هل سنلتقي على زوم أم سنلتقي في المقهى؟ مناقشة لمستقبلنا الاجتماعي في النادي الثقافي العربي
ضمن لقاءاته الثقافية الأسبوعية خلال شهر رمضان الفضيل، نظم النادي الثقافي العربي في الشارقة مساء أول أول أمس جلسة نقاشية عن بعد، حول مستقبل المجالس واللقاءات الاجتماعية ما بعد جائحة كوفيد 11، تحت عنوان "هل سنلتقي على زوم أم سنلتقي في المقهى؟" لمناقشة هل سيستمر الناس في إجراء اجتماعاتهم ومجالسهم على تطبيقات الاجتماعات والمؤاتمرات الرقمية التي تكثفت انتشرت أيام جائحة كوفيد19 أم سيعودون إلى لقاءاتهم الحية على أرض الواقع؟ وقد تحدث في هذه الندوة الدكتور عمر عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة النادي والكاتب الصحفي محمد أبو عرب المتخصص في صناعة المحتوى الإعلامي، والأستاذ حسن محمد بركية الصحفي المتخصص في القضايا الصحية والإعلام الجماهيري،
وأدار الندوة الكاتب والإعلامي مصطفى الحفناوي الذي تحدث عما فرضته هذه الجائحة على العالم كله من نمط حياتي جديدٍ على مختلف الأصعدة، جعلت اللقاءات والأعمال والدراسة كلها تتم عن بعد، وعبر تطبيقات رقمية تسمح بإقامة تلك الاجتماعات وأن يتعاطى الناس من خلالها بشكل مباشر، يضمن التباعد الصحي المطلوب، وتساءل الحفناوي هل سيستمر هذا الوضع بعد انتهاء الجائحة التي بدأت تباشير نهايتها تلوح في الأفق مع انتشار اللقاحات ضدها؟ هل سيعود الناس مرةً أخرى للمقاهي والاجتماعات الحميمة بالقدر نفسه الذي كان قبل الجائحة؟ وغيرها من الأسئلة الشائكة كسيطرة التكنولوجيا على حياتنا، وهل التكنولوجيا فعلاً تقربنا وتجعل من العالم قرية صغيرة، أم تهدد مجتماعتنا وتخلق ما يسمى في علم الاجتماع "اغتراب المنزل" فيصير الشخص مهما تواصل مع غيره عبر برامج الاتصال الرقمية في عزلةٍ ووحدةٍ وتشتت أسير مساحته الخاصة. الدكتور عمر عبد العزيز قال إن التكنولوجيا الآن أصبحت تسيطر على كل مناحي الحياة،
وأن الأمرَ ليسَ مقتصراً على ما حدث خلال الجائحة من اعتمادٍ شبه كلي عليها، سواء فيما يخص برامج الاتصال الاجتماعية أو الأعمال والوظائف عن بعد، منوهاً أننا نعيشُ وضعاً لم يعد استثنائياً، بل أصبح هو القاعدة،وتوقع أنه في السنوات القليلة سيشهد الناس تطورات كثيرة في مجال التكنولوجيا والتواصل من على بعد، واستدرك أنه برغم كل ذلك التحول ستظل اللقاءات والمجالس الاجتماعية وجلسات السمر على المقاهي قائمة، لأن هذه اللقاءات والفضاءات تمنح الإنسان قسطاً جيداً من الراحة، وتقلل عنه من أعباء الحياة اليومية المتسارعة والممتلئة بالمشاغل، وهي بمثابة وحدة مجتمعية صغيرة شأنها شأن الأسرة، فكما أن المستحيل اختفاء منظومة الأسرة، من المستحيل أيضاً اختفاء المقاهي والمجالس الاجتماعية واللقاءات الاحتفالية بكل أشكالها من حياة الناس بعد كورونا. محمد أبو عرب تحدث بدوره قال في مستهل مداخلته إن الرقمية أصبحت جزءا من حياتنا، وربما هي الجرء الأكبر، وإن ما أصبح المؤتمرات الرقيمة "الكوفرانس ويب" سوف تستمر كويسلة اجتماعات لتسيير شؤون الأعمال لدى الشركات والمؤسسات، وكوسيلة لقاء اجتماعي في بعض الأحيان، وأكثر من ذلك ستلعب الرقمية دورا أكبر في الحياة الفكرية والفنية والأدبية للمجتمعات من خلال تيارات الفن والأدب الرقمية التي بدأت نماذجها في الغرب أثناء الجائحة، وهو نوع من الفن والأدب الذي يتجاوز الفن والأدب التقليدي إلى الأعمال الرقمية المشفرة بأنظمة تطبيقية، لا يمكن اختراقها، وضرب أبو عرب مثالا بلوحة "كل يوم- أول 5000 يوم" للفنان الأميركي مايك وينكلمان المعروف بـ بيبل التي بيعت بمقابل 69.3 مليون دولار، وهي عبارة عن مجموعة من 5 آلاف صورة فردية، تم تصميم كل منها عبر الكمبيوتر بشكل يومي على مدار أكثر من ثلاثة عشر عاما.
حسن محمد بركيه تحدث عن إيجابيات التواصل الاجتماعي الفضائي، الذي وفر بدائل للتواصل والعمل، وسريان الحياة بشكل طبيعي، وأنقذ العالم من توقف كان سيكون أسوأ وانعكاساته أشد لو لم تتوفر تلك التطبيقات، وقال بركيه إن المجتمعات لن تتأخر في العودة إلى نمط حياتها التقليدي في التواصل والاجتماع وإقامة المناسبات الاجتماعية، فاللقاء الاجتماعي جزء من روح المجتمع، ولا يتصور أن يتخلى عنه، وستظل الحاجة إليه أكثر للترفيه والخروج من العزلة التي تفرضها التكنولوجيا عبر تطبيقات العمل والوظيفة، وحتى عبر الهاتف الذكي الذي أصبح صديقا ورفيقا مؤنسا للإنسان، فسيظل الخروج من ذلك الواقع إلى اللقاءات المادية حاجة لتسير الحياة الإنسانية بسلام.