لجنة تأمين الفعاليات في دبي تعلن جاهزيتها لاحتفالات رأس السنة الميلادية 2026
هؤلاء هم الرابحون والخاسرون في حرب أوكرانيا؟
اعتبر ريتشارد هاس، رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، أن قرار الكرملين بغزو أوكرانيا أشعل حربين: حربًا روسيةً ضد مدن أوكرانيا والسكان المدنيين، وحرباً خاضتها القوات المسلحة الأوكرانية ضد القوات الروسية.
الخاسرون أكثر بكثير من الفائزين. إذ تبدو الأمم المتحدة، وخاصة مجلس الأمن، عاجزة عن العمل. لقد أضرت الحرب بالجهود العالمية لإبطاء
انتشار الأسلحة النووية
وكتب هاس، في مقال لموقع "بروجيكيت سينديكت"، أن روسيا تنتصر في الحرب الأولى، في حين تنتصر أوكرانيا في الثانية، بينما يبقى التعاون الدولي الخاسر الوحيد في كل مكان.
وذكر هاس أنه من الناحية المثالية، ستؤدي المفاوضات إلى وقف إطلاق النار وتسوية دائمة، غير أنه من المرجح بالقدر ذاته، إن لم يكن أكثر، أن يستمر الصراع لبعض الوقت، خاصة إذا قرر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تبني استراتيجية تقلّل من تعرض قواته للقتال، ورفَض تنفيذ نتيجة المفاوضات بالشروط التي قد تقبلها الحكومة الأوكرانية، وبالتالي، ستكون النتيجة "حرباً محدودة، بلا سلام"، على حد تعبير قائد الثورة الروسية ليون تروتسكي.
موسكو.. الخاسر الأكبر
ورأى هاس أن موسكو هي الخاسر الأكبر: فبوتين لن يكون قادرًا على تحقيق الأهداف السياسية التي سعى إليها على الأرجح، وهي الزحف نحو كييف واستبدال حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بحكومة موالية للكرملين.
ورجّح هاس أن تكون حرب بوتين المختارة قد دمّرت الكثير من أوكرانيا مادياً، لكن العقوبات غير المسبوقة والعزلة الاقتصادية التي أحدثها قراره تدمر روسيا اقتصادياً. بالإضافة إلى ذلك، غادر العديد من الروس الموهوبين البلاد، وتلقى الجيش الروسي الخسائر دفعة واحدة؛ إذ فقد ما يصل إلى 15 ألف جندي في شهر واحد، وظهر كقوة هشة، وهو ما سيستغرق سنوات لإعادة بنائه.
وشدد هاس على أن الحسابات أكثر تعقيداً عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا؛ إذ اعتبر أن صمود القيادة الأوكرانية ومجتمعها وقواتها المسلحة يُعد "أعجوبة"، وباتت الهوية الوطنية أقوى من أي وقت مضى؛ وقد عزّزت المقاومة القوية لأوكرانيا ديمقراطيتها الفتية، لكنّه في الوقت نفسه، أوضح أن هذا التعزيز كان له تكلفة باهظة؛ إذ يقدر أن 10 ملايين أوكراني (ربع السكان) مشردون داخلياً أو لاجئون، بالإضافة إلى دمار الاقتصاد الذي ستستغرق إعادة بنائه الكثير من الوقت والمال.
رابحون.. ولكن
أوضح هاس أن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، على الرغم من عدم اختباره عسكرياً، يعتبر فائزاً كبيراً حتى الآن، إذ بات أكثر اتحاداً أمام العدوان الروسي، كما أنه يستفيد من الأداء الضعيف للقوات المسلحة الروسية، التي لا تضاهي الحلف الغربي. وبالنسبة لهاس، تعتبر ألمانيا وحكومتها الجديدة ومستشارها أولاف شولتس من الفائزين الكبار. ويمثل قرار شولتس بإلغاء خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" (Nord Stream 2)، والتعهّد بمضاعفة الإنفاق الدفاعي، والاستعداد لنقل الأسلحة إلى أوكرانيا، تغييراً كبيراً ومهماً في سياسة ألمانيا التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة الروسية.
لكن هاس اعتبر أن خيبة الأمل الوحيدة هي أن الاقتصاد الألماني سيستغرق سنوات لفصل نفسه عن الغاز الروسي، وهو واقع يوفر ثقلاً مهماً للاقتصاد الروسي. ورأى هاس أن الرئيس الأمريكي جو بايدن هو أحد الرابحين، معتبراً أنه أدار بمهارة سياسة دعم أوكرانيا، ومعاقبة روسيا، ورفض الدعوات للتدخل المباشر في الحرب، أو إنشاء منطقة حظر طيران، وقد فعل ذلك دون المخاطرة بإشعال حرب عالمية ثالثة. وأضاف أن بايدن جمع حلفاء أمريكا معًا، وهو أمر تشتد الحاجة إليه بعد سنوات من ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب والانسحاب الأمريكي المهين من أفغانستان. ولكن هاس اعتبر أن إحدى زلاته الرئيسة هي وصفه بوتين بـ"مجرم حرب"، والتلميح إلى تغيير النظام، بينما يجب أن يكون هدف السياسة الأمريكية هو حمل بوتين على وقف الحرب، وتجنب أي تصعيد من أي نوع.
الصين ووضع استراتيجي سيئ
بالنسبة للصين ورئيسها شي جينبينغ، اعتبر هاس أنهما في وضع إستراتيجي أسوأ مما كانا عليه قبل شهر واحد فقط. فمن خلال الارتباط الوثيق مع بوتين، عرّض الرئيس الصيني نفسه للنقد بسبب الحكم المعيب الذي يضرّ بسمعة الصين، ويزيد من مخاطر استهدافها بعقوبات ثانوية.
وأوضح هاس أنه وبينما سعت الصين منذ فترة طويلة إلى تقسيم الغرب، فإن تحالفها مع روسيا أدى إلى عكس ذلك، فقد أدى إلى نفور أوروبا الغربية، حيث كانت بكين تحقق نجاحات اقتصادية كبيرة. كما أنه سيؤدي إلى سياسة أمريكية أكثر صرامة تجاه الصين، ويسلط الضوء على التكاليف التي يمكن أن تواجهها إذا تحركت عسكرياً ضد تايوان.
المزيد من الخاسرين
وشرح هاس أن الخاسرين أكثر بكثير من الفائزين. إذ تبدو الأمم المتحدة، وخاصة مجلس الأمن، عاجزة عن العمل. لقد أضرت الحرب بالجهود العالمية لإبطاء انتشار الأسلحة النووية، وكانت أوكرانيا قد تخلت عن مخزونها منذ 28 عامًا في مقابل ضمان سلامتها الإقليمية، إلا أنها تعرضت للغزو مرتين منذ عام 2014. كما كانت الأزمة سيئة أيضاً بالنسبة للجهود المبذولة لمكافحة تغير المناخ، والتي يبدو أنها تراجعت مؤقتاً على الأقل لصالح تدابير لتعزيز أمن الطاقة.
وقال إن الحرب على أوكرانيا هي أزمة سيئة بالنسبة لأولئك الذين كانوا يجادلون بأن غزو الأراضي والحروب بين البلدان شيء من الماضي، أو أولئك الذين جادلوا في السنوات الأخيرة بأن العالم في أفضل أحواله. وأضاف أن الأحداث تقف أيضاً ضد حجج أولئك الموجودين في اليسار واليمين على حد سواء، والذين يجادلون بأن الخطر الأكبر على الأمن الدولي هو تدخل الولايات المتحدة المفرط، وأنها يمكن أن تتحول إلى الاهتمام بالداخل بأمان.
تداعيات على النظام العالمي
واعتبر هاس أن المسألة المهمة ايضًا تكمن في تداعيات هذا الصراع على النظام العالمي، إذ انتهك الغزو الروسي المبدأ الأساسي للاستقرار الموجود في العالم، والذي ينصّ على ألَا يتمّ تغيير الحدود بالتهديد، أو باستخدام القوة.
وختم أن الكثير من الأمور تتوقف على ما إذا كان بوتين سيفلت من مقامرته، أو ما إذا كان الثمن الذي سيُجبر على دفعه، يفوق أي مكاسب، معتبراً أن هذا الموقف سيحدد، أكثر من أي شيء آخر، الحكم النهائي للتاريخ فيما يتعلق بمن ربح ومن خسر في حرب بوتين.