رئيس الدولة يتلقى رسالة خطية من أمير الكويت تسلمها منصور بن زايد خلال استقباله السفير الكويتي
سيشكّل حدثًا تاريخيًا في كلتا الحالتين
هاريس أم ترامب؟.. طريق معقّد إلى البيت الأبيض
ثمة اتفاق بين رموز السياسة الأمريكية على أن وصول أي من مرشحي الانتخابات الرئاسية الحالية في الولايات المتحدة سيشكّل حدثًا تاريخيًا في كلتا الحالتين.
ففي حالة وصول الرئيس السابق، المرشح الجمهوري دونالد ترامب، سيكون الرئيس السابق الثاني في تاريخ الولايات المتحدة الذي ينجح في العودة إلى البيت الأبيض لفترتين غير متتاليتين، إذ نجح في ذلك رئيس واحد من بين خمسة رؤساء أمريكيين حاولوا العودة إلى البيت الأبيض بعد خسارة انتخابات رئاسية، وهو الرئيس غروفر كليفلاند الذي أُعيد انتخابه لولاية ثانية عام 1893.
أهداف ترامب
ترامب، الذي يحرص دائمًا على تقديم نفسه كرجل الأعمال الناجح القادم من خارج واشنطن، في إشارة إلى الطبقة السياسية التقليدية التي تدير الشأن العام في العاصمة الأمريكية، يسعى لتحقيق عدة أهداف من خلال محاولة العودة إلى البيت الأبيض: أول تلك الأهداف هو التأكيد على أنه لم يخسر انتخابات عام 2020 أمام جو بايدن، وإنما كانت تلك الخسارة بفعل عمليات تزوير، كما يقول، ويحاول إقناع أنصاره بذلك رغم فشله في جميع المحاولات القضائية لإثباته.
إضافة إلى ذلك، يحرص ترامب على التأكيد أنه الرجل الذي يستطيع أن يفعل ما يعجز عنه الآخرون، من خلال العودة إلى البيت الأبيض مرة أخرى، ولو لولاية واحدة كما تقر بذلك تقاليد الرئاسة الأمريكية، فهو الرئيس السابق الذي لا يفشل في تحقيق رغباته، ويؤكد أنه قادر على كسب جميع التحديات التي يخوضها.لكن قبل الوصول إلى تلك الغاية، لا يزال أمام ترامب العديد من التحديات التي يواجهها في هذا الطريق، أولها إقناع الناخبين الأمريكيين بأنه قادر على تقديم الجديد بعد ما أظهره من أداء يوصف بالمرتبك خلال ولايته السابقة.
ويقول ترامب إنه يملك استراتيجية للفوز بالمكتب البيضاوي مرة أخرى، وذلك من خلال اعتماد استراتيجية انتخابية تُظهر فشل الإدارة الحالية في تلبية رغبات الأمريكيين الاقتصادية والأمنية.
ويتقدم ترامب للأمريكيين بخطاب نقدي لاذع حول أداء الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس، محمّلاً إياهما مسؤولية التضخم العالي في البلاد حاليًا، وعجز الأمريكيين عن الاقتراض، مما يعوق قدرتهم على شراء المنازل والسيارات الجديدة، وحاجة ملايين الأميركيين للعمل في أكثر من وظيفة لتأمين أساسيات حياتهم اليومية.
ويضيف ترامب إلى هذا الخوف الاقتصادي المخاوف الأمنية الداخلية والخارجية، حيث يقدم المهاجرين غير القانونيين العابرين للحدود على أنهم مصدر تهديد مباشر للوظائف التي يشغلها الأمريكيون من أصول أفريقية ولاتينية، مما يخلق حالة رفض تجاه هؤلاء المهاجرين بين هذه الأقليات، كما يلقي باللائمة على هؤلاء المهاجرين في التسبب بالاختلالات الأمنية في عدد من المدن الحدودية مع المكسيك.
وعلى الصعيد الخارجي، يحاول ترامب إقناع الأمريكيين بأن الإدارة الحالية تسببت في إطلاق حروب جديدة لم تكن موجودة خلال رئاسته السابقة، مثل الحرب في قطاع غزة منذ ما يقارب العام ولبنان حاليًا، متهمًا إيران بالمسؤولية الكاملة عن هذه التطورات. ويؤكد أن سياسات إدارة بايدن المتساهلة مع طهران هي التي أوصلت إلى هذا المستوى من العنف، ويرى ترامب أن التصعيد القائم من شأنه أن يؤدي إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط.
والأبعد من ذلك، أن ترامب يرافع بقوة عندما يتعلق الأمر بالحرب في أوكرانيا، ويقول للأمريكيين إنه لو كان رئيسًا لما اندلعت هذه الحرب أصلاً، وأن علاقته القوية بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين كانت ستمنع اندلاع حرب جديدة تهدد الأمن العالمي، ولذلك لا يتوقف ترامب عن التأكيد في كل مناسبة أن عدم انتخابه سيؤدي إلى نشوب حرب عالمية ثالثة.
ويقول استراتيجيو الحزب الديمقراطي، وحتى بعض الجمهوريين المعتدلين، إن خطاب التخويف نجح مع ترامب في انتخابات 2016، لكنه فشل في مناسبتين بعد ذلك، في انتخابات 2020 وفي انتخابات التجيد النصفي للكونغرس عام 2022 ورغم ذلك مازلا ترامب متمسكا بنفس الخطاب.
مشكلات متعددة
مشكلات ترامب لا تتوقف عند طبيعة ونوعية خطابه الانتخابي، بل تتعداها إلى خريطة الانتخابات والتركيبة العرقية للناخبين الأمريكيين، والموقف المعقد من المهاجرين، وموقفهم من سياساته المتعلقة بالهجرة ومعاملة القادمين إلى الولايات المتحدة الحالمين بحياة أفضل، كما يواجه تحديًا مع النساء، خصوصًا المؤيدات لحق الإجهاض من كلا الحزبين.
في المقابل، فإن طريق المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس لن يكون سهلاً أيضًا، وهي التي ترغب في الاستمرار في البيت الأبيض لأربع سنوات أخرى بحكم منصبها الحالي كنائبة الرئيس في الإدارة الحالية.
تحاول هاريس إقناع الأمريكيين بأنها وجه سياسي جديد، ليس ترامب ولا بايدن، مستندة إلى حقيقة أن أكثر من نصف الأميركيين لم يكونوا راغبين في إعادة سيناريو بايدن-ترامب في الانتخابات السابقة، مع إعلانهم أن بلادهم بحاجة إلى قيادة شابة بروح ودم جديدين، خاصة أن كلاً من ترامب وبايدن يتجاوزان الثمانين من العمر.
إضافة إلى ذلك، تقدم هاريس قصتها الشخصية كسليلة عائلة مهاجرة حديثا إلى الولايات المتحدة، ومتنوعة عرقيًا، على أنها نموذج حي للحلم الأميركي، الذي تقول إن ترامب وأنصاره يحاولون قتله من خلال سياساتهم الداخلية والخارجية.
أما على مستوى السياسات، فإن هاريس تعتمد السياسات التقليدية للحزب الديمقراطي، مثل دعم الطبقة الوسطى، وتقديم المزيد من الدعم الحكومي للمشاريع الاقتصادية الصغيرة، وتسهيل إجراءات الاقتراض للسكن والمبادرات الفردية، إضافة إلى تسهيل الحصول على برامج الرعاية الصحية، وتقديم التخفيضات الضريبية للمتزوجين حديثًا لحثهم على إنجاب الأطفال، وأيضًا دعم العائلات ذات الدخل المحدود.سياسيًا، تقدم هاريس نفسها على أنها المدافعة الأولى عن الفئات المحرومة وذوي الدخل المحدود، خاصة النساء، وبصورة خاصة فيما يتعلق بالدفاع عن حق الإجهاض، الذي يشكل حجر الزاوية في انتخابات هذا العام.
عقدة التاريخ
ورغم أن هذا الخطاب يبدو متناغمًا مع التوجهات العامة في هذه المرحلة، ويحقق أهدافه بين الناخبين، وفقًا لما تظهره استطلاعات الرأي الحالية، فإن هاريس تواجه عقدة التاريخ التي لا تصب في صالحها، فهي ثاني سيدة أمريكية تترشح للرئاسة بعد هيلاري كلينتون، وأول سيدة أمريكية من الأقليات تفعل ذلك.النتائج التي أفرزتها تجربة هيلاري السابقة تقلق الديمقراطيين، خاصة أن هاريس تخوض المنافسة أمام نفس المرشح الذي خسرت أمامه هيلاري انتخابات عام 2016.ولا يزال أمام هاريس وترامب 5 أسابيع للعمل على تجاوز العقبات التي يواجهها كلاهما في هذا السباق الرئاسي غير المسبوق في التاريخ الأمريكي، بالنظر إلى ما يحيط به من تحديات داخلية وخارجية.وسواء فازت هاريس أو ترامب برئاسة الولايات المتحدة، فإن واشنطن ستكون في مواجهة تحديات جديدة تتعلق بالحفاظ على قيم التعايش الأمريكي المهددة داخليًا، وقدرة الولايات المتحدة على المحافظة على دورها القيادي في العالم على المستوى الخارجي.