ضمان أمنها مع الأمريكان أو علاقات جيدة مع بكين:

هل ستنضم كوريا الجنوبية إلى الرباعية؟ الصين قلقة...!

هل ستنضم كوريا الجنوبية إلى الرباعية؟ الصين قلقة...!

• تحالف متعدد الأطراف مناهض للصينيين في شرق آسيا لن يؤدي إلا إلى زيادة المواجهة في المنطقة
• يمكن أن تشعر الصين بالقلق من أن ترى نفسها محاصرة من المحيط الهادئ إلى المحيط الهندي
• قرار كوريا الجنوبية بشأن الانضمام إلى الرباعية من عدمه معقّد للغاية
• هاجس الصين: تشكيل ناتو جديد في آسيا لإحباط طموحاتها في الهيمنة الإقليمية


هذا هو هاجس الصين: تشكيل ناتو جديد في آسيا لإحباط طموحاتها في الهيمنة الإقليمية. وهذا "الناتو" هو برعم صغير الان ممثلا في الرباعية، وهو منتدى أمني أنشأته الولايات المتحدة مع اليابان والهند وأستراليا. الخطوة التالية لظهور منظمة أمنية متبادلة حقيقية؟ اندماج كوريا الجنوبية. لكن سيؤول تواجه معضلة: ضمان أمنها مع الولايات المتحدة، أو الحفاظ على علاقات جيدة مع جارتها الصينية القوية، التي تعتبر ضرورية لتأطير خطر كوريا الشمالية؟ يمكن لبعض التطورات الجديدة أن تقلب الكفّة نحو الرباعية.

وفقًا لما نقلته صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست عن دبلوماسيين، فقد اتصلت بكين بسيؤول لتستوضح حول تفكير جار داخل حكومة كوريا الجنوبية بشأن توسيع محتمل الى كوريا الجنوبية للـ "كواد"، هذا المنتدى الأمني الذي يجمع الولايات المتحدة، واليابان والهند واستراليا. ومن شأن هذا أن يؤكد إقامة الناتو الآسيوي الجديد على أبواب الصين. ونقلت صحيفة هونغ كونغ اليومية الصادرة باللغة الإنجليزية عن هؤلاء الدبلوماسيين قولهم في 17 أبريل، إن السلطات الصينية اتصلت بحكومة كوريا الجنوبية في الأسابيع الأخيرة لإلقاء الضوء على موضوع حساس بشكل خاص. حتى الآن، أبلغتهم سيؤول أنها لم تتلق بعد أي دعوة من هذا القبيل.

هكذا تبدأ عادة حرب ساخنة
تأسس "الكواد"، وهو الحوار الأمني الرباعي بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والهند، في مايو 2007. وهو مصدر قلق كبير للصين ومحلليها. يقول تشيان يونغ، الأستاذ المساعد في المعهد الكوري في جامعة تشجيانغ، إن "الولايات المتحدة تتودد إلى كوريا الجنوبية منذ بعض الوقت وتسعى إلى دمج تحالفاتها مع طوكيو وسيؤول في تحالف ثلاثي جديد". وإذا انضم الكوريون الجنوبيون إلى المجموعة الرباعية، فستكون هناك احتمالات كبيرة بأن تؤدي هذه العملية إلى ثلاثية، أي بعبارة أخرى، حلف شمال أطلسي صغير في شرق آسيا، الأمر الذي من شأنه أن يشكل بعض التحدي لأمن الصين. "

   بالنسبة إلى بي ينجدا، الباحث الخبير في الدراسات الكورية في جامعة شاندونغ، فإن من شأن مثل هذا التحالف، أن يضع الصين تحت ضغط شديد، وسيكون له عواقب زيادة مخاطر الصراع: "تحالف متعدد الأطراف مناهض للصينيين في شرق آسيا لن يؤدي إلا إلى زيادة المواجهة في المنطقة. وسيتبع ذلك تقارب بين الصين وروسيا، وستختار بكين بعد ذلك الوقوف إلى جانب كوريا الشمالية بشأن قضية شبه الجزيرة الكورية. وإذا جاء ذلك اليوم، فإن هذا الوضع يمكن أن يتصاعد بسهولة إلى مواجهة بين المعسكرين. تاريخيا، هكذا تبدأ الحرب الساخنة عادة. "

    وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، مرارًا وتكرارًا، إن المجموعة الرباعية تتخذ شكل ناتو جديد، وقد أصبحت تشكل تهديدًا خطيرًا للأمن الإقليمي. واتهمت بكين واشنطن أكثر من مرة بتشكيل "زمرة" لمنع صعود الصين. ويصادف أيضًا أن العديد من الدول الأوروبية، منها فرنسا، شاركت مؤخرًا في مناورات مع الدول الأعضاء في المجموعة الرباعية في بحر الصين الجنوبي، وأبدت عزمها على الانضمام إلى خطة منسقة مع الهند وأستراليا في المنطقة.

   ونقلت صحيفة هونغ كونغ ذاتها عن شي ين هونغ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة رينمين في بكين، قوله إن "الرباعية زودت الولايات المتحدة وحلفائها بإطار عمل متعدد الأطراف مثالي لاحتواء الصين في المستقبل". ووفقًا لتانغ شياويانغ، أستاذ آخر للعلاقات الدولية في جامعة تسينغهوا في بكين، يمكن أن تشعر الصين بالقلق من أن ترى نفسها محاصرة من المحيط الهادئ إلى المحيط الهندي: "أعضاء" العيون الخمس " مجموعة من البلدان لتبادل المعلومات الاستخباراتية العسكرية  مثل المملكة المتحدة وكندا ونيوزيلندا قد تكون مهتمة بالمشاركة. "

نقلة نوعية مزدوجة
إن قرار كوريا الجنوبية بشأن الانضمام إلى "الرباعية" من عدمه، معقّد للغاية. من ناحية، يصطدم بالعلاقات الجليدية بين سيؤول وطوكيو بسبب إرث الاستعمار الياباني لشبه الجزيرة الكورية، والذي لا يزال يثير استياءً قويًا للغاية ضد اليابان على الأراضي الكورية الجنوبية.
   عقبة أخرى، حاجة سيؤول للحفاظ على دعم الصين في ملف كوريا الشمالية. يمكن لبكين أن تلعب دورًا في القرارات التي سيتخذها كيم جونغ أون أم لا. لكن العديد من المراقبين الكوريين الشماليين يعتقدون أن تأثير الصين الحقيقي على زعيم بيونغ يانغ لا يزال محدودًا للغاية، وقد أظهر الأخير في عدة مناسبات أنه يفعل ما يشاء.

    ولكن تم تغيير معطيين مؤخرًا يمكن أن يسهّلا على كوريا الجنوبية دخول "الرباعية". أولاً، القرار الذي اتخذته محكمة سيؤول في 21 أبريل برفض شكوى قدمتها "نساء المتعة" السابقات، الكوريات الجنوبيات اللاتي تعرضن للاستعباد الجنسي للجنود اليابانيين أثناء الاحتلال الياباني لشبه الجزيرة... وبالتالي، ألغت المحكمة حكمًا سابقًا كان يأمر طوكيو بدفع تعويض وإصدار اعتذار رسمي.

المعطى الثاني بصدد الانقلاب: بداية توضيح من الحكومة اليابانية بشأن الالتزام الذي يمكن أن تتخذه قوات الدفاع عن النفس إلى جانب الولايات المتحدة في حال الغزو الصيني لتايوان. في بيانهما المشترك، أعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا، عن قلقهما المشترك بشأن التهديد الصيني لفورموزا القديمة.

 وأعلنت طوكيو أولاً أن هذا الإعلان لا يفترض مسبقًا اشتباكًا مسلحًا من جانبها في حال حدوث غزو صيني. لكن في وقت لاحق، زعمت وكالة كيودو اليابانية، أن اليابان تدرس في الواقع جدوى إصدار أمر لطائراتها المقاتلة لحماية السفن الأمريكية في حال حدوث أزمة بين الصين وتايوان.
   وينبع هذا الاستنتاج من قرب اليابان من تايوان والصين واحتمال أن يشكل الصراع المسلح تهديدًا للشعب الياباني، كما تعتقد وكالة الأنباء. ويعتبر تاكاشي تيرادا، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دوشيشا في كيوتو، إن تصريحات يوشيهيدي سوجا ألمحت إلى إمكانية اشتباك عسكري ياباني بشأن تايوان.

    ومع كل هذا، ماذا سيفعل رئيس كوريا الجنوبية مون جاي إن في واشنطن، حيث سيستقبله نظيره الأمريكي؟ سيؤكد الرجلان بالطبع على قوة التحالف بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية... لكنهما قد لا يتوقفان عند هذا الحد.
-------------------------
مؤلف حوالي خمسة عشر كتابًا مخصصة للصين واليابان والتبت والهند والتحديات الآسيوية الرئيسية. عام 2020، نشر كتاب "الزعامة العالمية محوره، الصدام بين الصين والولايات المتحدة" عن منشورات لوب.