محاولة الانقلاب في بنين يكشف المستور

هل عادت فرنسا لاعباً أمنياً في غرب أفريقيا؟

هل عادت فرنسا لاعباً أمنياً في غرب أفريقيا؟


في اللحظات الأولى لاندلاع محاولة الانقلاب في بنين فجر 7 ديسمبر-كانون الأول، لم تكن  باريس بعيدة عن المشهد؛ حيث تابع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التطورات لحظة بلحظة عبر اتصال هاتفي مع نظيره البنيني باتريس تالون، بينما كانت القوات الخاصة الفرنسية في كوتونو توضع في حالة تأهب قصوى.
وبحسب مجلة «جون أفريك»، أكدت مصادر فرنسية أن ماكرون أعلم تالون بتمركز عناصر من القوات الخاصة في العاصمة الاقتصادية لبنين، في خطوة تعكس استعداد باريس للتدخل السريع إذا تطلب الأمر.
وأشارت إلى أن الرئيس الفرنسي فتح قناة تواصل ثانية مع الرئيس النيجيري بولا تينوبو، داعما طلبات كوتونو بالحصول على مساندة إقليمية لوقف التمرد.
وفي تصريحات موجزة، اكتفى ماكرون بالحديث عن «تضامن فرنسا في مواجهة التحديات الأمنية، وخاصةً التهديد الإرهابي في الشمال»، دون الإشارة مباشرةً إلى المواجهات المستمرة قرب القصر الرئاسي ومحطة التلفزيون الوطنية.
على الأرض وفي الجو، كانت بصمة باريس واضحة؛ فقد قدمت أجهزة الاستخبارات الفرنسية دعماً فنياً لقوات الدفاع والأمن البنينيـة، فيما رُصدت طائرة مراقبة من طراز «بيتش كرافت 350» تقوم بطلعات متكررة فوق كوتونو.
وتعد الطائرة التي تشغلها شركة CAE Aviation، إحدى أهم أدوات الرصد التي تعمل «لصالح منظمات حكومية مختلفة»، بينها القوات الجوية الفرنسية.
المعلومات التي جرى جمعها تم تمريرها، وفق مصادر مطلعة، إلى القوات الجوية النيجيرية التي نفذت ضربات دقيقة استهدفت قاعدة تابعة للحرس الجمهوري تحصن بها الانقلابيون قبل فرارهم. العلاقات الدفاعية بين فرنسا وبنين ليست وليدة الأزمة، فمنذ عام 1977 تربط البلدين اتفاقيات تعاون جرى تحديثها مع تصاعد تهديد المتطرفين منذ 2019 شمالي البلاد. 
وبعد خروج باريس من منطقة الساحل ونهاية عملية «برخان»، أصبحت بنين أحد أهم شركائها الأمنيين؛ كما سهّلت باريس حصول كوتونو على معدات عسكرية، ورسّخت التعاون في مجال التدريب. 
ويتواجد عسكريون فرنسيون كمستشارين ومدربين، خصوصاً في معسكر ألادا شمال كوتونو، حيث يجري إعداد القوات المخصصة لخط المواجهة مع الجماعات المتطرفة.
ورغم ذلك، تواصل كل من باريس وبورتو نوفو نفي وجود قواعد فرنسية عاملة فوق الأراضي البنينية، وهذه مسألة تُطرح بكثافة في الرأي العام المحلي.
يبقى الدور الفرنسي في محاولة الانقلاب الفاشلة ضمن دائرة «الدعم الحاسم دون تدخل مباشر»؛ فباريس التي فقدت نفوذها العسكري في الساحل تسعى الآن إلى ترسيخه في خليج غينيا، حيث يتنامى خطر التطرف.
وفي المقابل، تعتمد بنين على فرنسا كضامن أمني وشريك استخباراتي في مواجهة تهديدات داخلية وخارجية متشابكة.