هديّة ميركل الوداعية لبوتين...صفعة على خدّ بايدن

هديّة ميركل الوداعية لبوتين...صفعة على خدّ بايدن


شرح الكاتب السياسي في صحيفة “دي فيلت” الألمانية روبين ألكسندر كيف نجحت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مراوغة الإدارة الأمريكية فانتزعت منها قبولاً بمشروع نورد ستريم 2، من دون أن تقدم في المقابل أي تنازل.
 وكتب في مقاله الذي ترجمه إلى الإنكليزية موقع وورلد كرانش أن عهد ميركل انتهى بهدية وداعية كانت المستشارة هي التي قدّمتها بدلاً من أن تتلقاها: هدية إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. لقد استفاد بوتين من التسوية التي عقدتها ميركل مع الرئيس الأمريكي جو بايدن حول مشروع نورد ستريم 2 الذي سينقل الغاز الروسي إلى ألمانيا والاتحاد الأوروبي عبر تخطي دول مثل بولونيا وأوكرانيا.

أكثر إثارة للإزعاج
انتقد السياسيون الأمريكيون من مختلف الانتماءات خط الأنابيب بشكل مستمر معتبرين إياه مشروعاً روسياً مراوغاً من شأنه أن يرسخ اعتماد أوروبا على موسكو في مجال الطاقة إضافة إلى تأمين مليارات الدولارات للكرملين وجعل أوكرانيا أكثر ضعفاً أمام الاعتداءات الروسية. يوضح ألكسندر أنه من غير المرجح أن تستفيد ميركل مالياً من اتصالاتها الجيدة مع الكرملين. فهذا لا يناسب أسلوبها أو طبعها. يأتي ذلك على عكس الساسة الأوروبيين وخصوصاً سلفها غيرهارد شرودر الذي حظي بعد نهاية ولايته بمناصب في مجالس إدارة لشركات روسية عاملة في مجال الطاقة. لكن هذا الواقع يجعل اتفاق نورد ستريم 2 الذي قد يكون آخر علامة بارزة لميركل على المسرح الدولي أكثر إثارة للإزعاج، بحسب الكاتب.

هكذا تفوقت على بايدن
لقد برهنت ميركل عن مهاراتها التفاوضية. استغلت المستشارة يأس الرئيس الأمريكي الجديد الذي يحتاج إلى ألمانيا من أجل تشكيل “تحالف الديموقراطيات” في مواجهة الصين. كان المراقبون على ضفتي المحيط الأطلسي يتساءلون على امتداد أشهر عن السبب الذي أخر ميركل إلى هذا الحد كي تتعامل مع بايدن. يجيب ألكسندر بأن ميركل أرادت على الأرجح بناء قوة تفاوضية.
الصين أكثر أهمية من روسيا بالنسبة إلى بايدن، وقد أصبح مشروع نورد ستريم 2 ورقة تفاوضية أقوى كلما مر الزمن. علاوة على ذلك، لم تقبل ميركل حتى ببند إغلاق خط الأنابيب الذي كان سيمكّن ألمانيا من إيقاف نقل الغاز فيما لو عمد الكرملين إلى ابتزاز دول أوروبا الوسطى والشرقية. وبحسب الكاتب، أشار بوتين نفسه منذ أشهر قليلة إلى أن هذا بالضبط ما يهدف إليه.

تسوية أم استسلام؟
تعرضت أوكرانيا للخداع حيث علِقت في مفاوضات تتعلق بمستقبلها بعدما مُنعت من أن يكون لها رأي فيه. والأمر نفسه حصل مع بولونيا والديموقراطيات في دول البلطيق التي تعرضت للخداع أيضاً، ومن المؤكد أنها ستظل تطرح هذه القضية داخل مؤسسات الاتحاد الأوروبي لفترة طويلة. وكان لافتاً للنظر أيضاً كيف وافقت واشنطن على إنهاء معارضتها للمشروع من دون أي منفعة واضحة في المقابل: لم تتعهد ميركل بزيادة انخراطها في حلف شمال الأطلسي ولم تقدم أي إيضاحات حول الصين. وأضاف ألكسندر: “التسوية بين بايدن وميركل ليست تسوية على الإطلاق، بل استسلاماً أمريكياً».

وضعت العصي في الدواليب
توقع الكاتب أن يؤدي هذا الأمر إلى مشكلة كبيرة لبايدن في الكونغرس الأمريكي، بما أن تلك القضية سمحت للديموقراطيين والجمهوريين بإيجاد أرضية مشتركة. بدأت ميركل ولايتها الأخيرة في منصبها وهي تخطط لمعارضة الرئيس السابق دونالد ترامب في محاولته لتقويض حكم القانون حول العالم، وقد كانت محقة بذلك وفقاً لألكسندر. لكن الآن هي تنهي ولايتها الأخيرة في المستشارية عبر وضع العصي في دواليب من سيخلفها في المنصب. وهي تقول في الأساس للمستشار المستقبلي إنه سيكون عليه تدبر الأمور بطريقته الخاصة.