رئيس الدولة ورئيس بيلاروسيا يبحثان علاقات البلدين وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية
ستون عامًا قبل معركة ترامب وبايدن
نيكسون- كينيدي: مناظرة من أجل التاريخ...!
في 26 سبتمبر 1960، مواجهة بين نائب الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون ومنافسه الديمقراطي جون كينيدي على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون. للمرة الأولى في الولايات المتحدة... ونقطة تحول في الحملة الانتخابية.
«مهرج”، “كاذب”، “متى ستصمت؟”... المناظرة الأولى بين دونالد ترامب وجو بايدن، في 29 سبتمبر، تحولت إلى صراع هابط، الى حدّ اعلان لجنة المناظرات الرئاسية أنه سيتم اتخاذ إجراءات في المواجهات القادمة، منها استخدام أحد مسيري الحوار على وجه الخصوص زرّا يسمح بكتم صوت ميكروفون المرشح الذي ينحرف عن المسار. الا انه تم تعليق المناظرتين التاليتين جراء الحالة الصحية للرئيس الأمريكي، الذي تم اختباره إيجابيا لـ كوفيد-19 وتم نقله إلى المستشفى ...
قبل ستين عامًا من ترامب وبايدن، ولأول مرة، اشتبك اثنان من مرشحي البيت الأبيض على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون. الجمهوري ريتشارد نيكسون، وهو المرشح الاوفر حظا في استطلاعات الرأي، في مواجهة الديموقراطي جون فيتزجيرالد كينيدي. ثلاثون دقيقة كانت كافية ليدخل ذاك العرض التاريخ.
«لقد اشفقت على والدة نيكسون كثيرا!”، قالت روز كينيدي مازحة. فبعد المناظرة المتلفزة بين ابنها وريتشارد نيكسون، لم تمتنع والدة جون فيتزجيرالد كينيدي عن السخرية من الأداء السيئ لنائب الرئيس. والحق يقال، كان نيكسون خارج اللعبة طيلة الساعة التي استمرتها تلك المباراة اللفظية. هل كان نيكسون واثقا جدا؟ صحيح، معظم استطلاعات الرأي توقعت فوزه.
لأول مرة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يتواجه مرشحان على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون، في 26 سبتمبر 1960. تم اختيار الجمهوري ريتشارد نيكسون دون الكثير من العقبات من قبل الحزب الكبير القديم، ومن هو أكثر شرعية من نائب الرئيس ليخلف الرجل الاول؟ وكان دوايت أيزنهاور يود إعادة انتخابه لولاية ثالثة، لكن الدستور الجديد منعه من القيام بذلك.
طيلة شهرين، كان “تريكي ديك” “ريتشارد الماكر”، كما أطلق عليه البعض منذ فوزه في مجلس الشيوخ عام 1950، يجوب البلاد بوتيرة مرهقة، إلى حد إصابة ركبته في باب سيارته الليموزين في نهاية شهر أغسطس، كما نعلم من قراءة كتاب “كينيدي -نيكسون، أفضل الأعداء”، بقلم جورج عياش (بيرين). والنتيجة: أكثر من عشرة أيام في المستشفى لعلاج التعفن، وانقطاع حملة الجمهوري البالغ من العمر 47 عامًا.
في المقابل، تخلص كينيدي -ليس دون صعوبة -من خصومه الديمقراطيين السبعة.
دخل التلفزيون 90 %
من البيوت الأمريكية
قبل ساعات من المناظرة، تدرب السيناتور عن ولاية ماساتشوستس مع مجموعة من المستشارين في غرفته بالفندق في شيكاغو. وعندما ذهب مساعده المسؤول عن كتابة الخطب للبحث عنه، وجده نائمًا على كومة من بطاقات الفهرسة.
جون كنيدي، 43 عامًا، كان مقتنعا بأن الشكل والمظهر سيحسبان على الأقل بقدر المضمون والجوهر. أليس هو المرشح الأول الذي يظهر مع زوجته وأطفاله في اعلان انتخابي؟ بما يكفي للتقليل من صورته الشبابية وسمعته كزير نساء. ومع 90 بالمائة من الأسر الأمريكية تملك ساعتها شاشة صغيرة، فإن الرهان كبير.
الاثنين 26، 8 مساءً يبدأ العرض بعد ثلاثين دقيقة. يتنقل 250 صحفيًا من التلفزيون والراديو والمكتوب، في ممرات استوديو سي بي اس. وراء الكواليس، تراقب هيئة أركان القناة بشكل دقيق وصول المرشحين الى المسرح. جلس كينيدي ونيكسون على كرسيين صغيرين على جانبي المقدم. على يسار الشاشة، الأول، أرجل متقاطعة وزي غامق، وعلى اليمين، يحرك الثاني يديه بعصبية على مساند الذراعين.
كينيدي: فريق خاص للماكياج
على مستوى الصورة فقط، كان التباين مذهلاً. كينيدي مكتسبا سمرة - عاد لتوه من أيام استجمام في الريف واسترخاء في كاليفورنيا -وبدا أنه مصمم. نيكسون، الذي فقد عشرة أرطال في الأشهر الأخيرة، شاحب ومتوتر. وبما أنه سمع أن سيناتور ماساتشوستس قد رفض الماكياج الذي قدمه الإنتاج، فقد رفض ذلك أيضًا ... ولعله يجهل أن كينيدي يعتمد قبل كل شيء على فريقه الخاص من فناني الماكياج.
كما أنه لم يكن حذرا بدرجة كافية من المعسكر الديمقراطي، الذي رفض تخفيضا كثيرًا لمكيفات الهواء. وأثناء حديثه، بدأت قطرات صغيرة من العرق تتساقط، ويضغط مستشاروه -عبثًا –من اجل إيقاف المخرجين بث صور بطلهم عندما يتحدث كينيدي.
وطيلة ساعة، ينهض المرشحان ويقتربان من المِقْرَأ للإجابة على أسئلة الصحفيين الأربعة. وتعلقت هذه الاخيرة بشكل رئيسي بالسياسة الداخلية. في ذلك العام، تكاثرت المظاهرات المناهضة للفصل العنصري في جميع أنحاء الولايات المتحدة، كما تصاعد التوتر مع كوبا، الواقعة تحت هيمنة الاتحاد السوفياتي الذي يقول إنه مستعد للدفاع عن الجزيرة ضد “القوات العدوانية لواشنطن”.
لكن لا يوجد موضوع مثير للجدل. وتحدث المعلقون “كثيرا عن الرموش، والبؤبؤ، ونبرة الصوت، والشعر، والجلد”، تسلّى صحفي لو فيغارو حينها في تقريره.
66.4 مليون مشاهد
اما في أروقة معاهد استطلاعات الراي، يشاع أن الذين استمعوا إلى المناظرة في الراديو “أقل بكثير من 66.4 مليون مشاهد على التلفزيون” كانوا الأغلبية الوحيدة التي أقنعها نيكسون. ولن يتغير الوضع في المواجهات الثلاث الأخرى التي تلتها.
سيحتفظ نيكسون بذكريات ذاك المساء الى درجة أنه سيرفض المواجهة مع خصمه الجديد، هوبرت همفري، بعد ثماني سنوات. قد يقول البعض أن التاريخ أثبت صحته منذ انتخابه للبيت الأبيض في 5 نوفمبر 1968. ولم تتمكن والدته، التي اشفقت روز كينيدي عليها قبل ثماني سنوات، من الحضور: توفيت قبل ثلاثة عشر شهرًا.
عن لوباريسيان
«مهرج”، “كاذب”، “متى ستصمت؟”... المناظرة الأولى بين دونالد ترامب وجو بايدن، في 29 سبتمبر، تحولت إلى صراع هابط، الى حدّ اعلان لجنة المناظرات الرئاسية أنه سيتم اتخاذ إجراءات في المواجهات القادمة، منها استخدام أحد مسيري الحوار على وجه الخصوص زرّا يسمح بكتم صوت ميكروفون المرشح الذي ينحرف عن المسار. الا انه تم تعليق المناظرتين التاليتين جراء الحالة الصحية للرئيس الأمريكي، الذي تم اختباره إيجابيا لـ كوفيد-19 وتم نقله إلى المستشفى ...
قبل ستين عامًا من ترامب وبايدن، ولأول مرة، اشتبك اثنان من مرشحي البيت الأبيض على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون. الجمهوري ريتشارد نيكسون، وهو المرشح الاوفر حظا في استطلاعات الرأي، في مواجهة الديموقراطي جون فيتزجيرالد كينيدي. ثلاثون دقيقة كانت كافية ليدخل ذاك العرض التاريخ.
«لقد اشفقت على والدة نيكسون كثيرا!”، قالت روز كينيدي مازحة. فبعد المناظرة المتلفزة بين ابنها وريتشارد نيكسون، لم تمتنع والدة جون فيتزجيرالد كينيدي عن السخرية من الأداء السيئ لنائب الرئيس. والحق يقال، كان نيكسون خارج اللعبة طيلة الساعة التي استمرتها تلك المباراة اللفظية. هل كان نيكسون واثقا جدا؟ صحيح، معظم استطلاعات الرأي توقعت فوزه.
لأول مرة في تاريخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يتواجه مرشحان على الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون، في 26 سبتمبر 1960. تم اختيار الجمهوري ريتشارد نيكسون دون الكثير من العقبات من قبل الحزب الكبير القديم، ومن هو أكثر شرعية من نائب الرئيس ليخلف الرجل الاول؟ وكان دوايت أيزنهاور يود إعادة انتخابه لولاية ثالثة، لكن الدستور الجديد منعه من القيام بذلك.
طيلة شهرين، كان “تريكي ديك” “ريتشارد الماكر”، كما أطلق عليه البعض منذ فوزه في مجلس الشيوخ عام 1950، يجوب البلاد بوتيرة مرهقة، إلى حد إصابة ركبته في باب سيارته الليموزين في نهاية شهر أغسطس، كما نعلم من قراءة كتاب “كينيدي -نيكسون، أفضل الأعداء”، بقلم جورج عياش (بيرين). والنتيجة: أكثر من عشرة أيام في المستشفى لعلاج التعفن، وانقطاع حملة الجمهوري البالغ من العمر 47 عامًا.
في المقابل، تخلص كينيدي -ليس دون صعوبة -من خصومه الديمقراطيين السبعة.
دخل التلفزيون 90 %
من البيوت الأمريكية
قبل ساعات من المناظرة، تدرب السيناتور عن ولاية ماساتشوستس مع مجموعة من المستشارين في غرفته بالفندق في شيكاغو. وعندما ذهب مساعده المسؤول عن كتابة الخطب للبحث عنه، وجده نائمًا على كومة من بطاقات الفهرسة.
جون كنيدي، 43 عامًا، كان مقتنعا بأن الشكل والمظهر سيحسبان على الأقل بقدر المضمون والجوهر. أليس هو المرشح الأول الذي يظهر مع زوجته وأطفاله في اعلان انتخابي؟ بما يكفي للتقليل من صورته الشبابية وسمعته كزير نساء. ومع 90 بالمائة من الأسر الأمريكية تملك ساعتها شاشة صغيرة، فإن الرهان كبير.
الاثنين 26، 8 مساءً يبدأ العرض بعد ثلاثين دقيقة. يتنقل 250 صحفيًا من التلفزيون والراديو والمكتوب، في ممرات استوديو سي بي اس. وراء الكواليس، تراقب هيئة أركان القناة بشكل دقيق وصول المرشحين الى المسرح. جلس كينيدي ونيكسون على كرسيين صغيرين على جانبي المقدم. على يسار الشاشة، الأول، أرجل متقاطعة وزي غامق، وعلى اليمين، يحرك الثاني يديه بعصبية على مساند الذراعين.
كينيدي: فريق خاص للماكياج
على مستوى الصورة فقط، كان التباين مذهلاً. كينيدي مكتسبا سمرة - عاد لتوه من أيام استجمام في الريف واسترخاء في كاليفورنيا -وبدا أنه مصمم. نيكسون، الذي فقد عشرة أرطال في الأشهر الأخيرة، شاحب ومتوتر. وبما أنه سمع أن سيناتور ماساتشوستس قد رفض الماكياج الذي قدمه الإنتاج، فقد رفض ذلك أيضًا ... ولعله يجهل أن كينيدي يعتمد قبل كل شيء على فريقه الخاص من فناني الماكياج.
كما أنه لم يكن حذرا بدرجة كافية من المعسكر الديمقراطي، الذي رفض تخفيضا كثيرًا لمكيفات الهواء. وأثناء حديثه، بدأت قطرات صغيرة من العرق تتساقط، ويضغط مستشاروه -عبثًا –من اجل إيقاف المخرجين بث صور بطلهم عندما يتحدث كينيدي.
وطيلة ساعة، ينهض المرشحان ويقتربان من المِقْرَأ للإجابة على أسئلة الصحفيين الأربعة. وتعلقت هذه الاخيرة بشكل رئيسي بالسياسة الداخلية. في ذلك العام، تكاثرت المظاهرات المناهضة للفصل العنصري في جميع أنحاء الولايات المتحدة، كما تصاعد التوتر مع كوبا، الواقعة تحت هيمنة الاتحاد السوفياتي الذي يقول إنه مستعد للدفاع عن الجزيرة ضد “القوات العدوانية لواشنطن”.
لكن لا يوجد موضوع مثير للجدل. وتحدث المعلقون “كثيرا عن الرموش، والبؤبؤ، ونبرة الصوت، والشعر، والجلد”، تسلّى صحفي لو فيغارو حينها في تقريره.
66.4 مليون مشاهد
اما في أروقة معاهد استطلاعات الراي، يشاع أن الذين استمعوا إلى المناظرة في الراديو “أقل بكثير من 66.4 مليون مشاهد على التلفزيون” كانوا الأغلبية الوحيدة التي أقنعها نيكسون. ولن يتغير الوضع في المواجهات الثلاث الأخرى التي تلتها.
سيحتفظ نيكسون بذكريات ذاك المساء الى درجة أنه سيرفض المواجهة مع خصمه الجديد، هوبرت همفري، بعد ثماني سنوات. قد يقول البعض أن التاريخ أثبت صحته منذ انتخابه للبيت الأبيض في 5 نوفمبر 1968. ولم تتمكن والدته، التي اشفقت روز كينيدي عليها قبل ثماني سنوات، من الحضور: توفيت قبل ثلاثة عشر شهرًا.
عن لوباريسيان
