«الغارديان»: معظم دول العالم تعتبر المستوطنات غير شرعية

من يُخمد النيران المشتعلة في الأراضي الفلسطينية ؟

من يُخمد النيران المشتعلة في الأراضي الفلسطينية ؟

على وقع أجواء شديدة التوتر تشهدها الأراضي الفلسطينية منذ أيام، واصلت الولايات المتحدة، بصورة لافتة، انتقاداتها للهجمات التي تستهدف الفلسطينيين في الضفة الغربية، وسط مخاوف وتحذيرات كذلك من العديد من دول إقليمية من خروج الأوضاع عن السيطرة.
يخشى الكثير من المراقبين من تفجر موجة كبيرة من العنف في الشرق الأوسط، في وقت لا تنصت فيه حكومة نتانياهو لأقرب الوسطاء الدوليين
وجاءت كلمات على لسان السفير الأمريكي لدى إسرائيل توم نايدز “لن نقف متفرجين على عنف المستوطنين”، لإدانة أحدث جولة من الاعتداءات التي يقوم بها المستوطنون ضد الفلسطينيين في مدن الضفة الغربية، عقب هجوم فلسطيني الثلاثاء الماضي أسفر عن مقتل أربعة مستوطنين في مستوطنة عيلي شمال مدينة رام الله.
 
وجاءت تصريحات السفير الأمريكي في الوقت الذي لم يمر فيه الموقف الذي عبر عنه قبل يومين مرور الكرام، حيث استنكرت أوساط إسرائيلية أنه “يساوي” بين القتلى الفلسطينيين والإسرائيليين.
ووصفت الصحيفة نايدز بأنه “متهم بالمساواة بين إسرائيليين قتلوا في إطلاق نار إرهابي فلسطيني الثلاثاء وفلسطينيين قتلوا خلال مداهمة لجيش الدفاع الإسرائيلي في جنين يوم الإثنين».
واعتبرت صحيفة، تايمز أوف إسرائيل، أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن “تصعد لهجتها ضد موجة الهجمات التي تستهدف الفلسطينيين، لكن الهجمات تتواصل عبر الضفة الغربية».
 
ونقلت الصحيفة العبرية عن السفير الأمريكي إصراره على أنه لا يرى خطأ في التعبير عن التعاطف مع طرفي الصراع. وقال: “يمكن أن يكون لدي ارتباط شعوري مع الأسر الإسرائيلية وأيضاً الأسر الفلسطينية. لا أحد يريد أن يقف متفرجاً على ما يحدث. قلبي ينفطر على كل هذه الأسر».
وجدد السفير الأمريكي التزام بلاده بحل الدولتين مع التأكيد على أن موقف واشنطن ليس كافياً، “فلا يمكن أن نريد السلام أكثر من الأطراف (المعنية). لابد أن يريده الناس. على الجيل القادم أن يطلب من الساسة أن يفعلوا الشيء الصحيح».
 
ويرى مراقبون أن عدم تقبل إسرائيل حتى لعبارات دبلوماسية تظهر القلق وحالة عدم الوفاق بين واشنطن وتل أبيب ربما تعكس خطورة الوضع الراهن وتصاعد نذر مواجهة مفتوحة لم تشهدها المنطقة منذ سنوات، وذلك مع عودة إسرائيل لاستخدام سلاح الجو، حيث قصفت طائرة مسيرة سيارة قرب جنين شمال الضفة الغربية الأربعاء مما أدى إلى مقتل 3  مسلحين.
 
وركزت العديد من دوائر التحليل السياسي والأمني على تفسير هذه الخطوة، حيث كان هناك شبه إجماع على أنها ذات دلالات عدة، خاصة وأنها تعتبر المرة الأولى منذ أكثر من حوالي 20 عاما التي تلجأ فيها إسرائيل لهذه الوسيلة.
وبينما فسر البعض ذلك على أنه استعراض للقوة ومحاولة إسرائيلية لإخماد أي تحركات للفصائل الفلسطينية للرد على ممارسات المستوطنين، أرجع فريق آخر ذلك للفشل في مواجهة المسلحين الفلسطينيين على الأرض.
 
ووسط هذه الأجواء المشحونة، خرجت أصوات من داخل الحكومة الإسرائيلية تنادي بعملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية، في وقت دأب فيه مستوطنون على تدمير وإحراق سيارات وممتلكات للفلسطينيين، بل ووصل الأمر إلى حد تمزيق نسخ من المصحف في مدينة نابلس.
يأتي ذلك متزامناً مع إعلان بنيامين نتانياهو رئيس الحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل عن نيته الموافقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة، وهو ما تفاعلت معه أيضاً واشنطن ودعت تل أبيب إلى العودة إلى الحوار الرامي إلى خفض التصعيد، وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها البالغ من الإعلان الإسرائيلي في هذا الصدد.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماتيو ميللر، في بيان: “الولايات المتحدة تعارض مثل هذه الأفعال الأحادية التي تجعل حل الدولتين أكثر صعوبة في تحقيقه والتي تمثل عقبة أمام السلام».
 
وفي هذا السياق ذكرت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن معظم دول العالم تنظر للمستوطنات على أنها غير شرعية وأن وجودها يعد إحدى القضايا الأساسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وتعيد الانتقادات الأمريكية للاعتداءات التي تستهدف الفلسطينيين والرفض الإسرائيلي لتلك الانتقادات إلى الأذهان السجال الذي دار بين الجانبين منذ عدة أسابيع عندما عبر الرئيس الأمريكي عن موقفه من الاحتجاجات المستمرة في إسرائيل منذ أشهر بسبب تعديلات قضائية يسعى نتانياهو لتمريرها، حيث دعا بايدن وقتها رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى التخلي عن تلك التعديلات، ليرد الأخير بأن “إسرائيل دولة ذات سيادة تتخذ قراراتها دون ضغوط من الخارج».
 
ويخشى الكثير من المراقبين من تفجر موجة كبيرة من العنف في الشرق الأوسط، في وقت لا تنصت فيه حكومة نتانياهو لأقرب الوسطاء الدوليين بل وتنتقد مواقفهم ، وهم الذين لطالما تدخلوا في جولات عدة سابقة وأوقفوا دائرة العنف ونزيف الدماء.
وربما يتساءل البعض عن فاعلية الدور الأمريكي حالياً وقدرته على التأثير على إسرائيل، في وقت عرضت فيه الصين الوساطة “لإيجاد تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية”، وذلك خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبكين الأسبوع الماضي ولقائه الرئيس الصيني شي جين بينغ، حيث تلقي الصين بثقلها في مناطق النفوذ التقليدية للولايات المتحدة، خاصة بعد دورها المحوري في المصالحة بين السعودية وإيران بعد سنوات من القطيعة.