ما من ديكتاتور يستيقظ ليفكر أن اليوم سيكون آخر أيامه
ناشيونال إنترست: حزب العدالة ينهار.. من سيخلف أردوغان؟
تعرض الباحث مايكل روبن لخليفة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أمضى 18 عاماً في السلطة، معتبراً أن هذه المسألة هي الأهم راهناً لتحديد مستقبل تركيا.
عندما فاز أردوغان في الانتحابات التشريعية ثم برئاسة الوزراء، كان رئيس بلدية في منتصف العمر، تجاوز ماضيه الإسلامي ووعد بأن يكون إصلاحياً وباني جسور، ولكنه لم يفعل لا هذا ولا ذاك. وعوض إصلاح وتحسين عيوب الديموقراطية في تركيا، أخرج أحشاءها، وعوض توسيع خيمة تركيا الكبيرة، وسع سجون البلاد لتتكيف مع موجات التطهير المستمرة.
كيف ستكون تركيا بعده؟
ربما يجمع مؤيدو أردوغان ومنتقدوه على أمر وحيد، وهو أن هذا الاستبدادي المتقدم في العمر كان الزعيم التركي الأكثر أهمية منذ مصطفى كمال اتاتورك مؤسس الجمهورية الحديثة، منذ نحو قرنٍ. ولا أحد يدري كيف يمكن أن ينتهي حكم أردوغان، ولا أين سيدفن، لكن في نهاية المطاف، فإن السؤال عمن سيأتي بعده، هو الأكثر أهمية، لمعرفة كيف ستكون تركيا بعد أردوغان؟
فكرة ساذجة
ويلفت روبن إلى أن هناك أملاً على الأقل لدى العاملين في الشأن التركي في وزارة الخارجية الأمريكية، في عودة أنقرة إلى وضعها السابق بعد أردوغان، معتبراً أن هذه الفكرة، ساذجة. فقد زاد عدد سكان البلاد 20 مليوناً منذ وصول أردوغان إلى السلطة. والعدد نفسه من الأتراك تلقى تعليمه وفق مناهجه. وهناك 13 مليوناً حصلوا على تعليم ما بعد المرحلة الإبتدائية في ظل حكمه. وتسري الدينامية ذاتها على القوات المسلحة التركية التي كانت علمانية، إذ لدى الضباط الأتراك اليوم من القواسم المشتركة مع الضباط الأوروبيين، أقل ما لهم مع نظرائهم الباكستانيين.
ويبدو أن رغبة أردوغان تكمن في الحفاظ على القيادة في عائلته.
ومع أن حزب العدالة والتنمية هو الأداة التي أوصلت أردوغان إلى السلطة، إلا أنه أزاح الحزب جانباً منذ وقت طويل، لمصلحة العائلة. ويولي البروتوكول، أبناءه وزوجاتهم أهمية أكثر من الوزراء. وساد على مدى سنوات اعتقاد بأن بيرات ألبيرق، زوج ابنته إسراء، هو الخيار غير المعلن لخلافته. ورقى أردوغان صهره غير الكفوء وزيراً للطاقة، فسعى إلى تحقيق أرباح من نفط داعش، ثم عينه وزيراً للمال، حيث تساءل المستثمرون عن أهليته للمنصب. وفي 20 نوفمبر (تشرين الثاني)، استقال ألبيرق فجأة على خلفية تدهور قيمة الليرة التركية.
شائعات
وبينما سلط بعض الأتراك الضوء على خلافات داخل العائلة، مثل شائعات عن علاقة عشق، وأخيراً حديث عن عراك عائلي كسر فيه أردوغان أنف ألبيرق، ذهب آخرون إلى التكهن بأن أردوغان الذي يتوقع كارثة اقتصادية، عمد إلى إبعاد صهره لحمايته من الانتقادات.
ومن غير المحتمل أن أردوغان أبعد ألبيرق، إلا إذا كان قادراً على إحلال ابنه مكانه. ومن شأن فقدان السيطرة على العائلة، بعد كل ذلك، أن يكون بمثابة مخاطرة تمكن خلفاء أردوغان من استعادة مليارات الدولارات من ثروة العائلة التي راكمها الرئيس التركي خلال وجوده في السلطة.
وبينما يشكل أردوغان قوة ما دام على قيد الحياة، فإن التاريخ يشير إلى أنه باستثناء أتاتورك وحزب الشعب الجمهوري الذي أسسه، فإن الأحزاب التركية التي استخدمها قادة أتراك لتعزيز سلطاتهم، لم تنجهم من الموت.
فالحزب الديموقراطي بزعامة رئيس الوزراء عدنان مندريس الذي هيمن على الحياة السياسية بين 1950 و1960، انتهى بحظره وإعدام مندريس نفسه. أما حزب الوطن-الأم بزعامة رئيس الوزراء ثم رئيس الجمهورية تورغوت أوزال، فلم يعمر طويلاً بعد وفاته في 1993.
الحزب سينهار
وهذا يفترض أن حزب العدالة والتنمية سيتفتت بعد انشقاق قادته البارزين عنه لتشكيل أحزابهم. وهو ما فعله وزير الخارجية ورئيس الوزراء السابق أحمد داود أوغلو، ووزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء السابق علي باباجان. كما يرد أحياناً ذكر اسم الرئيس التركي السابق عبدالله غول.
لكن انهيار حزب العدالة والتنمية قد يفتح الباب أمام حزب الشعب الجمهوري. إذ أن شعبية منصور يافاس الذي فاز برئاسة بلدية أنقرة في 2019، ترتفع صاروخياً بفضل الإصلاحات التي أجراها.إلى جانب رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي ينتمي أيضاً إلى حزب الشعب الجمهوري، وميرال أكسينار التي انشقت عن الحزب الوطني.
إن الثابت الوحيد في تركيا، هو أنه بعد نهاية عهد أردوغان، سيحصل ذلك بأسرع مما يظن البعض. فلا ديكتاتوراً يستيقظ ليفكر أن اليوم سيكون آخر أيامه.
وفي الوقت الذي يسهل فيه على الولايات المتحدة والأوروبيين تجاهل المعارضة السياسية والتركيز على أردوغان ودائرته الضيقة، فإن من الضروري تطوير علاقات مع الذين يسعون إلى خلافته.