لعبة القط والفأر مستمرة

هكذا تريد كوريا الشمالية الاستفادة من التوتر بين واشنطن وبكين

هكذا تريد كوريا الشمالية الاستفادة من التوتر بين واشنطن وبكين

-- انعــدام الأمن الغذائي وســوء التغذيـة منتشران على نطـاق واســع، و40 بالمائة من السـكان يعانون من ســوء التغذية
-- تجيد كوريا الشمالية فن لعب قوة عظمى ضد أخرى، كما فعلت منذ وقت ليس ببعيد بين الصين والاتحاد السوفياتي


مدركًا أهميته الاستراتيجية، ينفخ زعيم بيونغ يانغ بشدة الساخن والبارد مع العدو الأمريكي ... لتوطيد علاقته مع بكين بشكل أفضل.
تستمر لعبة القط والفأر بين الأمريكيين والكوريين الشماليين تحت أعين الصين المبتسمة. لقد كنست بيونغ يانغ الآمال في استئناف الحوار مع واشنطن في 22 يونيو. وأفادت وكالة الأنباء المركزية الرسمية أن الأمريكيين يخاطرون “بخيبة أمل” إذا كانوا يتوقعون استئنافًا سريعًا للمفاوضات بشأن برنامج الأسلحة النووية للنظام.

 وجاءت الرسالة ردا على عرض الاجتماع “في أي مكان وفي أي وقت وبدون شروط مسبقة”، الذي قدمه قبل يوم سونغ كيم، المبعوث الخاص لإدارة بايدن إلى كوريا الشمالية.
يصعب استيعاب الرفض حيث أعلنت وكالة الأنباء المركزية الكورية في نفس الوقت عن عقد ندوة في الصين مع كوريا الشمالية. احتفت هذه الاحتفالية الكبرى بـ “الصداقة” بين البلدين، والذكرى السنوية لزيارات الزعيم كيم جونغ أون للصين عام 2018 والرئيس شي جين بينغ إلى كوريا الشمالية عام 2019.

لكن الأمريكيين يأملون في إحراز تقدم في هذا الملف بعد النداء الذي أطلقه “كيم” في 18 يونيو لشعبه لإعداد نفسه “للحوار والمواجهة”، مع العمل من أجل “استقرار شبه الجزيرة الكورية”. ورد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان بالقول “إنها إشارة مثيرة للاهتمام”. وفي سيول، تحدث تشيونغ سيونغ تشانغ، مدير مركز دراسات كوريا الشمالية في معهد سيجونغ، عن “عبارات تصالحية».
هكذا عاد الأمل من جديد لاستئناف المحادثات النووية، التي وصلت إلى طريق مسدود منذ فشل قمة هانوي في فيتنام في فبراير 2019 بين كيم جونغ أون والرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب.

وضع «متوتر للغاية»
 في كوريا الشمالية
تأتي هذه الدعوة من الزعيم الكوري الشمالي في الوقت الذي تجد فيه البلاد نفسها في وضع كارثي.
 متأثرا بالعقوبات الصارمة التي فرضتها الأمم المتحدة -والتي فرضت ردًا على نيرانها الصاروخية -وبسبب جائحة كوفيد -19، يجد الاقتصاد الكوري الشمالي في حالة صحية سيئة.
عام 2020، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8 فاصل 5 بالمائة، وفقًا لـ “فيتش سوليوشنز”، وانهارت التجارة مع الصين، شريكها الرئيسي، بنسبة 81 بالمائة، بعد أن أغلقت بيونغ يانغ حدودها خوفًا من فيروس كورونا (الغائب رسميًا في البلاد).
إلى جانب ضعف الإنتاج الزراعي، بسبب الأعاصير والفيضانات عام 2020، يؤدي هذا التباطؤ إلى زيادة التضخم المتسارع. أبلغت منظمة ريمجينغ غانغ، التي تتخذ من اليابان مقراً لها، وتنشر معلومات تم جمعها من قنوات لها في كوريا الشمالية، عن ارتفاع بنسبة 67 بالمائة في أسعار الأرز منذ الأول من يونيو، ومضاعفة أسعار الذرة: “إن اهات وصرخات الغضب موجودة في كل مكان في الاسواق.

“يمكنني سماع بكاء الذين فقدوا المال، والذين لا يستطيعون شراء أي شيء بسبب ارتفاع الأسعار”، يشهد أحد سكان هامغيونغ في شمال شرق البلاد.
إن “انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية منتشران على نطاق واسع، 40 بالمائة من السكان يعانون من سوء التغذية”، يكشف بقلق برنامج الغذاء العالمي، أحد المنظمات الدولية القليلة الموجودة في كوريا الشمالية. الوضع “في غاية التوتر” والبلد معرض لخطر “أزمة غذائية”، اعترف كيم جونغ أون نفسه، الذي بدا أنحف إلى حد ما خلال اجتماع اللجنة المركزية. في أبريل، دعا السكان إلى قيادة “مسيرة إجبارية”، وهو تعبير سبق ان استخدم خلال المجاعة الرهيبة في التسعينات والتي قيل إنها تسببت في مقتل ما بين مليون وثلاثة ملايين شخص.

«نقطة انطلاق جديدة»
 بين بيونغ يانغ وبكين
اعتراف بالعجز لمن وعد في أول خطاب رسمي له، في أبريل 2012، بعد أربعة أشهر من وصوله إلى السلطة، بأنه لن يضطر أحد إلى شد حزامه مرة أخرى. في الواقع، تم إطلاق العديد من الإصلاحات، مثل إنشاء مناطق اقتصادية خاصة ومنح استقلال ذاتي نسبي للمزارعين.
 وتحسّن مستوى عيش الكوريين الشماليين -وخاصة في بيونغ يانغ –الى ان تفشى الوباء، رغم استمرار البؤس بعيدًا عن العاصمة. ولكن في السياق الحالي، فإن الخطة الخمسية الجديدة، التي تم الإعلان عنها بضجة كبيرة في يناير الماضي، لم تسفر عن نتائج.
ومع ذلك، فإن الذين في الغرب يفسرون رغبة كيم جونغ أون في الحوار على أنها صرخة طلبًا للمساعدة، يخاطرون بارتكاب خطا، خاصة في وقت تضاعف فيه بكين اهتمامها بحليفها المشاكس.

في مقال نُشر مؤخرًا في صحيفة رودونغ سينمون اليومية الرسمية للنظام الكوري الشمالي، أصر السفير الصيني لدى بيونغ يانغ لي جين جون على نقطة البداية الجديدة بين البلدين، والتي يجب أن تعزز اتصالاتهما  أكثر من أي وقت مضى. خبز مبارك لـ (فأر كوريا الشمالية)، الموهوبة في فنّ لعب قوة عظمى ضد أخرى، كما فعلت منذ وقت ليس ببعيد بين الصين والاتحاد السوفياتي.