئيس البرلمان لسنوات، لوكالة فرانس برس، “ما من أحد غيره يستطيع أن يلعب الدور الذي يقوم به».
طويل القامة، طليق اللسان، جهوري الصوت، سريع البديهة، لاذع في انتقاداته، لا يتردد بري في قول ما يجول بخاطر حتى خلال جلسة عامة منقولة مباشرة عبر أثير الاذاعات والتلفزيونات. كما يعرف بخفة ظله وكثرة استخدامه للأمثلة الشعبية في مداخلاته وخطاباته.

ولد بري في سيراليون عام 1938 من عائلة تتحدر من قرية تبنين في جنوب لبنان هاجرت الى افريقيا، وعملت في تجارة الألماس. في أفريقيا، بات بري الصديق الحميم لجميل سعيد محمّد الذي كان بمثابة “ملك الألماس” ويحظى بنفوذ سياسي كبير في سيراليون جعله يتدخل في قرارات حكومية وتعيينات سياسية، وفق تقرير كتبه الدبلوماسي لنسانا غبيري في العام 2002.

تخرج بري في العام 1963 من كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية، ثم تابع دراسات عليا في الحقوق في جامعة السوربون في فرنسا وعمل محامياً في الاستئناف اعتبارا من العام 1963. كما عمل لسنوات طويلة في حقل الاستثمارات العقارية.
انضم بري الى حركة أفواج المقاومة اللبنانية (أمل) التي أسسها الامام موسى الصدر عام 1970. وترأس الحركة في 1980 بعد عامين من اختفاء الصدر المثير للجدل خلال زيارة الى ليبيا.

وشاركت حركة أمل برئاسته في الحرب الأهلية. وخاضت مواجهات مع أطراف عدة بينها الميليشيات المسيحية والفصائل الفلسطينية في حرب المخيمات (1985-1988)، وحتى حزب الله قبل أن يصبح الطرفان شريكين أساسيين في الحياة السياسية.
كما شاركت في العمليات التي ساهمت في خروج اسرائيل من لبنان عام 2000.

قبل وصوله الى البرلمان، تولى بري خمس حقائب وزارية بين عامي 1984 و1992.
ويتميز بري ببلاغة في الكلام ويهوى الكتابة. وقد تم تلحين بعض كتاباته وبينها أغنية للفنان اللبناني مارسيل خليفة بعنوان “يا عريس الجنوب” حول اللبناني بلال فحص الذي سقط في عملية انتحارية ضد الجيش الاسرائيلي.

يقول إن عمله السياسي يحول دون ممارسة هوايتيه المفضلتين، وهما السباحة ولعب البليار.
يشيد أنصاره بالخدمات وبورشة الانماء التي يقف وراءها في جنوب لبنان، بينما يعتبر خصومه أنه استغل الحرب والزعامة والمنصب لترسيخ شعبيته وتوظيف آلاف من أنصاره في مرافق الدولة والمساهمة في تعميق الفساد.

ويُعتقد أن بري يقف على رأس امبراطورية أعمال تتجاوز حدود لبنان، ومن الصعب جداً تتبع مصادرها المالية. كما تُوجه لبري وزوجته رندة اتهامات بالاستفادة مالياً من مشاريع إعمار مع مجلس الجنوب التابع للحكومة اللبنانية. ووفق وثائق مسربة من السفارة الأميركية في لبنان عام 2006، قُدرت ثروة بري وعائلته بحوالي ملياري دولار. بري متزوج وأب لتسعة أولاد، ستة منهم من زواج سابق.