تراجع الاغنية اللبنانية يرجع إلى عدم التزام صنّاعها المحترفين فنياً

نزار فرنسيس: الساحة تحتاج دائماً إلى دم جديد ووجوه جديدة، غناءً ولحناً وشعراً

نزار فرنسيس: الساحة تحتاج دائماً إلى دم جديد ووجوه جديدة، غناءً ولحناً وشعراً

يرى الشاعر اللبناني نزار فرنسيس أنه لم تعد هناك ضوابط وقوانين على الساحة الفنية، وصار بإمكان أي كان أن يفتح الباب ويَدخلها كمغنٍّ من دون أن يستأذن أحداً، ما تسبب بتردي مستوى الأغنية اللبنانية.
كذلك يشير فرنسيس إلى أن النجوم في المرحلة الحالية يكتفون بأغنيات من (حواضر البيت)، موضحاً أن الفنان إذا لم يضمن عقود حفلات لـ6 أشهر مقبلة تعود عليه بـ200 ألف دولار أو 300 ألف، فلن يدفع 10 آلاف دولار ثمن أغنية.


• إلى ماذا تعزو التراجع في مستوى الأغنية اللبنانية؟
- إلى عدم التزام صنّاعها المحترفين فنياً. اللبنانيون منشغلون بمشاكلهم المختلفة، وتردي الأوضاع على المستويات كافة انعكس سلباً على صنّاع الأغنية الحقيقيين الذين ركزوا اهتمامهم على الأمور التي توجعهم أكثر. وكما يقول المثل (غاب القط العب يا فار)، وتُركت الساحة مستباحة للهواة، الذين قد ينجح معهم عمل من بين 10 أعمال. من الطبيعي جداً أن تكون هناك أعمال رديئة وانهيار فني وتدنٍّ في مستوى الأغنية، لعدم وجود تركيز من الفنانين المحترفين على العمل الفني.

• ولكن بعض الفنانين المحترفين، وإن بنسب متفاوتة، لم يتوقفوا عن طرح أعمال أو حتى ألبومات جديدة طوال الفترة السابقة؟
- لكن العدد قليل جداً، وهو لا يُعدّ إنتاجاً طبيعياً مقارنة مع الظروف الطبيعية، بل من (حواضر البيت).

• ولكن تَراجُع مستوى الأغنية اللبنانية يعود إلى ما قبل الأزمات التي أشرتَ إليها؟
- كانت توجد نسبة أعلى من الأعمال الجيدة.

• هل يمكن أن تسمي بعضها؟
- نعيش عصر الإنترنت و(السوشيال ميديا) وليس عصر التلفزيون. اليوم بإمكان أي شخص أن يقفل الباب على نفسه في أي مكان بمنزله، وأن يغني تحت (الدوش) وبمجرد أن يسمع صدى صوته يظنّ أنه جميل، فيقوم بتسجيل أغنية ويطرحها في السوق ثم يسأل الناس عن رأيهم بها. لم تعد هناك ضوابط وقوانين، وصار بإمكان أي كان أن يفتح الباب ويدخل إلى الساحة كمغنٍّ من دون استئذان، ثم يستشير آراء الناس على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعماله.

• وهل هذا الأمر يشمل الفنانين المخضرمين؟
- هم يحاولون عدم ترْك فراغ وتَجاوُز هذه المرحلة بالموجود لديهم ولا يشتغلون بشكل جدي على الأغنية التي يُعتمد عليها في تأمين الحفلات والمهرجانات والتي تثبت نجوميتهم.

• هل يحق للفنان المخضرم أن يطرح أغنية من (حواضر البيت)، وما تعريفك لهذه الأغنية؟
- في هذه المرحلة أمام الفنان خياران، إما أن يغيب عن الساحة بسبب الظروف وإما أن يظل على تواصل بطريقةٍ ما مع الناس الذين يحبونه. بمعنى هو يعتبر أنه ليس ضرورياً أن يتكلّف على الأغنية بما أنه لا توجد حفلات أو مهرجانات.

• وماذا عن احترامه لاسمه وتاريخه؟
- هو لا يبحث عن النجاح، بل يريد تمرير المرحلة ريثما تنجلي الأمور.

• هل ترى أن الساحة الفنية في لبنان بحاجة إلى أسماء جديدة من النجوم؟
- طريقة العمل اختلفت، وحتى المفهوم اختلف. الساحة تحتاج دائماً إلى دم جديد ووجوه جديدة، غناءً ولحناً وشعراً. صنّاع الأغنية لم يتغيّروا وهم أنفسهم جيلاً بعد آخَر، ونحن بحاجة إلى فرصة لتحريك العجلة، والعجلة تتحرك بشكل خاطئ من خلال هواةٍ، الفنّ ليس مهنتهم.

• هل تقصد أن الوضع مستمر على ما هو منذ 30 عاماً وحتى اليوم لأن نجوم الصف الأول هم أنفسهم؟
- لم نعد في عصر النجوم. آخِر النجوم الذين ظهروا في العالم العربي هو محمد عساف، ومن بعده هناك أشخاص يغنّون، وكل أغنية لها تاريخ صلاحية معين. الفنان يجد نفسه مجبراً على طرح أغنية جديدة كل 4 أو 6 أشهر كي يظل حاضراً وإلا فإنه يختفي. مفهوم الإعلام والإعلان تغيّر، ولم يعد هناك تلفزيون واحد وسيمون أسمر يفرض علينا النجم الذي يريده، وساحة محدودة تتسع لـ4 أو 5 أسماء فقط، بل هناك ساحة تتسع لـ4 آلاف اسم وكلهم يغنون. لم يعد هناك نجم صف أول ونجم صف ثانٍ، بل مغنٍّ لديه أغنية جميلة.

• بعض الأسماء الجديدة تتّهم النجوم الحاليين بمحاربتها؟
- كلا، بل هم يحرصون على الحفاظ على أنفسهم، ويحاربون كي يظلوا موجودين. الغيرة في هذه المسألة تفيد الفنان، وهي صفة من صفات النجم الحقيقي، وأنا مع النجم الذي يغار على نفسه حتى من مرآته، لأنه تعب كي يبني مملكته ومن حقه أن يدافع عنها ويحافظ عليها.

• وما دور الشعراء في تَراجُع الأغنية، وهل هناك نقص في الشعراء الموهوبين؟
- بل هم موجودون، ولكن يفترض بالشاعر أن يحافظ على المجتمع الذي ينتمي إليه. هناك مَن يعتبر نفسه شاعراً غنائياً وهو في الواقع (يصفّ كلاماً بلا طعمة) ولذلك كثُرت الأعمال التافهة. لا يوجد صنّاع أغنية والمطبخ الفني مفقود، والأغنية تبدأ من الكلمة ثم تُلبَّس اللحن الذي يليق بها ويغنيها المطرب. وللأسف، يمكن لأي شاعر أن يكتب 3 جمل ويهديها للمطرب، فيقبل بها ويغنيها لأنه لم يدفع ثمنها، وهذا يُعتبر أيضاً من (حواضر البيت).

• هل هذا يعني أن الشاعر يستغلّ شهرة المطرب الذي يقبل بهذا الاستغلال كي يوفّر المال؟
- طبعاً.

• هل تتهم المطربين بالبخل رغم ثرواتهم الطائلة؟
- ليس كلهم، والبخل طبيعة في الإنسان، وإذا لم يضمن الفنان عقود حفلات لـ6 أشهر مقبلة تعود عليه بـ200 ألف دولار أو 300 ألف، فلن يدفع 10 آلاف دولار ثمن أغنية.

• مَن هم الشعراء الجيدون في لبنان؟
- لا أريد التصنيف. ولا مشكلة عندي مع مَن يكتب، بل مشكلتي مع الأغنية وهل هي راقية أم دون المستوى. و80 في المئة من الأغنيات دون المستوى، وهذا الأمر موجود دائماً.

• هل توافق أننا في زمن الأغنية العراقية؟
- لا شك في أن الفن موضة، ولكنني خبير بالأغنية اللبنانية.

• برأيك لماذا نجحت الأغنية الخليجية من حيث الكلمة بالمحافظة على مستواها؟
- هم لديهم مستوى من الوجع والصدق، ونحن لسنا مثلهم، لأن طبيعة حياتهم تختلف عن طبيعة حياتنا. نحن العرب مختلفون لأننا ننتمي إلى 5 حضارات غير متشابهة وهي حضارة بلاد الشام التي ننتمي إليها، وحضارة بلاد ما بين النهرين، وحضارة الجزيرة العربية، وحضارة أرض الكنانة، وحضارة المغرب العربي.

• ما الأثَرُ السلبي الذي تَرَكَهُ عليك غياب الفنان ملحم بركات؟
- أنا فرحتُ لموته، لأن مَن لم يكن يعرف قيمته في حياته عرفها بعد موته. الفراغ الذي تَرَكَه ملحم بركات جَعَلَهُ حتى أكبر مما كان عليه في حياته. هو لم يكن مقدَّراً في حياته، لأن الشعب يحب هزّ الخصر والأغنيات التافهة. لكن مدرسته موجودة وهي لا تشبه أي مدرسة أخرى، ولم يتمكن أحد من ملئها، على عكس كل المدارس الأخرى. وأنا كشاعر لا يهمني أن تصل أغنيتي مع أي فنان غيره لأنني اكتفيت به وقدّمت معه كل ما أريد أن أقدّمه،
 وقلت عند وفاته إنه كلما غنى فنان سأتذكر ملحم بركات ولن تكون المقارنة في مصلحته.

• وهذا يعني أنك لا تهتم للتعامل مع الأسماء الموجودة حالياً؟
- هي تنتمي إلى سرب آخر مختلف عن السرب الذي كان يجمعني بملحم بركات.

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot