لا يزال التنظيم يشكل تهديداً خطيراً على الحركة والأمن الإقليمي

هل تتعاون أمريكا وطالبان في محاربة داعش الإرهابي؟

هل تتعاون أمريكا وطالبان في محاربة داعش الإرهابي؟

لفتت عضو اللجنة الاستشارية في كلية الحرب البحرية الهندية شانثي مارييت دسوزا إلى أنه من النادر قيام الولايات المتحدة وحركة طالبان بجزم صحة الحادث نفسه.
وكتبت في مجلة “ذا ديبلومات” أنه في 25 أبريل (نيسان)، بدا المسؤولون الأمريكيون يؤكدون ادعاء طالبان بأن العقل المدبر للهجوم الانتحاري في أغسطس (آب) 2021 عند بوابة آبي من مطار كابول الدولي قد قُتل في عملية لطالبان أوائل أبريل (نيسان). وكان الهجوم قد أسفر عن مقتل 13 جندياً أمريكياً ونحو 173 مدنياً أفغانياً.
لكن الغريب، حسب الكاتبة، هو عدم تقديم كلا الطرفين اسم الإرهابي الذي قُتل، وهو عضو في تنظيم داعش-خراسان الإرهابي، لم يتم تقديم أي تفاصيل أو أدلة أخرى. وتعرّض فراغ المعلومات هذا للانتقاد، حيث أكد قائد سابق لقوات الأمن الأفغانية أن مزاعم طالبان وتأكيدها من قبل الولايات المتحدة كاذبة. قد تشير محاولة الغناء بصوت واحد إلى إمكانية وجود درجة من الالتقاء بين الطرفين، فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.
 
قائد أفغاني بارز ينفي
خدم سيد سامي سادات برتبة لفتنانت-جنرال في الجيش الأفغاني، وقاد قوات في ولاية هلمند الجنوبية خلال الأشهر الأخيرة من هجوم طالبان. في أغسطس 2021، وقبل يوم واحد من سقوط كابول بين أيدي طالبان، تم تعيينه على رأس فيلق العمليات الوطنية الأفغانية الخاصة. زعم سادات في تغريدة بتاريخ 26 أبريل (نيسان) أن العقل المدبر لهجوم بوابة آبي، وهو قائد تنظيم داعش-خراسان الإرهابي عبد الله عمر باجَواري، لا يزال على قيد الحياة. في مقابلة لاحقة مع الكاتبة يوم 12 مايو، أصر سادات على أن باجواري يرأس جناح استخبارات داعش-خراسان، ويعمل من مقاطعة كونار.
حصل باجواري على تفويض بالتخطيط للهجوم من قبل زعيم داعش-خراسان، سناء الله الملقب بشهاب المهاجر، وهو من مواليد كابول. زعم سادات أن عمليات طالبان في أبريل 2023 أسفرت عن مقتل الدكتور حسن، وهو منسق صغير لعمليات داعش في ولاية هيرات غربي أفغانستان. ونفى أي علاقة لحسن بالهجوم على بوابة آبي. تشير الكاتبة إلى أنه لا يمكن التحقق من ادعاء طالبان أو الولايات المتحدة ولا من تأكيد سادات المناقض.
 
حادثة سابقة 
تسترعي الانتباه
يصدف أن القوات الخاصة التابعة للشرطة الوطنية الأفغانية قتلت خلال عملية لمكافحة الإرهاب في منطقة أشين في أبريل 2017، قائداً كبيراً لداعش-خراسان، يُدعى سياد عمر باجواري الملقب بخطاب. ومع ذلك، تتداخل الأسماء والأسماء المفترضة للإرهابيين في التنظيمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم، ولا توجد طريقة لمعرفة ما إذا كان عبد الله عمر باجواري وسياد عمر باجواري هما الشخص نفسه.
علاوة على ذلك، في حين أن تنظيم داعش-خراسان الإرهابي قد أطلق على الانتحاري اسم عبد الرحمن اللوغاري، يبقى أنه التزم الصمت بشأن التخطيط للهجوم. وأصرت الاستخبارات الأمريكية على أن اللوغاري كان طالب هندسة في السابق وواحداً من آلاف المقاتلين الذين احتجزوا فيما لا يقل عن سجنين خاضعين لحراسة مشددة، قبل أن يتم إطلاق سراحهم عقب سيطرة طالبان على كابول.
 
بيع قصة نجاح
لا إنكار لحقيقة أن داعش-خراسان لا يزال يشكل تهديداً خطيراً على طالبان والأمن الإقليمي. ووفق بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما)، انتشر التنظيم الإرهابي من معقله الأصلي في شرق أفغانستان باتجاه جميع ولايات البلاد البالغ عددها 34 ولاية تقريباً.
ومع ذلك، ثمة تقديرات متضاربة لقوة داعش-خراسان وتتراوح بين 3 إلى 5 آلاف عنصر. ويصر سادات على أن قوة المجموعة مكونة من 7 آلاف عنصر يدعمها 2800 شخص فروا من السجنين اللذين داهمتهما طالبان في أغسطس 2021 واللذين تضمنا بعض المقاتلين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ويبقى رفض الولايات المتحدة وطالبان الإفصاح عن اسم الإرهابي المقتول سبباً أساسياً للارتباك. من الممكن أن يكون ثمة التقاء تكتيكي للمصالح بين الولايات المتحدة وطالبان. يصر سادات على أن طالبان والولايات المتحدة تحاولان بيع “قصة نجاح” – طالبان للمجتمع الدولي والولايات المتحدة لشعبها. إنما قد يكون هناك ما هو أكثر من ذلك بكثير.
 
الإعلام تحدث عنه فعلاً
بالرغم من تأكيدات طالبان بأنها تمكنت من إبقاء أنشطة داعش-خراسان تحت السيطرة، قد يكون التنظيم في طور التوسع سريعاً على الأرض. أشار تقييم تم تسريبه من البنتاغون إلى أن داعش الإرهابي يستخدم أفغانستان مرة أخرى كنقطة انطلاق لمخططات ضد الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا.
وفق سادات، يتمتع داعش-خراسان الآن بشبكة دعم في منطقتي خوزدار وخاران في بلوشستان الباكستانية وربما توغل مقاتلوه داخل الحدود الإيرانية. إذا استمرت وتيرة توسعه، فقد يظهر في العامين المقبلين بشكل أكثر خطورة مع قدرة على تنظيم الهجمات في نطاق أوسع. لا يمكن وقف هذا إلا من خلال استراتيجية فعالة لمكافحة الإرهاب في أفغانستان. لا تمتلك طالبان شبكة استخبارات متطورة لملاحقة داعش-خراسان، كما أنها تفتقر للقدرة كي تحارب التنظيم بشكل فعال على نطاق واسع.
والأسوأ من ذلك أن بعض أعضاء طالبان العاديين قد يرفضون محاربته بسبب العلاقة الآيديولوجية التعاضدية، مما يعيق بشكل خطير هدف إبقاء المجموعة تحت السيطرة. من هنا يكتسب احتمال التعاون بين الولايات المتحدة وطالبان في مكافحة إرهاب التنظيم أهمية خاصة. وقد أشارت تقارير إعلامية بالفعل إلى هذا الاحتمال. لكن هذا الأمر سيف ذو حدين.
 
تذكير مصاحب
في حين أن مثل هذا التعاون يمكن أن يوقف داعش، فإنه قد يضفي أيضاً الشرعية على طالبان ونظرتها العالمية وسياساتها الرجعية. يمكن أن تؤدي مخاطر الاعتراف بطالبان من دون تحديد أي نتائج عملية مجدولة زمنياً إلى نتائج سلبية ذات طبيعة مختلفة حسب دسوزا.
بينما من الممكن أن يصبح التعاون في مكافحة الإرهاب ضرورياً بالفعل، يتوجب أن يكون مصحوباً بالتذكير بموقف الولايات المتحدة من قضايا كالحوكمة وعدم الإقصاء السياسي وحماية حقوق النساء والأقليات، وكلها ضرورية لمنع انزلاق أفغانستان إلى المزيد من دوامة الإرهاب والتطرف العنيف.